- En
- Fr
- عربي
تربية وطفولة
إعطاء صلاحيات للبكر هل يحلّ المشكلة؟
مشاكل الغيرة بين الأخوة طبيعية، المهم أن يعرف الأهل وخصوصًا الأم، كيف يتعاملون معها بذكاء، كي لا تتطور إلى عدائية. البعض يعمدون إلى استراتيجية تحميل الولد البكر مسؤولية الأصغر منه، معتبرين أنّها تجعله يتخطى مشاعر الغيرة، لكن هل ذلك صحيح؟
لن يكون حزينًا...
من الشائع جدًا رؤية أخوة يتفاهمون في عمر السنتين أو ثلاث سنوات، ولا يعبرون كثيرًا عن غيرتهم من بعضهم، خصوصًا إذا كانت الأم شديدة الانتباه لأطفالها وترعاهم بالأهمية نفسها. وخلافًا لاعتقاد بعض الأهل، فإن الولد البكر لن يكون حزينًا لوجود أخيه الصغير في المنزل، مع أنه يمر أحيانًا «بمرحلة النكوص»، أي أنه يتصرف كالطفل، فيطلب مثلًا زجاجة حليب أو مصاصة أسوة بأخيه الصغير، لكنه يحب هذا الصغير ويسعد للاهتمام به. في حالة كهذه يبدو أن العائلة تجاوزت «قطوع» الغيرة والتنافس بين الأخوة.
لا تنامي عزيزتي الأم على حرير أو تؤخذي بالمظاهر، لأنّ طفلك، طالما بقي مسترخيًا على فراشه، فلن يشكل لأخيه البكر أي منافسة، ولكن الأمور قد تتعقد عندما يكبر الصغير ويستقل بنفسه، فيحاول البكر أن يقلد حركاتك ويشعر بالفخر لأن أخيه الصغير أيضًا يقلد حركاته ويتصرّف مثله.
الرغبة في إرضاء الأهل
على الأهل أن يفهموا أن العطف الذي يظهره البكر لأخيه الصغير ناتج فقط من رغبته في إعجاب والديه وخصوصًا أمه. والتحليل الذي يجريه الولد البكر في ذهنه هو الآتي: إذا أظهرت اهتمامًا بهذا الولد الذي يزعجني، فإنّ أمي ستحبني، أما إذا أسأت التصرف معه، فإنها ستغضب وقد تحبه أكثر مني. والسبب الثاني الذي يدفع الأولاد إلى الإهتمام بأخوتهم الصغار، هو محاولة التخلص من الضغط المتزايد عليهم. فالولد الذي يخضع لقواعد وممنوعات معيّنة في المدرسة والبيت، يرغب في الانتقام من شخص ما. وهذا الشخص هو أخوه الصغير، فنراه يقول له بعصبيّة مثلًا: ستأكل كل طعامك، وإلّا... هذا التصرّف يريح الطفل من الضغوطات المتراكمة عليه، ويشعره بالقوّة. إذًا، يهدف الولد، من خلال إظهار محبّته وعطفه لأخيه الصغير، إلى تحقيق أمرين: كسب محبّة والديه ورضاهما، والتخلّص من القسوة المتراكمة عليه.
لا تفوّضي إليه صلاحيات كثيرة
الأهم صديقتي الأم، أن لا تقعي في خطأ إعطاء صلاحيات كثيرة لولدك البكر، حتى ولو أظهر قدرة على القيام بها، فهذا التصرّف سيكون قاسيًا عليه وغير سليم بالنسبة الى أخيه الصغير. وعلى عكس القول الشائع بأنّ التقارب في أعمار الأخوة يبعد الصعوبات، فإنّ الأميركيين يعتبرون أن فترة ثلاث أو أربع سنوات بين الولادة والأخرى، مثالية جدًا. فالولد يجد خلالها الوقت الكافي لاكتشاف حنان والديه، وينضج أكثر ليترك المكان لأخيه الصغير.
عبّري عن حبك
لكي تهدأ نوبات السلطة، عند الولد البكر، على الأم أن تحرص على التعبير عن حبّها له، فهو بحاجة إلى ذلك وإن كبر. سيحاول أحيانًا أن يتصرّف كالطّفل الصغير، لا بأس، اتركيه يفعل ما يشاء، ولكن تحدثي معه في الموضوع: قولي له مثلاً أنك لن تتخلي أبدًا عن حبك له، وأنك عندما كنت صغيرة كان عندك أخ لا يطاق. هذا الكلام يريحه لأن الغيرة الأخوية تزداد دائمًا نتيجة الشعور بالذنب، فإذا حاول شخص ناضج أن يظهر للطفل أنّه يفهم غيرته من أخيه وعدم محبته له، فإنه يريح قلبه ويزيل الكثير من المشاكل. وشيئًا فشيئًا ستولد مشاعر جميلة بين الأخوة، شرط أن يتركهم الأهل يعيشون جانبًا من حياتهم باستقلالية وهدوء. فالتفاهم الأكبر ينمو بين الأخوة عندما يكونون لوحدهم.