- En
- Fr
- عربي
الجيش والمجتمع
وصل الرقيب أول المغوار المتقاعد بشارة الحصروتي المبتور الساقين إلى أمام درج مجلس النواب، أعاد ترتيب قلنسوة المغاوير على رأسه، لو أنّه عسكري متقاعد لكنّه تربّى على الانضباط. لاقاه وزير الدفاع الوطني الياس بو صعب. كان الحصروتي من المشاركين في تحركات العسكريين المتقاعدين الرافضين اقتطاع جزء من رواتبهم في مشروع قانون موازنة العام 2019.
حينذاك قال وزير الدفاع للمُقعَد الذي قفز من كرسيه وراح يمشي من دون ساقيه ليصل إلى المجلس، «أنا ما قلتلكن إنو عائلات الشهدا والمعوقين ما حدا مقرّب صَوبن؟» أجابه الحصروتي الشهم: «شوف يا معالي الوزير، أنا لمّا انصبت، في تماني من رفقاتي شالوني وتبرّعولي بالدم، بعدين في تنين منن استشهدو، وبقي ستة طيبين، أنا جايي كرمال رفاقي الطيبين، هنّي ما تركوني وأنا ما بتركن».
لقاء في مرجعيون
لأجل قضية العسكريين المعوقين وحاجاتهم وضرورة انخراطهم في المجتمع المدني، نظّمت جمعية «تعا ت نحكي» في مرجعيـون لقاء دعت إليه وجوه المجتـمـع الجنوبي ووزير الشؤون الاجتماعية ريشار قيومجيان الذي مثّله الدكتور عادل شبيب. حضر اللقاء حشد من العسكريين المتقاعدين من مختلف المناطق الجنوبية. هؤلاء التقوا ثلاثة من رفاقهم: العميد الركن المتقاعد جورج نادر والرقيبان الأولان المتقاعدان بشارة الحصروتي وزياد الحاج (والاثنان أُصيبا خلال الخدمة، فالحصروتي بُترت ساقاه من الأعلى، والحاج بُترت ذراعه اليمنى).
في البداية، عرّف السيد فادي أبو جمرا بالجمعية وأهدافها داعيًا الحضور إلى طرح الأسئلة، طالبًا من المعوقين بشكلٍ خاص عرض هواجسهم ومطالبهم.
للمرة الأولى في تاريخ الجيش...
شرح العميد الركن المتقاعد نادر كيفية تصنيف العسكري المصاب معوقًا، إذ إنّ كل عسكري يحتفظ بسجله الصحي الذي يتضمن تفاصيل تاريخه الصحي والطبي، بدءًا من تنـاول حبة البنـادول وصولًا إلى العمليات الجراحية. وعند إصابة العسكري يُحـال إلى لجنة صحية متخصصة تبتّ بوضعه الصحي، فإذا تبيّن أنّ الإصابـة تحدّ من إنتاجيـة المصاب تقـرّر اللجنـة نسبـة «التعطـيل» أي النسبة المئوية التي تمنعه من القيام بواجبـه في الخدمة. لكن تقرير اللجنة الصحية الأولى ليس نهائيًا إذ يُعرض العسكري المصاب على اللجنة الصحية العليا المؤلفة أيضًا من أطباء اختصاصيين وضباط إداريين، والتي يعـود إليها إثبات قرار اللجنة الأولى أو نقضـه في ما يتعلـق بنسبة التعطيـل عند العسكري. وتُرفـع النتيجة إلى قائـد الجيش الذي يوافـق مبدئيًا على اقتراحـات اللجنة الصحية العليا، فإذا تعدّت نسبة التعطيل الـ50?، يُحال العسكري للخدمة في قطعة إدارية، وإذا تعدّت الـ75? يُعد العسكري معوقًا ويُخيّر بين البقاء في الخدمة، أو الإحالة على التقاعد. غالبية المصابين المعوقين يفضّلون الإحالة على التقاعد، لأنّهم يشعرون بأنّهم أصبحوا عاجزين عن مواكبة رفاقهم الأصحّاء، وتمنعهم عزّة النفس من الإحساس بعدم الإنتاجية. ويبلغ عديد المعوقين في التقاعد 1241، بينما لم يبقَ في الخدمة الفعلية إلا 20 فقط. والجيش، أضاف نادر، يعاملهم بصورةٍ ممتازة إذ يستفيدون من التقديمات المدرسية كاملة أسوة بعائلات الشهداء، ويُعطون الأفضلية في الطبابة العسكرية، كما أنّه وللمرة الأولى في تاريخ الجيش تُسند إلى ضابط معوّق وظيفة قيادية، إذ كُلّف العميد حسن عبدالله قيادة لواء الدعم. واقترح العميد الركن المتقاعد نادر في نهاية الكلام تخصيص كوتا لهم في الوظائف العامة وفي المؤسسات الخاصة، ليصار إلى الاستفادة من خبراتهم ودمجهم في المجتمع كي لا يشعروا بأنّهم عبء مادي على عائلاتهم.
تقديمات وزارة الشؤون الاجتماعية
وشــرح ممثل وزيـر الشـؤون الاجتماعيـة التقديمـات التي تمنحهـا الـوزارة للمعـوقـين من إلغاء التعرفة الجمركية إلى تأمين الكراسي المدولبة والدواء والحاجات الملحّة لهم، ومنحهـم البطاقات التي بموجبها يستفيدون من تخفيضات في بعض السلع والمواد. واقترح توحيد المعايير التي تصنّف المصاب معوقًا بين الجيش ووزارة الشؤون الاجتماعية.
مداخلات الحضور تضمّنـت إدراج مادة «معاملـة المعوقين» في المناهـج التربويـة ما يسهّل دمجهم في المجتمع. واقتـرح آخـرون تخصـيص مواقـف للمعوقيـن أمـام المؤسسات العامة والخاصة، وتسهيل دخولهم إلى تلك المؤسسات وخروجهم منها.
اختُتـم اللقاء بجملـة توصيـات رفعتـهـا الجمعية إلى قيـادات القوات المسلّـحة وإلى وزارة الشــؤون الاجتماعية للإضاءة على حاجات المعوقين، ومتطلباتهـم وضرورة دمجهم في المجتمع والاستفادة من طاقاتهم وخبراتهم.
«شوف يا معالي الوزير، أنا لمّا انصبت، في تماني من رفقاتي شالوني وتبرّعولي بالدم، بعدين في تنين منن استشهدو، وبقي ستة طيبين، أنا جايي كرمال رفاقي الطيبين، هنّي ما تركوني وأنا ما بتركن».
1261عسكريًا مصابًا صنّفوا معوقين، بقي منهم في الخدمة فقط 20 عسكريًا أُسندت إليهم وظائف إدارية تتناسب مع أوضاعهم الصحية. 1241 أحيلوا على التقاعد بناء لرغبتهم.