- En
- Fr
- عربي
عبارة
الانتخابات هي إحدى أهمّ الممارسات التي تُميّز الأنظمة الديموقراطية. إنّها الحقّ المكفول في الدستور الذي يتمتّع به المواطنون بالتساوي، فيتوجّهون إلى صناديق الاقتراع دوريًّا لاختيار ممثّليهم على المستوى المحلّي أي البلدي، أو النيابي، أو لانتخاب رئيس الدولة كما في بلدان كثيرة.
لقد عُرِف لبنان منذ نشأته بأنه دولة منفتحة ذات مجتمع متنوّع يعيش في ظلّ حكم ديموقراطيّ. هكذا أصبح بلدنا الصغير من حيث المساحة، واحةً واسعةً للحرية وملاذًا للمثقفين، ومجالًا خصبًا تلتقي فيه مختلف التيارات الفكرية والسياسية وتتنافس تحت سقف القانون. ولا شك في أن الانتخابات بمختلف أشكالها مثّلت مقوّمًا أساسيًّا من مقوّمات وطننا وجزءًا من هويّته.
في موازاة ذلك كله، واكب الجيش على مدى السنوات الاستحقاقاتِ الانتخابية وهيّأ لها الظروف الملائمة من خلال تشديد التدابير الأمنية ورفع الجهوزية والمتابعة الحثيثة للإجراءات التي تسبق اليوم الانتخابي، وتمتدّ حتى نهايته بما يضمن عدم وقوع أي حوادث قد تتطور إلى ما لا تحمد عقباه.
أمّا الانتخابات النيابية للعام ٢٠٢٢ التي أُنجِزت مؤخرًا بنجاح، فهي على مستوى عال من الأهميّة لأنها تأتي في مرحلة مفصلية ترزح فيها البلاد تحت أزمة اقتصادية خانقة تستلزم إصلاحات جذرية واستنهاضًا لمؤسسات الدولة بهدف وضع لبنان على سكة التعافي.
وكما أنّ الانتخابات استثنائية في أهميّتها، والظروف التي ترافقها معقّدة وضاغطة، فقد سخّر الجيش أقصى طاقاته لحماية العملية الديموقراطية. جرى ذلك عن طريق وضع خطّة دقيقة لحفظ الأمن، أخذت في الحسبان تدارك أي حدث أمني قبل وقوعه، والتنبّه إلى أي محاولة لاستغلال الوضع خدمة لمآرب مشبوهة.
لقد شاهَدَ المواطنون في مختلف المناطق أنّ الجيش حاضر ومستنفر حول مراكز الاقتراع لحمايتها، وفي أنحاء البلاد عن طريق الحواجز والدوريات لبسط الأمن ومنع وقوع الإشكالات. وكانت النتيجة أنّ جميع الأفرقاء في الداخل، وكذلك الدول الصديقة، شهدوا باحتراف العسكريّين ومناقبيتهم وتفانيهم في أداء الواجب.
إنّ أزمة كالتي يمرّ بها وطننا كفيلة بإضعاف أقوى الجيوش، بيْد أنّ الجيش اللبنانيّ، وعلى الرغم من العقبات المادية الجمة التي يعاني منها، لم يزدد إلا عزيمة وإصرارًا واستعدادًا للتضحية. فالعسكريون لا يعملون بمقاييس المادة، بل هم ثابتون على نهج عريق عمره من عمر لبنان، يختصره الشعار الخالد: شرف، تضحية، وفاء.