- En
- Fr
- عربي
موضوع الغلاف
على امتداد رقعة الوطن انتشروا متأهبين، المهمة: حفظ أمن الانتخابات... نفّذوها على أفضل وجه، ولم يكن منتظرًا منهم أقل من ذلك... فسياج الوطن وحامي مؤسساته هو أيضًا حارس الديموقراطية لتوفير المناخ الآمن لممارستها، لجميع المواطنين.
أمام أحد مراكز الاقتراع وقف الناخبون صفًا طويلًا، كان الإقبال كثيفًا، بدأ التأفف يفعل فعله بعد مضي نحو ساعة من الانتظار، لكنّ تعليقًا من إحدى السيدات بدّل مزاج المتأففين من حولها إذ قالت: «ساعة ماشي الحال، رح ننتخب ونروح عَ بيوتنا»، وأضافت مشيرة إلى العسكريين الواقفين أمام المركز: «واقفين هون من قبل الضو، ورح يضلّوا بعد ما نفّل، الله يحميُن...».
كلمة استحقها كل عسكري
ربما تكرّر هذا المشهد أمام الكثير من المراكز، وربما لم ينتبه كثيرون في غمرة حماستهم إلى «تفاصيل» من نوع التعب أو الازدحام أو سوى ذلك. لكنّ الأكيد أنّ كل عسكري استحق كلمة «العوافي» التي سمعها مرفقة بعبارة «الله يحميكن»، وأنّ الجيش استحق التهنئة على الإنجاز الذي حقّقه موفّرًا الأمن والهدوء في جميع المناطق، من أصغر قرية في الأطراف النائية، إلى قلب العاصمة وسائر المدن. جرت العملية الانتخابية في ظل أجواء مثالية أمنيًا على الرغم من كل التصعيد الذي شهده الخطاب السياسي، وكان ذلك نتيجة أمرين: الأول هو الخطة التي وضعتها القيادة وحدّدت تفاصيلها بكل دقة، والثاني هو مناقبية العسكريين وانضباطهم وتفانيهم في أداء واجبهم.
خطة دقيقة وتوجيهات حازمة
أُقرت الخطة الأمنية المواكبة للانتخابات بعناية قبل عدة اسابيع. التنسيق مع باقي الأجهزة الأمنية كان تامًا، والإجراءات المتّخذة ميدانيًا استندت إلى المعطيات والمعلومات المتصلة بالواقع على الأرض، والتعليمات أُعطيت للضباط والعسكريين وكانت حازمة. فبالإضافة إلى توجيهات قائد الجيش العماد جوزاف عون إلى الضباط خلال اجتماعه بهم أواخر نيسان، أصدرت القيادة قبيل موعد الانتخابات «نشرة توجيهية» تحت عنوان «استعداد الجيش لمواكبة الانتخابات النيابية».
وزير الدفاع وقائد الجيش في متابعة مباشرة
على مستوى الإجراءات العملية، انتشر عشرات الآلاف من العسكريين في جميع المناطق، وتولّت غرف عمليات المناطق التنسيق مع غرفة عمليات قيادة الجيش بهدف المعالجة الفورية لأي طارئ. حلّ موعد الانتخاب وكان كل شيء جاهزًا.
وزير الدفاع الوطني يعقوب رياض الصراف زار غرفة عمليات قيادة الجيش، اطّلع على الخطة الأمنية، وعبّر عن ارتياحه للإجراءات المتخذة.
قائد الجيش العماد عون واكب الوقائع على الأرض في جولة له شملت غرف عمليات المناطق، اطّلع على الأوضاع وأثنى على جهود الضباط والعسكرييين، مؤكّدًا التنسيق القائم بين الجيش والأجهزة الأمنية والإدارات الرسيمة المعنية بالعملية الانتخابية.
كذلك، شدّد العماد عون على ضرورة تمكين المواطنين من التعبير عن آرائهم في صناديق الاقتراع ضمن أجواء من الحرية والطمأنينة والديموقراطية، مؤكّدًا أن الجيش لن يتهاون مع أي محاولة للإخلال بالأمن أو عرقلة سير عمل هذا الاستحقاق من أي جهة أتت.
انتهت العملية الانتخابية بسلام، إشكالات بسيطة ومحدودة عولجت فور حدوثها، وهي على أي حال كانت أقل مما تشهده أي انتخابات في ظل أوضاع أفضل بكثير.
كل استحقاق ولبنان بخير
أُعلنت النتائج، «العسكر» المحتجز منذ أيام يتنفس الصعداء، لكن حالة التأهب والاستعداد لأي طارئ تبقى قائمة. إشكال هنا، آخر هناك، شائعات، أخبار كاذبة... في المقابل، كانت الجهوزية سيدة الساحات كلها. ضُبطت الإشكالات، تبدّدت الشائعات، أتى المطر، غسل غبارًا كثيرًا، لعلّه يوم جديد للبنان الذي طال انتظاره للانتخابات سنوات.
كل استحقاق ولبنان بخير.
كل استحقاق وجيشنا بكامل عافيته وجهوزيته ومناقبيته.
نلتزم مصلحة المجتمع اللبناني بجميع مكوّناته وأطيافه
في النشرة التوجيهية التي اصدرتها عشية الانتخابات، أكّدت قيادة الجيش الأهمية المطلقة التي توليها لمهمة الحفاظ على أمن البلاد واستقرارها خلال الانتخابات، وشدّدت على التزام العسكريين الاجراءات التي تحمي القيم والأصول الديموقراطية في البلاد. في ما يلي نص النشرة:
يتهيّأ وطننا للدخول في الاستحقاق الانتخابي في السادس من أيار المقبل في جميع المناطق اللبنانية، وقد اتُّخذت الإجراءات المناسبة لمواكبة هذا الحدث الوطني، خصوصًا في ما يتعلّق بتوفير الأمن للمواطنين، لتمكينهم من التنقّل والتعبير عن آرائهم في صناديق الاقتراع، في أجواء من الحرية والطمأنينة والديموقراطية.
إنّ المؤسسة العسكرية تولي أهمية مطلقة لمهمّة الحفاظ على أمن البلاد واستقرارها خلال الانتخابات، ولحقّ اللبنانيين جميعًا بلا استثناء في المشاركة الفاعلة، وهي في هذا الإطار تؤكّد استعدادها للمساهمة في حفظ أمن العملية الانتخابية، وتشدّد على التزام عسكرييها الإجراءات التي تحمي القيم والأصول الديموقراطية في البلاد، إذ تمثّل هذه العملية إنجازًا جديدًا للبنان، لا سيّما في ظلّ الأوضاع الإقليمية المعقّدة، فضلًا عن المساهمة مباشرة في ترسيخ الاستقرار الاجتماعي العام.
كما تؤكّد قيادة الجيش عزمها على منع استغلال الظروف الدقيقة التي تمرّ بها البلاد بهدف الإخلال بالأمن، والتزامها البقاء على مسافة واحدة من الجميع، وهي تدعو العسكريين إلى مزيد من التصميم والتضحية، لإنجاح هذا الاستحقاق، كما تحذرهم من الانجرار وراء الاستفزازات، والتدخّل بأية وسيلة كانت في سير هذه العملية، وذلك باتخاذ الإجراءات التأديبية بحقّ المخالفين.
ختامًا، تلفت القيادة إلى أن دور الجيش في هذا الاستحقاق، نابع من التزامه مصلحة المجتمع اللبناني بكلّ مكوّناته وأطيافه، وهي على ثقة تامة بأنّ العسكريين سيكونون مرّة أخرى، وكما في كل استحقاق عند قسمهم ومناقبيتهم العسكرية المعهودة وإيمانهم بلبنان.