تحقيق عسكري
رجاله ينتشرون بقاعًا حاملين الأمان ووعد الانتصار
هو من ألوية الجيش العريقة التي تمتلك خبرة كبيرة في القتال، بعد أن خاضت الكثير من المعارك ونفّذت مهمات صعبة، وقدّمت خيرة رجالها شهداء... لواء المشاة السادس المتمركز حاليًا في البقاع، ينتشر رجاله في مساحة واسعة من الوطن حاملين لأبنائه وعد الانتصار على الإرهابيّين، ومحقّقين أينما حلّوا، الأمان والاطمئنان.
... حتى قبل عرسال
في قيادة اللواء السادس في بعلبك يستقبلنا قائده العميد الركن المغوار فادي داوود، وبكثير من الاعتزاز والثقة يتحدّث إلينا عن طبيعة المهمّات التي يتولاّها، وقطاع انتشاره، والدور الأساسي الذي يضطلع به في منطقة البقاع التي تشهد منذ فترة الكثير من الأحداث.
«المرحلة الأبرز في مسيرة اللواء الحالية لم تبدأ مع معركة عرسال وتنفيذ الخطّة الأمنية في البقاع، بل كانت حتى قبل عرسال... فاللواء منتشر في البقاع منذ العام 2010، ومنذ ذلك الحين ونحن ننفّذ مهمّات شكّلت معالم «الخطّة الأمنية» التي تحدّثت عنها وسائل الإعلام»، يشرح قائد اللواء، وتظهر جليّةً على ملامح وجهه ثقته بلوائه وبعسكريّيه وبإنجازاتهم.
يتابع الحديث عن هذه المهمّة قائلاً:
«لقد كان اللواء منتشرًا في عرسال وجرودها ومسيطرًا على النقاط الحاكمة فيها، قبل تمركز اللواء الثامن في المنطقة وبدء المعارك. ونظرًا إلى كثرة المهمّات الملقاة على عاتقنا، تمّ تقليص قطاعنا، لكن ثلاث سرايا من اللّواء وضعت تحت القيادة العملانية للّواء الثامن. يتمّ تبديلها كل فترة، علمًا أنّ عسكريينا على دراية تامّة بالمنطقة نظرًا للفترة الطويلة التي أمضاها اللواء فيها».
الخطة الأمنية عمل يومي متواصل
حين نتطرّق إلى الحديث عن الخطّة الأمنية التي نُفِّذَت في البقاع، ونسأل عن دور اللواء فيها، يوضح العميد الركن المغوار داوود قائلاً: «إنّ ما يسمعه الناس عن خطة أمنية شيء، والعمل على الأرض شيء آخر، فنحن ننفّذ الإجراءات التي أعلن عنها في الإعلام أخيرًا منذ سنوات. العمل الأمني هو عمل يومي لا يتوقّف، وعسكرنا لا يهدأ ولا يرتاح... لكن عمله يتمّ بصمتٍ وسرّية. أمّا تسليط الضوء على هذا العمل حين يعلن عن خطة أمنية فهو أمر يضع تعب العسكريين أمام أعين الناس ويجعلهم يدركون كم يتعب عسكريّونا وكيف يبيتون في الصقيع والثلج، ويؤدّون مهمّتهم من ساعات الصباح الأولى وحتى آخر الليل من دون مأذونيات ولا استراحة، وبقناعة غير اعتياديّة!».
وإذ يؤكّد قائد اللواء أنّ روحيّة الجيش لا تتوافق مع التصاريح الإعلاميّة، يشير إلى أنّ «قواه هي أساس كل مهمّة أمنيّة تُنفَّذ في أي منطقة. لكن التحرّك وفق خطّة أمنيّة محدّدة كما حصل في البقاع أخيرًا، يؤمّن التعاون بين مختلف الأجهزة الأمنيّة. فكل جهاز ينفّذ المهمّة التي تتوافق مع اختصاصه، لذلك تتولّى بعض القوى الطوق الخارجي، وتعمل أخرى على الفصل بين الأحياء الداخلية، أمّا قوانا العسكرية فتقوم بعمليات الدهم والتوقيفات».
ماذا أقول...
• ما هي الصعوبات التي واجهتموها خلال تنفيذ هذه الخطّة الأمنية؟
- كل شيء كان صعبًا، ولكننا اعتدنا الصعوبات فباتت ظروفًا عاديّة بالنسبة لنا! عن ماذا أحدّثكم؟ عن الظروف المناخيّة القاسية، أو عن أوضاع العسكريّين وظروفهم الحياتيّة، أم عن انتشارنا على الحدود لحمايتها ووجوب التفرّغ للداخل في الوقت عينه...؟ على الرغم من كل ذلك، نفّذنا المهمّات بنجاح مبهر حتى بات البقاع من أكثر المناطق أمانًا. فالأحياء والأماكن التي كانت عصيّةً على القانون ويخشى المواطنون المرور فيها، دخلنا إليها. أوقفنا عددًا كبيرًا من المطلوبين ذوي السجلاّت الحافلة بالجرائم، وقمنا بتلف كميات كبيرة من الحشيشة إضافةً إلى ضبط الممنوعات ومكافحة عمليات التهريب والسرقة على أنواعها... وبالنتيجة قمعنا المظاهر المخالفة للقانون والتي تشكّل خطرًا على المواطنين وتهدّد أمنهم في بعض المناطق البقاعية التي باتت معروفة.
• ما هو الوضع على الحدود؟
- تنتشر وحدات اللواء في قطاع يمتدّ من السلسلة الغربية غربًا إلى الحدود اللبنانية- السورية شرقًا وخصوصًا بين جرود يونين وجرود معربون وتتمركز على «المرتفعات الحاكمة» والطرقات المؤدّية إليها حيث المعارك محتملة دائمًا هناك، لذا نحن في جهوزية دائمة للتصدّي لأي طارئ... قد يوقع الإرهابيّون خسائر في صفوفنا، لكنهم لن يستطيعوا الاقتراب من مراكزنا.
في هذه المناطق الجردية صعوبات جمّة يعمل اللواء على تذليلها وإزالة كل ما يعيق مهمّته وفق ما يفيدنا قائده العميد الركن داوود، وهو يقول: الظروف المناخية قاسية جدًا، جرّافة الـD9 (وهي من أكبر الجرّافات) لم تستطع التحرّك خلال الشتاء والثلوج، مع ذلك كان عسكريّونا يبيتون في هذه الجرود، ويتكيّفون مع «الصقيع المميت» وطبيعة الأرض الوعرة وضيق الطرقات وتعرّجها وسوى ذلك...
• كيف يتعاطى أهالي المنطقة مع انتشاركم فيها؟
- السكان بغالبيّتهم موالون للجيش، وإنّما ثمّة بعض الخلايا والأورام الخبيثة التي حين نتخلّص منها تهدأ المنطقة. الناس يحبّون الجيش ويتعاونون معه خصوصًا في عمليات توقيف المطلوبين، وعلى الرغم من الحيثيّة العشائريّة التي تطغى على حيثيّات أخرى في هذه المنطقة، يدرك أهلها أن لا بديل عن سلطة الدولة وأن المؤسسة العسكرية لا تكنّ أي ضغينــة لأحــد، بــل تســعــى إلى إزالــة كــل ما يهــدّد أمنهــم وأمانهـم.
مهمّتان دقيقتان ومختلفتان
• ما هي التدريبات التي تحتّمها طبيعة المهمّات في هذه المنطقة؟
- بسبب جغرافية الأرض وطبيعة المهمّات التي ننفّذها، على العسكري امتلاك العديد من المهارات الخاصّة. فهو ينفّذ مداهمات صعبة في مناطق سكنيّة وبالتالي يحتاج إلى تقنيات القتال في الأماكن الآهلة، وينفّذ مهمّات قتالية في الجرد تتطلّب تقنيات القتال الجبلي... هاتان المهمّتان بالغتا الصعوبة والدقّة وفي الوقت عينه مختلفتان.
انطلاقًا من هذا الواقع ننفّذ التدريبات اللازمة، وقد أنشأنا مجموعة قنّاصين جُهِّزَت بالسلاح المتخصّص والآليات المناسبة للتنقّل على الثلج، بالإضافة إلى كل التدريبات الأساسيّة من علم أسلحة، وعلوم عسكريّة، وقتال حراب، وحواجز ودوريات، وتقنيات قتال في الأماكن الآهلة، وقتال في الجبال، وتقنيات المداهمات والاستطلاع، والتعامل مع الطوافات والآليات، والانتقال الحذر، وتوقيف المطلوبين، وحماية المواكب وغيرها... علمًا أننا نركّز على التدريب بلفائف تكتية تؤمن العمل المتجانس بين وحدات المشاة والدبابات.
في هذا الإطار خضعت مجموعة من نخبة عسكريّي اللواء لدورات متخصّصة صقلت مهاراتهم ومعارفهم فأصبحوا بدورهم مدرّبين، وبذلك تمكّنا من توحيد لغة التدريب في اللواء. كذلك أنشأنا حضيرة طوارئ تضمّ عناصر من مختلف الكتائب، وهي تتحرّك بسرعة كبيرة إلى مكان الحدث عند وقوع أي طارئ. وبذلك تخطّينا صعوبة عدم القدرة على التحرّك السريع التي تواجه أي لواء منتشر على الأرض بملاّلاته الثقيلة.
• وكيف تقوّمون أداء العسكريّين؟
- إنّ القول إنّنا وصلنا إلى الكمال في هذا الإطار هو أمر مبالغ فيه. ولكن إذا نظرنا إلى الظروف التي نؤدّي فيها مهمّاتنا، وإلى الأخطار التي نواجهها، وما هو متوافر لنا من سلاح وعتاد، فلا يمكننا سوى أن نثمّن هذا الجهد الجبّار لعسكريّينا.
وأضاف قائلاً: «عسكريّونا يملكون الإيمان والقناعة بقضيّتهم وهم ملتزمون قسمهم إلى أقصى درجات الالتزام وأشرفها، والملفت فعلاً هو أن العسكري كلّما تقدّم في السنّ وزادت سنين خدمته، كلّما «جوهر» وأصبح قيمة مضافة لدينا... ولا أدري إن كنّا نحن نوعيّة مميّزة أم أنّ الظروف هي التي تستخرج منّا أفضل أداء».
غرفة عمليات بنظام رائد
• ما هي أبرز المستجدّات على صعيد اللواء؟
يأخذنا قائد اللواء في جولة كانت جوابًا عن سؤالنا: فعلى الرغم من كثافة مهمّاته وحجم انتشاره، قام اللواء باستحداث مبانٍ وفّرت ظروفًا أفضل لأداء العمل، ولكن الإنجاز الأهم كان غرفة العمليات الجديدة التي تضمّ شبكة تربط الأقسام الأربعة، وتؤمّن التواصل مع الكتائب ومع قيادة اللواء المربوطة بشبكة قيادة الجيش. وهذا النظام مهمّ جدًا، والطريقة التي طُبِّق فيها في اللواء جعلته رائدًا إذ تمّ إغلاق كل مخارج المعلومات وحصر تبادل الملفات بالشبكة.
في غرفة العمليات خرائط تمثّل مختلف قطاعات اللواء ومراكز انتشار قواه، وصور بانوراميّة للجبهة مع الممرات الإلزامية التي يمكن أن تتعرّض للتسلّل، بالإضافة إلى الكمبيوترات التي تساعد في عمليات المراقبة وتوفّر التواصل السريع مع قيادة الجيش. كما أن أجهزة الإشارة القديمة استبدلت بشبكة متكاملة تعمل حتى في الأماكن النائية، ويصعب تعقّب موجاتها.
في موازاة غرفة العمليات، لدى اللواء عدّة آليات تشكّل غرفة عمليات متنقّلة. وأخرى، يتمّ تحديثها وتجهيزها حتى تصبح قادرة على حمل كــل أدوات غرفة العمليات الأساسية حين يتطلّــب الوضع ذلك.
في الكتيبة 62...
في إطار المواكبة المستمرّة لأوضاع القطع في اللواء، تعرض إيجازات دوريّة يتابعها قائده وأركانه وضباط الكتيبة المعنيّة، وقد حالفنا الحظ بمتابعة الإيجاز الذي قدّمه قائد اللفيف التكتي 62، شارحًا بالتفصيل واقع اللفيف وتجهيزاته. بعد الإيجاز يُصار فورًا إلى حلّ أي مشكلة وتذليل أي صعوبة، وبذلك تتحقّق الجهوزية...
انتهت زيارتنا بمأدبة غداء في كنف الكتيبة 62، وغادرنا حاملين تحيّة قائد اللواء إلى ضباط اللواء وعسكريّيه «الذين يحملون عبئًا كبيرًا على أكتافهم، وعائلاتهم تدفع ثمن الأمن الذي ينعم به المواطنون».
عزم وتصميم وإصرار
تمّ إنشاء لواء المشاة السادس في العام 1983، وشعاره يتألّف من اللونَين الأزرق من الأعلى والأحمر من الأسفل، يتوسّطهما رأس كبش ذهبي مع ذيل ناري للدلالة على إرادة الهجوم والاقتحام بكل عزم وتصميم وإصرار.
اعتبارًا من 30/7/2010 انتشر اللواء في القطاع المحدّد له (بعلبك- الهرمل). وبعد تعديل (في العام 2014)، أصبح قطاع انتشاره يشمل شمسطار، طليا، نبحا، وحدوده على النحو الآتي:
- شمالاً: نبحا- رسم الحدث.
- شرقًا: الحدود السورية من جرود يونين وحتى جرود معربون.
- غربًا: عيناتا- اليمونة- مزرعة بيت صليبي.
- جنوبًا: شمسطار- حوش النبي- الخريبة- معربون.