- En
- Fr
- عربي
وجهة نظر
يقابلها «انسحابات أولًا» و«انغلاق» على ضفّتَي الأطلسي.. يقابله انفتاح عبر ضفّتَي المتوسط
الثنائي الألماني - الفرنسي يحنّ إلى الجوار السوري
بين برلين وبيروت بوادر صفحة جديدة، تتفتّح أكمامها بهدوء، وتتّضح معالمها شيئًا فشيئًا، على وقع حماسة غير معهود من لبنانيين متعاطفين مع الفريق الألماني في مونديال روسيا. وقد تحسّست المستشارة آنجيلا ميركل العاطفة الجيّاشة، وهي الملمّة جيدًا بنبض الشارع اللبناني من خلال التقارير التي ترٍدُها من البعثة الدبلوماسيّة الألمانية في بيروت، حيث المساحات التي تحجبها الأعلام الألمانيّة عن أشعة الشمس لا يستهان بها في أرجاء لبنان. وقد عكست حرارة الاستقبال هذا الواقع، وشعرت ميركل وهي تطأ أرض مطار رفيق الحريري الدولي، بأنها في بلد صديق،على الرغم من أن الصداقة لم تبلغ بعد مرحلة البلوغ!
كسرت زيارة ميركل، النمطيّة السائدة التي تطبع العلاقات اللبنانية – الأوروبيّة، ذلك أن فرنسا تحتلّ موقعًا خاصًا بحكم التاريخ، والخصائص الثقافيّة – الحضاريّة المشتركة، تليها سائر الدول في منظومة الاتحاد الأوروبي، خصوصًا تلك المشاركة في إطار القوات الدوليّة العاملة في الجنوب (اليونيفيل). إلّا أن ألمانيا قد تسلّلت على ما يبدو، من موقع الوسط، إلى وضعية الهجوم، نتيجة الحراك الذي قاده الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير عندما كان وزيرًا للخارجيّة، في منتصف أيار من العام 2015، يومها قام بزيارة عمل رسميّة إلى لبنان، ووضع حجر الأساس لصرح لم تكتمل معالمه بعد، عنوانه: «التعاطي مع ملف النزوح وفق استراتيجيّة مرنة». وعندما انتُخِب رئيسًا لألمانيا خصّ لبنان بأول تحرّك خارجي، ووصل في 30 كانون الثاني الماضي ترافقه زوجته السيدة الكه بدنبندر، ووفد رسمي رفيع، واستمرت الزيارة مدة ثلاثة أيام، وكانت مميّزة، بحيث شملت إلى كبار المسؤولين، فعاليات اقتصاديّة، وروحيّة، وأكاديميّة، وثقافيّة، وكانت لزوجته لقاءات حواريّة، خصوصًا مع قضاة وحقوقيين، تناولت دور القضاء في التنميّة الاقتصاديّة، وترسيخ مبادىء السلام والاستقرار، من خلال تطبيق مبادئ العدالة بشفافية.
رحّب لبنان يومها بالضيف من منطلقات بروتوكوليّة – تفاؤليّة باعتبار: «أنه أول ضيف رسمي على هذا المستوى يزور لبنان مع بداية الـ2018»، فيما احتلت السيدة ميركل المرتبة الثانية، حيث وصلت إلى بيروت، بعد مرور ستة أشهر على زيارة الرئيس شتاينماير، وسط تساؤلات حول الأبعاد، والاهتمام الألماني المفاجىء بلبنان...
الأسباب والدوافع
يؤكد بعض الملمّين بالسياسة الألمانية الخارجية أن شتاينماير هو مهندس الانفتاح باتجاه لبنان والأردن، وهذا ما أهّله لأن يخوض المباراة، ويفوز بالمنصب الشرفي الأول في البلاد تقديرًا لإنجازاته الدبلوماسيّة، وقد ساهم في رسم خطّ عودة ألمانيا بقوة إلى الشرق الأوسط عبر الواجهتين اللبنانية والأردنيّة. يومها كانت دوائر القرار في برلين متفهّمة، لكنها غير متحمّسة، وقد ثمّنت عاليًا نظرته الانفتاحيّة على المربعين اللبناني والأردني، وإنّما الأولويات الأمنيّة والاقتصاديّة كانت منصبّة على معالجة ملفين حسّاسين: حجم النزوح في حنايا الضلوع الألمانيّة، وتداعياته الأمنيّة، والاقتصاديّة، والثقافيّة. ثم الأزمة المتفاقمة على ضفتي الأطلسي بعد وصول الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
وكانت المستشارة ميركل المسؤول الأوروبي الثاني، بعد رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي، الذي خفّ الخطى باتجاه واشنطن لتهنئة الرئيس، والتفاهم معه على سلّم الأولويات، لكن حسابات الحقل الألماني لم تتوافق وحسابات البيدر الأميركي، ذلك أن ترامب سارع إلى تسجيل ضربة جزاء في المرمى الألماني عندما اتهم برلين بالتقاعس عن تسديد ما يتوجب عليها كي تنعم بالأمن الذي يوفّره حلف شمال الأطلسي. لقد كان حازمًا، واستخدم التعابير المروّسة عندما قال: «يريدون الأمن، ولا يريدون المساهمة كما يجب في تمويل صندوق الحلف، لكنني أنذرهم (الألمان والفرنسيين) فإما أن يرفعوا نسب مساهماتهم، أو أبادر إلى حلّه؟!».
غياب الودّ بين الحلفاء
غاب الودّ عن حديث ترامب إلى حلفائه الأوروبيّين، إلّا أن ميركل لم تتقبل الصفعة، وردّت بنبرة عالية «نحن من يلقّن الدروس، ولسنا من يتلقّنها؟!»، لكن عامل الوقت لم يكن مساعدًا على تبديد أجواء التشنّج والانفعال، لأن مواعيد مؤتمر المناخ في باريس كانت قد أينعت، وحان قطافها، فانعقد المؤتمر، وحضره ترامب، وألقى خطبة عالية النبرة، أنهاها بانسحاب بلاده من هذا التجمع العالمي. يومها شعر الفرنسيّون بأن برلين ليست وحدها المستهدفة، بل باريس أيضًا، وأيضًا الاتحاد الأوروبي بجميع مكوناته، بعد قرار بريطانيا الانسحاب منه.
حاول الرئيس إيمانويل ماكرون أن يتجرّع الكأس المرّة، ويردّ تحيّة ترامب بأفضل منها، فدعاه – كضيف استثنائي - إلى الاحتفال الضخم الذي أقامته القوات المسلّحة الفرنسيّة في الشانزليزيه بمناسبة العيد الوطني الفرنسي، فوافق، وحضر، وسُرّ بالحفاوة، وحرارة الاستقبال، وأبدى انشراحه، ولكن شهر العسل لم يدم طويلًا، إذ بادر الرئيس الأميركي فجأة إلى فضح خبايا الملف الاقتصادي عبر ضفتي الأطلسي، مطالبًا ألمانيا، وفرنسا، وبعض دول الاتحاد بـ«التجاوب» مع رغبته في رفع الرسوم على المستوردات، لأن مصلحة «أميركا أولًا» تقضي بذلك.
انسحابات متتالية
اهتزّ جدار الثقة بعنف، لكنّه لم يسقط، وتكثّفت الاجتماعات الأوروبيّة – الأميركيّة حرصًا على التوازن، وتحاشيًا للمواجهة، إلّا أن النتائج جاءت دون المتوقع، وكان لا بدّ من التفاهم على بعض العمليات التجميليّة لمعالجة القشور، دون الأساسيات.
استمر الجرح مفتوحًا على نزف «غير قاتل»، لكن هبّت الرياح الأميركيّة مجددًا عكس ما تشتهي السفن الأوروبيّة عندما حان موعد انعقاد المؤتمر السنوي لمنظمة الثقافة والعلوم الإنسانيّة (الأونيسكو) في باريس، يومها حضر من يمثّل الرئيس ترامب، وبدلًا من أن يسهم في تدوير الزوايا الحادة، غادر مصطحبًا معه انسحاب بلاده من المنظمة، وتكاثرت على الأثر المناديل المغرورقة بدموع الأسف مشفوعة بحملة واسعة من الشجب والاستنكار لما أقدم عليه الرئيس الأميركي، لكن العزم طغى على العزيمة، وما يفكّر به الأوروبيّون يناقض ما يطمح هو إلى بلوغه. هم يسعون إلى أن يبقى في دائرة العلاقات التقليديّة، التي تحتّمها المصالح المشتركة بين ضفتي الأطلسي، فيما هو يسعى إلى التغيير. «أميركا أولًا» لا يريده مجرّد شعار، بل يسعى لأن يصبح واقعًا ملموسًا من خلال نسف مفهوم الشراكة. «أميركا أولًا» يريدها قويّة بإمكاناتها لا بشركائها. لا يريد شركاء، بل مجرد متعاونين يقفون في الصف الطويل تبعًا لقدراتهم العسكريّة وإمكاناتهم الاقتصاديّة. «أميركا أولًا» يجب أن تقود العالم إلى حيث تريد، ونقطة «عالسطر!».
لم يكن الانسحاب من المجلس التنفيذي لحقوق الإنسان هو الأخير، هذه المنظمة الدوليّة التي أبصرت النور في الـ 2016 تحت ضغوط الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان في الكثير من الساحات المشتعلة سواء في الشرق الأوسط، أو في دول العالم، استحدثت لتسدّ فراغًا موحشًا، ولتلبي حاجات إنسانيّة ضرورية تفرضها القيم، والمبادىء، والقوانين المرعيّة، لكن الأساليب المعتمدة في البيت الأبيض، والتي يصرّ الرئيس ترامب على انتهاجها وتعميمها، لا تستند إلى المعايير الأخلاقيّة، أو يفترض ألّا تشكل هذه المعايير حاجزًا يحول دون تطبيق ما يراه صالحًا وضروريًا لإكمال مشروعه الاقتصادي العملاق، والهادف إلى إضعاف الأمم المتحدة عن طريق إضعاف منظماتها الواحدة تلو الأخرى.
أما التسديدة المحكمة التي هزّت شباك الاتحاد الأوروبي بعنف، وخصوصًا الثنائي الفرنسي – الألماني، فجاءت من خارج الحسابات المتوقعة، عندما اتخذ الرئيس ترامب قراره برفع نسبة الضريبة على مادتي الحديد الصلب والألمينيوم، لقد أصاب بحجره هذا أكثر من عصفور. أصاب الصين في الصميم، واليابان، وسائر الدول الصناعية الكبرى، وأصاب صناعة السيارات، والطائرات، وسائر الصناعات الثقيلة في فرنسا، وألمانيا، وعموم أوروبا، ولم يتوانَ عن المشاركة في القمّة الاقتصادية للدول السبع، والتي استضافتها كندا، لكنه بدلًا من أن يستمع، تلا ملاحظاته ومقترحاته، وافتعل أزمة سياسيّة مع رئيس الوزراء الكندي المضيف. وعندما حلّقت طائرته في الأجواء متوجهة إلى سنغافورة لعقد القمّة التاريخيّة مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، اتصل من مكتبه الطائر بالوفد الأميركي طالبًا سحب توقيعه من البيان الختامي الصادر عن القمّة.
انهيار «الرؤية» الاقتصادية للحلفاء
لم تفلح تغريدات ماكرون، ولا نداءات المستشارة ميركل في وقف الاندفاعة «الترامبيّة»، اهتزّت دوائر القرار في كلّ من باريس، وبرلين، وشعر الثنائي بأن المستهدف ليس الاتحاد الأوروبي، بل «الفلسفة» الاقتصاديّة التي اعتمدها الحلفاء بعد الحرب العالمية الثانية، لتحل مكانها فلسفة جديدة يقودها الرئيس الأميركي بمفرده ضد الأصدقاء والحلفاء والأعداء محتفظًا بسريّتها، وحاجبًا قواعدها عن الأقربين قبل الأبعدين، مكتفيًا فقط بشعار «أميركا أولًا» للتعريف عن بعض مكنوناتها.
في هذه الأثناء دخل الرئيس الألماني فرانك شتاينماير على خط الثنائي الألماني – الفرنسي ناصحًا: «حذار من الانزلاق نحو السياسات العبثيّة، عليكم الانصراف عن المعارك الدانكيشوطيّة عبر ضفتي الأطلسي، والاستعاضة عنها بالانفتاح عبر ضفتي المتوسط، والعودة إلى الشرق الأوسط، وتحديدًا إلى الحديقة الخلفية لسوريا – لبنان، والجوار الأردني إذا أمكن، حيث الجبهة الجنوبيّة لسوريا».
استراتيجيّة شتاينماير
انطلق شتاينماير من تصوّر دبلوماسي باشر العمل على بلورته عندما كان وزيرًا للخارجيّة، واستكمل البحث في مشواره الطويل، مع عدد من كبار المسؤولين اللبنانيين عندما كان يلتقيهم في الخارج خلال مشاركتهم في مؤتمرات إقليميّة أو دوليّة، وشجّع ميركل على زيارة عمّان وبيروت، ويقال إنّه حرص شخصيًّا على التحضير للزيارة.
ويستند تصوّر شتاينماير إلى عناوين أبرزها:
- الانفتاح الواسع، والذي لا بدّ منه، بين ضفتي المتوسط.
- عودة الثنائي الأوروبي إلى الشرق الأوسط، والمشاركة في ورشة الحلول للأزمات المعقّدة.
- الاستعداد للمشاركة في ورشة إعادة البناء والإعمار عندما تنطلق من سوريا إلى العراق، وصولًا إلى اليمن.
تقاسم أدوار
اللافت أن ألمانيا، في ما تستعدّ له، لا تريد الدخول في منافسة مع فرنسا، ولا مزاحمتها على احتلال الدور، واقتناص الفرص، واختطاف الأضواء، بل هناك تفاهم، وتخطيط، وتقاسم أدوار، وتعاون مشترك على جبه التحديات المشتركة، وفي الطليعة الحرص على الاتحاد الأوروبي، وتماسكه، وقوته الاقتصادية، وتعاون أعضائه بعد قرار بريطانيا بالانسحاب، بتشجيع من الإدارة الأميركيّة. وقد برز التحدّي الثاني، أو فرض إيقاعه على الثنائي الأوروبي، نتيجة توتر العلاقات الأمنيّة والتجاريّة، والثقافيّة بين ضفتي الأطلسي، وكأن هناك من يحاول أن ينسج شرنقة حول الاتحاد الأوروبي، ليفرض عزلة على الدورين الألماني والفرنسي. لذلك، عندما قرّرا العودة إلى الشرق الأوسط، لم يكن قرارهما نتيجة ترف سياسي، بل نتيجة حالة أمنية، وسياسيّة، واقتصاديّة، وثقافيّة ضاغطة فرضتها المتغيرات الدوليّة، والإقليميّة.
في الوقائع المتداولة دبلوماسيًا أنه لما انطلق مسار أستانة حول الملف السوري، ثم مسار سوتشي، التقى القادة الأوروبيّون في بروكسيل، وكانت الجلسة يومها مميزة حيث طرحت في كلمة الافتتاح مجموعة من الأسئلة – «المفاتيح» استهلّها رئيس الاتحاد بالقول: «أين نحن مما يجري في سوريا، والعراق، واليمن، وساحات أخرى في الشرق الأوسط؟!»، يومها، وقعت هذه الأسئلة وقوع الصاعقة على مسامع المستشارة الألمانيّة، والرئيس الفرنسي – آنذاك – فرانسوا هولاند. واغتنم (الوزير) شتاينماير الفكرة، وراح يطوّرها راسمًا خطوط الطول والعرض الممكنة، وانتهى إلى خلاصة مفادها «إن العودة ملّحة إلى الساحتين الأردنيّة واللبنانيّة للإمساك بالخط الحدودي مع سوريا انطلاقًا من البوابة الأردنيّة جنوبًا، وصولًا الى طرطوس شمالًا». وإن العودة إلى الساحة اللبنانية ممكنة نظرًا للعلاقات التاريخيّة، وللدور الذي لعبته كلّ من فرنسا وألمانيا في إطار قوات الطوارىء العاملة في الجنوب (يونيفيل)، وللجهود المثمرة التي بذلتها كلّ من باريس وبرلين لإنجاح المؤتمر الدولي لدعم لبنان، والذي استضافته العاصمة الفرنسيّة تحت عنوان «سيدر -1»، واستعداد كلّ من البلدين للاستثمار في لبنان من خلال سعيهما المشترك لوضع القرارات التي صدرت عنه موضع التنفيذ.
البحث عن موطىء قدم
اتّسعت دائرة النظرة المحفّزة عند قراءة الواقع السوري ميدانيًّا، فالروسي هناك، والأميركي أيضًا، ثم التركي، والإيراني، والفصائل والتنظيمات المقنّعة وغير المقنّعة، إلى حد أن الثنائي الأوروبي لم يجد مكانًا يسند إليه رأسه، فكيف يمكنه والحالة هذه أن يقتنص فرصًا للمشاركة في ورشة البناء والإعمار، عندما يحين أوان انطلاقها؟!.
يتكرر المشهد عينه في العراق، حيث «يستوطن» الأميركي هناك منذ سنوات طويلة، فيما يتمركز الإيراني في القلب، أما الأطراف فتسوّرها حلل وملل، وهويات متعددة، وجنسيات متنوّعة، فكيف السبيل لدخول حقول النفط، والفوّهات محصّنات بثكنات عسكريّة مستنفرة؟!. أمام هذا الواقع، اتخذ قرار العودة إلى لبنان، كونه الحديقة الخلفية لسوريا، وإلى الأردن، حيث الحوافز كثيرة، والاحتمالات ممكنة.
يعوّل الثنائي الأوروبي على مفاعيل تأشيرتين للدخول، الأولى اقتصاديّة حيث الأزمات متفاقمة في البلدين (لبنان والأردن)، من الاقتصاد، إلى البطالة، إلى تراجع النمو، إلى الفساد المستشري، والحاجة الماسة إلى تسييل القرارات المتخذة في مؤتمرات الدعم الخاصة بالبلدين.
أمّا الثانية، وهي الأهم، فتتمثل بالنزوح السوري، والتحديات التي تتفاقم يومًا بعد يوم. ولا تزال الصورة ماثلة في الذاكرة عندما صدر بيان عن الاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة، بُعَيد انتهاء أعمال «سيدر – 1»، يدعو إلى دمج المجتمع النازح بالمجتمع المقيم، يومها نشطت الدبلوماسيّة اللبنانية باتجاه المسؤولين في عواصم الدول الموقّعة للتوضيح والتصحيح، وسارعت كلّ من فرنسا وألمانيا إلى إرسال موفدين للاعتذار، و«تفقد الأضرار؟!».
وفي المحصلة، فإنّ جدار الثقة لم ينجز بالكامل بعد، ولا تزال هناك شكوك ومخاوف، وثغرات، لكن الذين استمعوا إلى المستشارة الألمانية في بيروت، خرجوا بانطباعين، الأول: إن هدف الثنائي الألماني – الفرنسي من وراء الإصرار على الانفتاح عبر ضفتي المتوسط، هو السيطرة على الممرات المائية التي تسلكها قوارب الموت، لتنظيم حركة التزوح، وضبط إيقاعاتها التسلليّة اللاشرعيّة، خصوصًا وأن الاتفاق المكلف الذي وقّعه الاتحاد الأوروبي مع تركيا في الـ 2016، لإقفال منافذ بحر إيجه أمام النزوح لم يحقّق الأهداف المرجوّة منه.
والثاني: إن الثنائي الأوروبي أبدى تعاطفًا لمساعدة لبنان على إعادة النازحين إلى سوريا ضمن الظروف، والإمكانات، والطاقات المناسبة التي تدعم وتساعد، من دون أن تؤدي إلى مضاعفات، أو تثير حساسيات تولّد سلبيات.
حذر.. وترقّب
يبقى لبنان المنفتح على الحوار والتفاهم في دائرة الرصد يترقّب حدثين: زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى بيروت، بعد أن زارتها ميركل. وردود الفعل الأميركيّة حيال الحراك الثنائي الأوروبي، انطلاقًا من سؤال يتردد في بعض الكواليس: هل يكمل الرئيس ترامب مسلسل انسحاباته، فينسحب من دعم بلاده لاستمرار قوات (اليونفيل) بالجنوب، بعد أن تستكمل إسرائيل بناء الجدار الفاصل؟!.