- En
- Fr
- عربي
دراسات وأبحاث
الإستراتيجية الروسية الجديدة: فك الطوق
«لا يتحقق الأمن بنشر مظلة نووية، إنما يأتي من القلوب القوية المؤمنة، والرجال المخلصين».
ألكسندر سولجنتسين (أديب روسي حائز جائزة نوبل في الآداب)
ورثت روسيا الإتحاد السوفياتي المنهار وتركته الثقيلة، لكن الدولة التي تعامل معها الغرب وكأنها دولة من الدرجة الثالثة، أعلنت من خلال تعاملها مع أزمة جورجيا أن زمن الرقص حول الدّب النائم قد انتهى.
التركة السوفياتية والوريث الروسي
يمكن الاعتبار أن مبادرة الدفاع الاستراتيجي الأميركية، أو «حرب النجوم» (Star wars) قد شكّلت الأساس في تسريع عملية إنهيار الإتحاد السوفياتي (لأسباب ذاتية وموضوعية)، واستقلال عدد من الدول والجمهوريات التي كان يتألف منها. روسيا وحدها الدولة الكبرى، والوريثة الطبيعية لهذا الإتحاد، وتركته الثقيلـة، وبعد أن كانت زعيمته، وقائدة لمجموعة من الدول التي كانت تدور في فلكها، وفي محيطها القريب، وجدت نفسها فجأة دولة تتخبّط في مشاكلها الداخلية وتغرق في ديونها، ويتعـامل الغرب معها وكأنها دولة من الدرجة الثالثـة، فيسارع الى قضم جمهـوريات الاتحاد السابق ويعمـل على نشر ديمقراطيته بألوان مختـلفة: البرتقالي، والوردي، والأخضر والأحمر... ويحـاول اقتلاع أنيابها الواحد تلو الآخر، بالإغـراء حيناً، وبالقـوة أحياناً، طوال عقد من الزمن.
وقد رأت تقارير المخابرات الأميركية، ومنذ اللحظات الأولى لتفكك الإتحاد السوفياتي أن من الضروري إقناع روسيا ،وبعض دول الاتحاد السابق بعدم جدوى الطموح للاضطلاع بدور سياسي كبير، وكان الهدف الرئيس لهذه الرؤية هو روسيا «الدولة الوحيدة في العالم التي يمكنها تدمير الولايات المتحدة».
ومنذ ذلك الوقت والولايات المتحدة تقتحم الفضـاء المباشر لروسيا بإغراء دول الاتحـاد السابق للإنضمام لدول الاتحـاد الأوروبي، أو لحلف «الناتو».
ولما باشرت الولايات المتحدة، تنفيذ مشروعها لإقامة الدرع الصاروخي في أوروبا وقفت روسيا بوجهه، لأنه خطر على أمنها، وحدودها، كذلك، عندما رأت أن جورجيا (الأميركية السياسية والعمل)، تعتدي على جنودها، وجدت نفسها مجبرة على الرد، خصوصاً بعد أن كان الدب الروسي قد استفاق من سباته، وأدرك أن «الخطر الأميركي» أصبح على بابه الجنوبي، ويضرب مصالحه المباشرة في القوقاز وعبره الى بحر قزوين الغني بالنفط مروراً بجمهوريات آسيا الوسطى (السوفياتية سابقاً). وفهم الروس أن الأميركيين يستخدمون جورجيا ضدهم، فاستخدمت روسيا أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا لمعاقبة جورجيا، وإرسال رسالة بليغة الى الغرب بأن زمن الرقص حول الدب النائم قد انتهى.
روسيا في الجيوبوليتك وعوامل القوة
تعتبر روسيا أكبر دولة في العالم من حيث المساحة (17.075.400) كلم2 وهي تمتد من أوروبا غرباً وحتى المحيط الهادئ شرقاً، وتغطي شمال قارة آسيا كلها مع أجزاء من القطب الشمالي، ويمثل الجزء الأوروبي من روسيا أكثر من ثلث مساحة أوروبا (3.9 مليون كلم2/ 10.4مليون كلم2)، أي أن روسيا الفدرالية تساوي حوالى مرتين ونصف مساحة أوروبا من دون روسيا الأوروبية.
وروسيا الاتحادية أو الفدرالية، وهو إسمها الرسمي، تضم حوالى 89 منطقة إدارية مختلفة ما بين جمهورية (21)، و49 إقليماً و6 مقاطعات، و11 منطقة حكم ذاتي، يضاف اليها مدينتان فدراليتان هما موسكو وبطرسبرغ.
يبلغ عدد سكان روسيا حوالى 142 مليون نسمة (ك2 2008)، منهم نحو 106 ملايين يعيشون في روسيا الأوروبية ويتوزّع الباقون في بقية المناطق الروسية. ورثت روسيا قدرات الإتحاد السوفياتي العسكرية، وحتى بعد اتفاقيات خفض التسلح، فهي تملك ثاني أكبر ترسانة نووية، تضم حوالى 3000 رأس جاهز للإطلاق، ويبلغ عديد جيشها حوالى المليون، كذلك فهي ثاني أكبر دولة في مجال الفضاء وتملك الوسائل والتقنيات لذلك، وهي تتفوق على الولايات المتحدة في بعضها، ما دفع بالأخيرة الى التعاون معها في برامج الفضاء والشراكة في المحطات الفضائية والبحث العلمي المتعلق به.
• في الاقتصاد:
قدّر الدخل القومي الروسي (GDP) للعام 2007 بـ1.34 تريليون دولار، وبلغت نسبة النمو 8.1٪. أما أهم مواردها الطبيعية فهي: النفط، الغاز، الفرو، الأحجار الكريمة، والخشب كما تتميز بإنتاجها الزراعي من الحبوب، السكر، دوار الشمس، اللحوم والحليب، أما إنتاجها الصناعي فيمتاز بدائرة متكاملة في صناعة: السيارات، الشاحنات، القاطرات، القطارات، جميع أدوات الزراعة ووسائلها، صناعة جوية متطورة، صناعات فضائية، من مختلف الأنواع. كذلك لديها صناعات طبية تقنية وعلمية متطورة.
• في التجارة:
قدّرت صادراتها العام 2007 بـ355 بليون دولار من البترول ومشتقاته، الخشب ومتفرعاته، المعادن، والأسلحة على أنواعها المختلفة، (وتعتبر ثاني دولة مصدرة لها)، المواد الكيماوية، كما قدرت وارداتها بـ223 بليون دولار للعام نفسه، وهذا ما أعطاها وفراً في ميزان مدفوعاتها، أسهم في تطوير إمكاناتها، وازدياد قوتها في العالم، وبالتالي انضمامها الى مجموعة الدول الصناعية السبع (G7) التي أصبحت «G8»، كذلك جعلها تعمل على تحسين دخل الفرد وتخصص المزيد من الأموال لتطوير صناعاتها المدنية، لتصبح قادرة على المنافسة في السوق العالمي، كما عمدت مؤخراً الى رصد حوالى 50 مليار دولار لتطوير صناعاتها العسكرية، والبحوث لتحسين قدراتها الصاروخية والفضائية.
العلاقات الروسية - الأميركية
يكمن في لاوعي قادة الدولتين الروسية والأميركية شعور مشترك، ومتراكم من الخوف والحذر، والشك الدائم في نوايا الآخر، ناجم عن فترة طويلة من الصراع بينهما، استمر حوالى نصف قرن. وعلى الرغم من المعاهدات والاتفاقات التي عقداها لإظهار حسن النوايا، وتخفيض أسلحتهما النووية، وعدد الصواريخ، إلا أنهما يعرفان، ضمناً، أن التنافس بينهما لمّا ينتهِ بعد، فالولايات المتحدة «سكرانة» بنشوة الفوز والقضاء على الاتحاد السوفياتي السابق، وتفرّدها بقيادة العالم وزعامته، ومتابعة المحاولة للهيمنة على «الأوراسيا» وبقية العالم. أما روسيا الاتحادية، الوارثة للاتحاد السوفياتي السابق، فقد ضمّدت جراحها، وأعادت ترميم اقتصادها، ومؤسساتها، ثم بدأت إعادة بناء قواها العسكرية، وصناعاتها الحربية، والصاروخية، والنووية، وذلك لردم الهوة بينها وبين الغرب. كما أن روسيا لم تنسَ الاستراتيجية الأميركية التي وضعها «زبغنيو بريجنسكي» العام 1980 لطرد السوفيات من أفغانستان ودعم الميليشيات الإسلامية لتحقيق هذا الهدف. وحتى عندما كانت روسيا تحتضر في عهد الرئيس الروسي بوريس يلتسين لم يتخلَّ بريجنسكي عن خوفه من انبعاث روسيا من جديد وتهديدها الأمن الأميركي، وكما قالت تقارير «البنتاغون» العام 1992: «إن روسيا هي القوة الوحيدة في العالم التي يمكنها تدمير الولايات المتحدة».
مخاوف روسيا وانعدام الثقة المتبادلة
حاولت الولايات المتحدة وما زالت تحاول إقناع روسيا، أن نظام الدفاع الصاروخي الجديد لا يستهدفها، وهذا يعكس تناقضاً مع عقيدة الولايات المتحدة الدفاعية، بالنسبة الى روسيا، وذلك أن الولايات المتحدة أعلنت أنها إنما تقوم بهذه الاجراءات بعد تقييم الأخطار التي تهدد أمنها القومي، وهذا يعني بعد تقييم إمكانات دول أخرى تجسّد هذه الأخطار (وروسيا هي الدولة الوحيدة التي تملك القدرة النووية) على تدمير الولايات المتحدة. ولذلك لا يمكن لموسكو أن تصدق واشنطن التي تبني هذه المنظومة الدفاعية الصاروخية المتعددة الطبقات، والباهظة الثمن، بأنها لا تملك إمكان توجيه ضربات مدمرة لصواريخها النووية الاستراتيجية. وما يعزز مخاوف روسيا، هو أن الولايات المتحدة رفضت إقامة قيادة مشتركة للمراقبة والسيطرة على هذه المنظومة مع روسيا، وفق أصول وقواعد معينة، وآثرت أن تنفرد بقيادة هذه المنظومة لوحدها، وأن تقتصر مشاركة روسيا على تقديم مساهمات تقنية، وتبادل معلومات وحلول، وليس المراقبة أو المشاركة في قيادة هذه المنظومة. كما أن روسيا تعتقد أن الدرع الصاروخي المزمع إقامته على أراضي تشيكيا وبولندا قد يكون الخطوة الأولى لنشره على أراضي القارة الأوروبية كلها، وهذا ما ينسجم مع تبريرات حلف الناتو (Nato) عن توسيع حدوده، وبالتالي فقد تنتشر قوى الدفاع الصاروخي في غرب أوروبا، وهذا ما تعتبره روسيا إخلالاً بالتوازن الاستراتيجي بينها وبين الولايات المتحدة، وفق المعاهدات المعقودة بينهما. ولقد أوضحت روسيا للولايات المتحدة، أن الأراضي الروسية تمتلك ميزة أفضل لبناء درع صاروخي في مواجهة أي تهديد، خصوصاً من الجنوب، قد يهدد الولايات المتحدة، ولكن هذه الأخيرة لم تبدِ حماساً لمشاركة روسيا. يضاف الى ذلك أن هناك معلومات كثيرة لدى روسيا أن الولايات المتحدة تخطط لنشر أجزاء من منظومة دفاعها الصاروخي جنوب الحدود الروسية (جورجيا وأذربيجان)، (لعل هذا كان أحد أسباب الحرب الجورجية الروسية الأخيرة)، وهو ما يؤكد مخاوف الروس من أن الدرع الصاروخي الأميركي إنما يستهدف التهديدات الآتية من الجنوب، من روسيا في الوقت نفسه. وبالاستناد لرأي الخبراء الروس والأميركان، فإن صاروخاً مضاداً للصواريخ، ينطلق بسرعة 4.5 الى 9 كلم/ثانية يمكن أن يدمر هدفاً على مسافة 2000 الى 2500 كلم من مكان نصبه، (إذا كان منصوباً في شمال شرق بولندا، مثلاً)، لذلك فإن الصواريخ المنصوبة في شرق أوروبا، يمكن، برأي الخبراء، أن تصيب تلك المنشورة في قواعد: «شليابنسك»، «أورونبرغ» و«ساراتوف» الروسية. كما أن بعض الخبراء يقول إن الصاروخ المنطلق بسرعة 9 كلم/ثانية يمكنه إصابة أي صاروخ بالستي منطلق من أي قسم من روسيا الأوروبية، وتدمير رأسه الحربي.
وجهة نظر الولايات المتحدة حول درع الدفاع الصاروخي الأميركي في أوروبا
يرى الأميركيون أن أوروبا لا تملك دفاعاً ضد الصواريخ متوسطة، وبعيدة المدى، لذلك فإن منصات الصواريخ الدفاعية التي تقترح الولايات المتحدة إقامتها في وسط أوروبا (الرادار في تشيكيا، وعشر منصات صاروخية في بولندا)، ستعمل بالإرتباط والتكامل مع غيرها من عناصر منظومة الدفاع الصاروخية الأميركية، مما يؤمن لأوروبا وسائل الدفاع الأولية تجاه أي خطر أو تهديد. كما أن الولايات المتحدة عرضت نشر هذه المنصات والقواعد وإقامتها على نفقتها الخاصة، وتأمل بإنجازها بحلول العام 2013، وهذا التاريخ يسبق تاريخ إمكان إيران امتلاك صواريخ بالستية بعيدة المدى، كما يتوقع الأميركيون، أو يرجحون.
وقد صرّح مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون أوروبا وأوراسيا، «أن الولايات المتحدة ليست بحاجة الى نشر هذه الصواريخ لتدافع عن نفسها ولكن أمن أوروبا هو من أمن الولايات المتحدة، كما أن الأمن عبر الأطلسي لا يمكن تجزئته، وأوروبا الوسطى هي المكان المثالي لحماية أمن أوروبا، وأمن الولايات المتحدة ضد أية صواريخ بالستية تطلق من الشرق الأوسط.
وقد قامت الولايات المتحدة بشرح وجهة نظرها، وبذلت جهوداً لإقناع حلفائها، وتبديد هواجسهم حول الموضوع وخصوصاً روسيا، التي تعرف أن هذه الصواريخ لا يمكن أن تشكّل خطراً عليها، أو على قوة دفاعها الصاروخية البالستية، ويرى الأميركيون، أنه استناداً الى إمكانات الصواريخ البالستية الدفاعية ووفقاً للمواقع الجغرافية، فإن منظومة الدفاع هذه في أوروبا الوسطى، لا تملك إمكان التصدي للصواريخ البالستية الروسية البعيدة المدى، وبذلك فإن الاعتراض الروسي، والإدعاء بالإخلال بالتوازن الاستراتيجي غير صحيح برأي الأميركيين، وأن تهديد روسيا لدول أوروبا في حال إنجاز هذا المشروع، هو من قبيل التهويل والتكتيك الروسي لفصل الولايات المتحدة عن حلفائها الأوروبيين، والتأثير عليهم لمنعهم من إقامة هذه المنظومة على أراضيهم.
العودة الى سباق التسلح
لم تتوصل المفاوضات الروسية - الأميركية، حول مشروع الدرع الصاروخي طوال الأعوام الماضية، الى حل يرضي الطرفين، إذ حافظ كل على موقفه، ومقترحاته، ورؤيته لإنجاز هذا المشروع. كذلك لم تفلح الجولات المتعددة واللقاءات ما بين الرئيس الروسي السابق، ورئيس الوزراء الحالي فلاديمير بوتين، والرئيس الأميركي جورج دبليو بوش، في إقناع الطرف الروسي بالموافقة على المشروع الأميركي، ولا أفلحت مقترحات الطرف الروسي في تغيير الموقف الأميركي، فتأجل البحث في المشروع. غير أن الأحداث التي وقعت في القوقاز مؤخراً، والحرب الروسية الجورجية، والطريقة التي انتهت بها، سرّعت في قبول تشيكيا، وبولندا، للمشروع، بعد ترددهما سابقاً، إلا أن ذلك استدعى رداً روسياً قاسياً، ومهدداً الدولتين بأنهما ستتعرضان لتلقي ردات فعل أي هجوم عليها من قبل هذه الصواريخ، مما سيعرضهما للخطر، ويحولهما الى هدف للصواريخ الروسية، كما هدد بعض القادة العسكريين الروس بقصف مراكز هذه الصواريخ في البلدين. كذلك صرّح الرئيس الروسي (ميدفيديف) بأن روسيا ستقوم ببناء دروع صاروخية دفاعية، وأنها وضعت قواتها في حالة جهوز دائمة، وأمر بإعادة تجديد الصناعات العسكرية النووية الردعية، وطلب من قادة جيشه وضع الخطط العصرية لإعادة تنظيم الجيش بحلول شهر كانون الأول 2008.
كما صرّح بأن روسيا ستبدأ بمرحلة نتاج كثيف للبوارج الحربية، خصوصاً النووية منها والتي تحمل صواريخ «كروز»، والغواصات ذات المهام المتعددة، وحدد أن منظومة الردع النووية لمختلف الظروف السياسية والعسكرية يجب أن تؤمن بحلول العام 2020.
هكذا، يبدو أن هذا الموقف، يعتبر بمنزلة إعلان عن بدء سباق تسلح جديد مع الولايات المتحدة الأميركية، وقد بدأت تباشيره تظهر، بإعلان رغبة روسيا بيع فنزويلا المعادية لسياسة الولايات المتحدة في أميركا اللاتينية، تقنيات نووية، كما صرّح بذلك الرئيس الروسي في أثناء زيارته لتلك الدولة، كما صرّح برغبة روسيا في دعم سوريا، وتقديم اليورانيوم المخصب الى إيران، ومساعدتها في بناء مفاعلاتها النووية.
ولكن هل سينحصر هذا السباق في التسلح في روسيا وحدها؟ أم أن منطق الأمور، وطبيعة العلاقات الدولية، يشيران الى أن هذا السباق سيشمل معظم الدول الكبيرة في العالم، وخصوصاً النووية منها، والتي تسعى لأن تكون كذلك، فمن الصين والهند، والباكستان، الى إيران وحتى أميركا الجنوبية، يبدو أن ردات الفعل تؤيد التوجه الروسي!
روسيا واستراتيجيتها الجديدة أو «فك الطوق»
على أثر الحرب الروسية الجورجية، التي اندلعت في القوقاز يوم 8 آب 2008 واجتياح الروس لأوسيتيا الجنوبية وقسم من أراضي جورجيا نفسها، وبعد تدخل دول الاتحاد الأوروبي، وتهديدات الولايات المتحدة، أعلن الرئيس الروسي ميدفيديف ما يمكن اعتباره خطة طريق روسية في عالم ما بعد الأمركة للعالم (Post - America)، واستراتيجيا جديدة لعلاقات روسيا عبر العالم تقوم على الأسس الآتية:
1- إعتراف روسيا بمبادئ القانون الدولي كأساس ومنظم للعلاقات الدولية بين الأمم.
2- تعدد الأقطاب في العالم، فعهد العالم أحادي القطب، والمهيمن لا يمكن السماح به بعد الآن.
3- روسيا لا تريد عزل نفسها، ولا تريد المواجهة مع أي بلد آخر وستقيم علاقات ودية مع أوروبا والولايات المتحدة، وغيرها.
4- تعتبر حماية المواطنين الروس وكرامتهم «أينما وجدوا» أولوية روسية، كذلك حماية مصالح رجال الأعمال الروس، والتأكيد على أن روسيا سترد على أي أعمال عدوانية ترتكب ضدها.
5- أن لروسيا مصالح في بعض الأقاليم التي تجاورها ولها معها علاقات تاريخية مميزة، ودية، وصداقة قديمة وهي ستعمل على تطوير هذه العلاقات لمصلحة الطرفين.
ولعل هذه النقطة الأخيرة، إشارة واضحة، أن لروسيا مصالح في محيطها القريب، خصوصاً تلك الدول التي كانت تدور في فلك الاتحاد السوفياتي، ولن تقبل بتدخل الآخرين في هذا المحيط، الذي تعتبره «فضاءها الحيوي»، وخط دفاع أول عن أمنها، وميدان مصالحها. وفي هذا السياق فإن قضيتي نشر الصواريخ على أراضي هذه الدول، ومدّ أنابيب النفط عبر أراضيها، هما أساس في حفظ أمن روسيا ومصالحها الاقتصادية ونفوذها السياسي المباشر.
ولكن الزعماء الروس يبدون حرصاً شديداً في ردود أفعالهم على أن يفسّر تصرّفهم في جورجيا والقوقاز بأنه تدبير وقائي وردعي رداً على تفجير «حلف الناتو» لهذه الحرب، كما قال الرئيس الروسي، والذي اعتبر أن واشنطن تحاول السيطرة على روسيا وتعيين رؤسائها. أو كما يؤكد رئيس وزراء روسيا (بوتين): «بأن روسيا لن تنجرّ الى حرب باردة جديدة هدفها تعطيل نمو الاقتصاد الروسي، ومشدداً على ضرورة إقامة قواعد وأصول جديدة للتعاون الدولي، وأنه لا يمكن لدولة ولو كانت كبيرة وقوية أن تحل لوحدها مشاكل العالم من دون إشراك شركاء آخرين».
ولعل الأزمة الاقتصادية العالمية اليوم شاهد آخر على ضرورة وضع أسس لنظام عالمي تشاركي جديد لإنقاذ ما يمكن إنقاذه...
المراجع
1- www.wikipedia: Russia (07/08)
II- Le Monde Diplomatique - Septembre 2008 - No 654 Retour Russe par Serge Halimi - P. 1.
III- Missile Defence Challengers.
IV- www.frstrategie.org/barre FRS/. Russia’s cold war perspective on missile defense in Europe.
V- www.Timesonline - 27 sept 2008 - Russia to build missile defense shield by Tony Halpin.
VI- Consequences of missile defense shield in the world www. On line exclusive.
7- جريدة الحياة 16/8/2008 و20/9/2008 - ص7.
8- قناة المنار 10/9/2008.
9- جريدة البلد 25/8/2008 - ص14.