- En
- Fr
- عربي
الجيش وأمن المواطن
تجمع المؤسّسات الأمنية في لبنان قواسم ثابتة، ووشائج متينة. فأهدافها في العمل واحدة ومتكاملة: خدمة الوطن والبذل في سبيله، الحفاظ على القيم والمثل التي تحكم المكوّنات البشرية لهذا الوطن، تعزيز الإنتماء إلى تراث الماضي، والمشاركة في التّحضير للمستقبل بخطى واعدة وتضحيات جمّة... من ثمّ، فإنّ التعاون دائم بين قيادات تلك المؤسّسات وعناصرها في مراكز القرار وفي الميدان، سواء خلال ضبط الحدود والمعابر، أو ضمن مهمّات الدّاخل التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بأمن المواطن وعمل المؤسّسات المدنيّة. يضاف إلى ذلك، أنّ جميع الضباط يدرسون ويتدرّبون ويرسّخون خطواتهم العسكرية الأولى في كليّة واحدة هي الكليّة الحربية.
ويقف الجيش إلى جانب تلك المؤسّسات شقيقاً أكبر، يشارك هنا ويبادر هناك، إضافة إلى مهمّاته الأساس التّي تتصدّرها مهمّة الدّفاع عن البلاد وحماية ترابها وصون كرامة شعبها، وقد عبّرت وحداته عن ذلك على مدى عقود وعقود في مواجهات مختلفة مع العدوّ الإسرائيلي، من دون أي حساب للتفاوت الواضح في السلاح والعتاد، فليست المسألة هنا مسألة مباراة يتمّ التّحضير لها والإعداد، وإذا بدا أنّها قد تنتهي إلى فوز واضح للعدو تمّ صرف النّظر عنها، بل هي مسألة مبادئ وثوابت لا يجوز التفريط بها في أي حال من الأحوال.
أمّا الأمن في الداخل فلا يقلّ أهميةً عن أمن الحدود تلك، وتدرك المؤسّسة العسكريّة تمام الإدراك أنّ الوقوف إلى جانب المجتمع هو العنصر الفعّال الّذي يهيّء الوطن لكي يكون جاهزاً لصدّ الإعتداءات، والصّمود في وجه الأخطار والأعاصير، بدءاً من مواجهة الإرهاب بخلاياه وخباياه، مروراً بالتصدي للعابثين بالأمن، وصولاً إلى حماية التجمّعات وضبط التحرّكات وصون حريّة التعبير في حدود الأنظمة والقوانين.
إلاّ أنّ الجيش لم يكن في يوم من الأيّام كياناً أمنياً جامداً في علاقته مع مواطنيه، فلقد تخطّى ذلك إلى مسائل إنمائية مختلفة، وهي مسائل تحوّلت مع المؤسّسة العسكريّة إلى واجبات طبيعية مستمرّة، وليس فقط مجرّد إجراءات طارئة عابرة. وهو يشارك المؤسسات الأخرى في ذلك، من دون أن يضع نفسه في موضع المنافس ولا المزايد، ومن دون أن تتأثر مهماته الأساسية، أو يبتعد عن هدفه الأسمى في الحفاظ على سلامة الوطن وأمن المواطن.