- En
- Fr
- عربي
مؤتمرات
تناقضات الصراع والتحوّل في العالم العربي
«تناقضات الصراع والتحوّل في العالم العربي» عنوان المؤتمر الإقليمي السابع الذي ينظّمه كما في كل عام مركز البحوث والدراسات الاستراتيجية في الجيش اللبناني. عُقد المؤتمر في فندق مونرو – بيروت برعاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وشاركت فيه شخصيات وطنية ودبلوماسية وعسكرية، إلى باحثين وأكاديميين من لبنان وبلدان عربية وإقليمية ودولية، ومن منظّمات دولية.
حفل الاستقبال
سبق افتتاح المؤتـمر حفل استقبال في النادي العسكري المركزي - المنارة، حضره وزير الدفاع الوطني المهندس يعقوب رياض الصرّاف ممثلًا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، النائب قاسم هاشم ممثـلًا رئيس مجلس النواب نبيه بري، أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، نائب رئيس الحكومة وزير الصحة غسّان حاصباني، وزير الصناعة حسين الحاج حسن، وزير الشؤون الاجتماعية بيار بو عاصي، قائد الجيش العماد جوزاف عون، مدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم، وعدد كبير من الشخصيات السياسة والدبلوماسية والاقتصادية والأكاديمية.
الوزير الصرّاف
في كلمته، لفت وزير الدفاع إلى أنّ المؤتمر الإقليمي السابع ينعقد وسط الكثير من التحدّيات والتطلّعات؛ تحدّيات ناجمة عن استمرار التصعيد العسكري والسياسي في منطقة الشرق الأوسط، وما يرافق ذلك من تناقضات وإعادة خلط للأوراق والتوازنات، وانعكاس ذلك كله على لبنان بشكل أو بآخر. أما التطلّعات، فهي تلك المدفوعة بإرادة صلبة من العهد الجديد بقيادة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، والتي تقضي بتجنيب لبنان إلى أقصى حدٍ ممكن، شبح الأزمات التي تلفّ المنطقة، والانطلاق في ورشة النهوض بالدولة وإصلاح مؤسساتها، مهما اعترض ذلك من مصاعب وعقبات، فلا مناص من تضافر الجهود وشبك السواعد للتقدّم إلى الأمام والوصول بالوطن إلى شاطئ الأمان والاستقرار.
وأضاف: «ليس خافيًا على أحد أنّ مؤسسة الجيش اللبناني هي في طليعة المؤسسات الوطنية التي تشكّل أعمدة بنيان الاستقرار الوطني، لا بل حجر الزاوية فيه، بعد أن أثبتت هذه المؤسسة على أرض الواقع وبإمكاناتها المحدودة، جدارتها في مواجهة الإرهاب، واستعدادها اللامحدود للتضحية دفاعًا عن وحدة الوطن وسيادته واستقلاله وسلامة أراضيه ومياهه... من هنا، يضع رئيس الجمهورية في سلّم أولويّاته، تعزيز قدرات الجيش، سواء بالإمكانات المحلية المتاحة، أو من خلال التعاون مع الدول الصديقة، انطلاقًا من حرص هذه الأخيرة على حماية استقرار لبنان، ومن الجهد الدولي المشترك في محاربة الإرهاب، والذي يساهم لبنان فيه بكل ما أوتي من طاقات وإمكانات».
وأشار الوزير الصرّاف إلى إنّ نجاح مركز البحوث والدراسات الاستراتيجية في إقامة هذه المؤتمرات، ذات البعد الاستراتيجي الذي يتناول أبرز المعضلات والمشكلات التي تعانيها المنطقة، وصولًا إلى توصيف أسبابها لا الاكتفاء بتوصيف أعراضها ونتائجها فحسب، لهو دليلٌ واضح على المستوى الفكري والثقافي الرفيع الذي يتمتع به ضباط الجيش، والشعور العالي بالمسؤولية لدى قيادته تجاه قضايا المنطقة، كجزء لا يتجزأ من مسؤولية لبنان الرسالة، في نشر ثقافة التنوّع والانفتاح والحوار، وتعبيد الطريق إلى السلام الذي تطمح إليه شعوب المنطقة...
العماد عون
قائد الجيش العماد جوزاف عون ألقى كلمة قال فيها: «للمرة السابعة على التوالي، يتشرّف الجيش اللبناني باستضافة حلقة جديدة من حلقات المؤتمر الإقليمي الخاص بمنطقة الشرق الأوسط، وبمشاركة نخبة من الأكاديميين والمفكّرين، المحليين والدوليين، ما يشير بصورة واضحة إلى نجاح هذا المؤتمر خلال السنوات الفائتة في تحقيق الأهداف والغايات المرجوّة منه، أي تسليط الضوء على خلفيات الأزمات الشائكة التي تعانيها المنطقة، بتشعّباتها وأبعادها العميقة، إلى جانب اقتراح الحلول الموضوعية لمعالجتها بروح المسؤولية والتجرّد والحيادية».
ولفت قائد الجيش إلى أنّ «الصراع حول منطقة الشرق الأوسط لم يتوقّف في أيّ حقبة من حقبات التاريخ بسبب موقعها الجيوسياسي والاقتصادي المميز، لكنّ الصراع الدائر فيها حاليًا يكاد يكون الأخطر على الإطلاق، إذ بات يهدد البنية الأساسية لوحدة أوطانها وتماسك مجتمعاتها، نتيجة تفاقم العنف واحتدام التناقضات وانتشار الإرهاب على نطاق واسع، واتّخاذ النزاعات القائمة أبعادًا سياسية وإيديولوجية معقّدة، كما أنّ هذا الصراع تعدّى حدود المنطقة، ليطال بشظاياه العديد من القارات والدول على أكثر من صعيد»، وقال: «إذا كان تشابك المصالح الدولية حول الثروات ومناطق النفوذ في المنطقة، يشكل جزءًا من الصراع القائم، فإنّ الجزء الآخر منه يكمن في الأزمات الداخلية التي تعصف بالعديد من بلدانها، والتي أضافت إلى المشكلات السياسية والاجتماعية المزمنة، مشكلات طائفية وإثنية وأمنية، يمثّل الإرهاب فيها بمسمّياته وأشكاله وأساليبه المختلفة، العنصر الأكثر قدرة على تأجيج نارها واللعب على أوتار تناقضاتها».
وشدّد العماد عون على أنّه «بات من الضروري تكثيف الجهود الداخلية والدولية لمواجهة هذا الخطر، عسكريًا وفكريًا وثقافيًا، جنبًا إلى جنب مع تغليب البعد الوطني والإنساني على أيّ بعدٍ آخر في المعالجات المقترحة، على قاعدة تأمين الحرية والعدالة والمساواة واحترام التنوّع والحضور الفاعل للأقلّيات، والإيمان بثقافة الحوار والانفتاح وقبول الآخر».
وأضاف: «وسط الحرائق التي تجتاح المنطقة والتحوّلات الكبرى التي تشهدها على أكثر من صعيد، آلينا على أنفسنا في الجيش اللبناني إعطاء الأولويّة القصوى للحفاظ على الاستقرار الوطني، سواء من خلال جهوزية وحداتنا على الحدود الجنوبية استعدادًا لمواجهة ما يخطط له العدو الإسرائيلي أو على الحدود الشرقية لمواجهة التنظيمات الإرهابية أو في الداخل لضبط الأمن ومنع الإخلال به...»، مؤكّدًا أنّ الجيش اللبناني ماضٍ في حماية هذا الاستقرار... ومطمئنًا اللبنانيين الى أنّ جهوزيته، سلاحًا وعتادًا ومعنويات، هي اليوم أفضل من أي وقت مضى...
العميد الركن أبي فرّاج
ألقى كلمة الافتتاح رئيس مركز البحوث والدراسات الاستراتيجية في الجيش اللبناني، ورئيس اللجنة العامة للمؤتمر العميد الركن فادي أبي فرّاج، فعرض برنامج المؤتمر وفعالياته وأهميته على الصُعُد الإقليمية والدولية، مشيرًا إلى أنّه ينعقد تحت شعار التنوّع والحرية...
ولفت إلى أنّ كلّ الآمال معقودة على حيوية النقاشات والمداخلات وجدّيتها، وعلى صدور توصيات تكون في خدمة الباحثين والمكتبات العلمية، وأصحاب القرار...
أبو الغيط
عقدت الجلسة العامة الافتتاحية في حضور وزير الاتصالات جمال الجرّاح ممثلًا رئيس الحكومة سعد الحريري، وأمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، والعميد الركن كلود الحايك ممثلًا قائد الجيش العماد جوزاف عون، وشخصيات سياسية وأمنية وباحثين...
وقد تحدّث في مستهلّها العميد الركن أبي فرّاج، ثم كانت الكلمة لأمين عام جامعة الدول العربية الذي قال: نحن أمام جملة من التحوّلات والتغيّرات والعمليات التاريخية التي تتفاعل في طول المنطقة وعرضها، وثمة كيانات سياسية تاريخية تتعرّض أمام أعيننا لخطر الزوال. هناك دول نشأت في فترات مختلفة خلال القرن الماضي، واستمرت ككيانات وطنية موحّدة، تواجه اليوم خطر التفكّك والانفجار. الضغوط تتوالى على هذه الكيانات من الداخل والخارج في الوقت ذاته، العقد الاجتماعي الناظم لهذه المجتمعات مهدّد بالانقسام الكامل... وثمّة سباق اليوم على وراثة هذه الكيانات السياسية أو الحصول على مناطق نفوذ داخلها. لا أحد يعلم إن بدأ التفكيك متى ينتهي، أو عند أيّ حدّ يقف، فإذا انفصمت عُرى الدولة الوطنية التي عرفتها المنطقة العربية منذ اتفاق سايكس - بيكو، في عشرينيات القرن الماضي، فإنّ البديل سيكون شيئًا جديدًا علينا جميعًا، بيئة استراتيجية مختلفة تؤدي فيها الجماعات الإرهابية والميليشيات والكيانات الطائفية بل والقبائل والتحالفات المناطقية أدوارًا متصاعدة.
وتمنّى أبو الغيط أن تكلّل الجهود الجارية بالتوفيق، وأن تتمكّن من إيقاف مسلسل الفوضى والتفتيت المستمر منذ ما يربو على ستة أعوام. وقال: إنّ دور الجامعة العربية في تسوية الأزمات العربية يواجه تحدّيات لا شك أنّكم ترصدونها جميعًا، فتحرّك الجامعة مرهون بإرادة الدول الأعضاء، ذلك أنّها لا تمثّل إرادة أكبر منهم، وإنما تعدّ تجسيدًا لإرادتهم الجماعية إن اكتملت، ولكلماتهم إن اجتمعت، والجامعة ليست مؤسسة تُعنى بالسياسة فحسب، وإنما هي بوتقة جامعة لكل مجالات العمل العربي المشترك في الاقتصاد والثقافة وغيرها. وهي تركّز على هذه المجالات بالذات لأنّها تنطوي على أملٍ حقيقي وتغرس ثمرًا للمستقبل. وليس معنى هذا أنّ الجامعة تغفل دورها السياسي أو تتناساه، وإنما هي تحرص على ممارسته بحساب، عارفة ما لها وما عليها، ومن دون افتئات على رؤية الدول وقرارها السيادي.. وبحيث يوظف ثقل الجامعة المعنوي والأخلاقي والسياسي في المكان والوقت المناسبين...
وتابع: «ثمّة تغيّرات اجتماعية عميقة تجتاح المنطقة من أقصاها إلى أقصاها، ولا يمكن لأي مجتمع عربي أن يدّعي بأنّه بمنأى عنها. أخطر هذه التغيّرات على الإطلاق هو الطفرة الشبابية: 60 بالمئة من سكّان المجتمعات العربية تقلّ أعمارهم عن 29 عامًا، هناك قوة بشرية هائلة يتجاوز حجمها المئة مليون شاب عربي أعمارهم تراوح بين 15 و29 عامًا. هذا الاتجاه سوف يستمرّ حتى العام 2050، وهذه «الظاهرة الشبابية» إن جاز التعبير، تصحبها أزمة عنيفة في الهوية، فجيل الشباب الحالي هو باليقين الأكثر اتصالًا بالعالم الخارجي بواقع إتاحة وسائط الاتصال وتكنولوجيا المعلومات على نطاق واسع، وهو جيل ممزّق بين ما يراه على الشاشات، وما يلمسه ويعانيه في واقع الحياة. وهو أيضًا ضحية لحالة من العجز المزمن عن إيجاد «نموذج تنموي» أو صيغة اقتصادية ناجحة تسمح باستيعاب هذه الإمكانات الهائلة وتحويلها إلى طاقة نموٍ تدفع المجتمعات للأمام. إنّ البعض يقدّر أنّ المنطقة العربية في حاجة إلى نحو 60 مليون وظيفة خلال العقد القادم لاستيعاب هؤلاء الشباب وإبعاد شبح البطالة عنهم، والرقم وحده يكشف عن حجم التحدّي الذي نواجهه».
وأضاف: «لا يخفى أنّ مثل هذه الطفرة الشبابية تضع الأوطان أمام اختبارات صعبة تتحدّى استقرارها، فالمجتمعات ذات الثقل الشبابي الكبير أكثر عرضة للفورات والاضطرابات، وأكثر ميلًا إلى العنف، والتضافر بين هذين العاملين، الانفجار السكاني والتراجع الاقتصادي، يخلق كتلة حرجة خطرة يتعيّن على الحكومات والمجتمعات العربية تفادي الوصول إليها». وأضاف: «البيئة الدولية والإقليمية لا تساعد على التئام الأوضاع في المنطقة العربية، بل تدفع لتفاقمها وتخلق ظروفًا تفضي إلى المزيد من تشرذمها وتفكّكها، فهناك أولًا حالة من انعدام اليقين في قمة النظام الغربي. ثمة صعود في الاتجاهات الشعبوية لا تخطئه عين، ويتعيّن علينا أن نراقب بدقة تبعاته على منطقتنا، وعلى العلاقات العربية الغربية بصفة عامة. وهناك ثانيًا، عودة لما يشبه التنافس على المنطقة بين أقطاب النظام الدولي، وليس من الواضح بعد إلى أين سيقود هذا التنافس، ولكن المؤكّد أنّنا نلمس بوادر غير طيبة لاقتسام النفوذ...».
وأردف قائلًا: «يضاف إلى ذلك حالة التنمّر والتربّص من جانب قوى إقليمية ترى في حالة السيولة فرصة يتعيّن اقتناصها، وغنيمة ينبغي الفوز بها. ولا ننسى أنّ استمرار القضية الفلسطينية من دون حلّ يفرض على الدول المحيطة بإسرائيل ومنها لبنان، أعباء أمنية مضاعفة. ولا شك أنّ هذه المؤثّرات الخارجية سواء من النظام الدولي أو من الإقليم المحيط، تلقي بظلالها على الصراعات الدائرة في المنطقة العربية، فها هي حروب الوكالة التي كانت قد توارت مع أفول زمن الحرب الباردة، تعود لتطلّ برأسها من جديد. وهي حروب عالية التكلفة، هائلة الضحايا، وعادة ما تمتدّ لفترة زمنية طويلة، لأنّها تدار بواسطة أطراف خارجية لا تعاني مجتمعاتها ويلاتها، وغالبًا ما يكون لدى هذه الأطراف الاستعداد للاستمرار في ضخّ السلاح والدعم المادي إلى أن تتحقّق أهدافها، أو أن تحرم خصومها من تحقيق أهدافهم، وسواء تصارع الكبار أم تصالحوا فإنّ المنطقة تصير في زمن التنافس الدولي أكثر انكشافًا وتعرّضًا لمخاطر الانقسام».
أعمال المؤتمر
في المرحلة الأولى من أعمال المؤتمر، تحدّث السفير الروسي ألكسندر زاسبيكين مستعرضًا تطوّرات الأحداث في العالم خلال السنوات العشر الماضية، وخصوصًا خلال الأحداث الدموية في الشرق الأوسط، وبعد ذلك في أوكرانيا، وقال إنّ روسيا دعت منذ البداية إلى تسوية سياسية سلمية للنزاعات من خلال إجراء حوار وطني تشارك فيه كل مكوّنات المجتمع... مؤكّدًا أنّها تجري اتصالات في سبيل الحلّ السلمي، وفي الوقت نفسه تساعد في مكافحة الإرهاب، وتقدم المساعدات الإنسانية... وأنّ روسيا تمارس استراتيجية التوازن الدولي وإقامة نظام التعددية وتأمين الأمن والاستقرار وتسوية النزاعات، والبند الأول فيها مكافحة الإرهاب، لأنّه مشكلة عالمية تهدد الجميع...
الصقّال
رئيس مجلس إدارة ملتقى التأثير المدني المهندس فهد الصقّال، رأى أنّ في الشرق الأوسط ثلاثة مشاريع إقليمية هي، المشروع الصهيوني، والمشروع الإيراني، والمشروع التركي.
ولفت إلى أنّه من الصعب التكهّن بمواقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والصين... فضلًا عن كون الاتحاد الأوروبي مشغول حاليًا في إعادة ترتيب أوضاعه. واعتبر أنّ كلًا من هؤلاء يبحث عن دورٍ له في توليد شرق أوسط جديد يستجيب لمصالحه بالتزامن مع انتهاء صلاحية معاهدة سايكس – بيكو.
افرام
ألقى أنطوان عويط كلمة المهندس نعمت افرام ومما جاء فيها، إنّ عالمنا العربي يواجه التفضيل ما بين إرهاب متوحش، أو صراع مذهبي مستعر، وما بين استقرار تؤمّنه ديكتاتوريات ظلامية أو فوضى عبثية تضرب الدساتير والأنظمة... ما أصاب ويصيب عالمنا العربي هو خلل بنيوي في مقاربة هاتين الثابتتين. ففي الفهم الخاطئ لمفهوم الحرية والكرامة الفردية، كان الوقوع في أسر الطائفية والمذهبية. وفي ممارسات منحرفة في إدارة شؤون الأوطان كان الوقوع في شرك الفوضى والثورات والحروب...
بعد ذلك توزّع المشاركون في ثلاث مجموعات عمل ناقشت ثلاث محاور مهمة هي مواضيع الساعة وتضمّنت:
1- مستقبل الشرق الأوسط في ظل الصراعات الدولية (موسكو، واشنطن، بكين) وفي ظلّ الصراعات الإقليمية (العدو الإسرائيلي، تركيا، إيران).
2- مستقبل الأقلّيات في العالم العربي في ظلّ الصراعات الدولية والإقليمية الجيوستراتيجية والاقتصادية.
3- هل تنعكس تداعيات الحروب في المشرق العربي على رسم حدود جديدة (سايكس- بيكو2)؟
الجلسة الختامية والتوصيات
اختتمت أعمال المؤتمر بإعلان مجموعات العمل التوصيات النهائية للمواضيع المطروحة. وكان قد افتتح برنامج اليوم الأخير بكلمةٍ ألقاها مدير المركز العميد الركن أبي فرّاج، تلتها كلمات مديري الجلسات.
وشكر العميد الركن أبي فرّاج الجهات الراعية للمؤتمر، وجميع الذين شاركوا في أعماله وأسهموا في إنجاحه. كما عرض نتائجه الإيجابية، لاسيما تبادل الطروحات والأفكار حول تناقضات الصراع والتحوّل في العالم العربي بروحٍ مهنية وموضوعية.
مجموعة العمل الأولى
ترأس هذه المجموعة الوزير السابق عدنان السيد حسين، وقد خلُصت إلى صياغة توصياتها وفق الآتي:
• دوليًا: معرفة المتغيّرات الدولية والعالمية بما في ذلك مصالح القوى الدولية الكبرى في العالم العربي والشرق الأوسط، تمهيدًا لصوغ علاقات ترعى المصالح المتبادلة من دون الوقوع في دائرة التبعيّة المطلقة التي تهدّد الدول والمجتمعات العربية. وإذا كان العالم العربي أول المتضرّرين من الإرهاب، فإنّ المسؤولية الدولية تقتضي التعاون مع المجتمع الدولي لمكافحة الإرهاب بضربات عسكرية وأمنية استباقية، وبتجفيف منابعه فكريًا وسياسيًا واقتصاديًا.
• إقليميًا: العمل على إنشاء نظامٍ إقليميٍ شرق أوسطي-عربي، أي مع دول الجوار الإقليمي (تركيا، إيران، أثيوبيا)؛ نظام يحترم القانون الدولي، ووحدة الدول المعنيّة، ويحقّق التعاون والتكامل الوظيفي-الاقتصادي والاجتماعي والتكنولوجي- بمعزلٍ عن النزاعات السياسية بين الحكومات. وبالتالي لا يتعارض مع التعاون العربي-المتوسطي، ولا يجب أن يتعارض مع العمل العربي المشترك على الرغم من الملاحظات السلبية الراهنة.
• عربيًا: العمل على إنشاء قوة عسكرية عربية مشتركة بعيدًا عن سياسة المحاور بهدف التدخل لوقف النزاعات الداخلية وصون الأمن العربي الشامل. والتنبّه إلى ضرورة اعتماد المفهوم الشامل للأمن: اقتصاديًا بالحفاظ على الموارد والثروات العربية في إطار التنمية الذاتية ثقافيًا وإعلاميًا، من خلال التركيز على فكرة المواطنة دفاعًا عن الوحدة الوطنية ورفض الفرز بين مواطني الدولة على أي أساسٍ كان، والسعي الحثيث مع وسائل الإعلام العربية لبلورة ثقافة مدنية بعيدًا عن التحريض الفئوي في إطار استراتيجية إعلامية عربية، والعمل لإقامة الدولة العربية الحديثة في إطار الانفتاح على العالم والتمسّك بالقيم الوطنية والعربية.
وأشارت هذه التوصيات إلى قضية فلسطين، قضية العرب الأولى من حيث مركز الاستقطاب الإقليمي والدولي، وبؤرة التوتّر الدائم المهدِّدة للسلم والأمن الدوليين. ورأت أنّ إيجاد الحل العادل لهذه القضية مسؤولية عربية وعالمية، بالتزامن مع وقف النزيف العربي، حيث أكبر معدل للتَّهجير والنزوح منذ الحرب العالمية الثانية. وما أزمة النزوح السوري في لبنان والدول المجاورة سوى دلالة على تهديد الأمن الوطني والأمن الدولي، ما يفرض وضع حدّ للحروب الأهلية والإقليمية المدعومة دوليًا في العالم العربي.
وحيّا المجتمعون والمشاركون الجيش اللبناني في جهوده الوطنية لردّ العدوان الإسرائيلي ومكافحة الإرهاب شاكرين مركز البحوث والدراسات الإستراتيجية، وآملين التعاون مع مراكز البحث العلمي والاستراتيجي على المستويين العربي والعالمي.
مجموعة العمل الثانية
انعقدت مجموعة العمل الثانية برئاسة القاضي الرئيس شكري صادر، وانتهت إلى توصيات من أبرزها:
• تفعيل الحوار على مستوى النُخب العربية والعمل على الارتقاء بالخطاب الديني إلى مستوى المسؤولية الوطنية.
• العمل على تحقيق الدولة المدنية وتعزيز المشاركة السياسية بما يضمن فعالية الديمقراطية التمثيلية.
• الاتفاق على جيوستراتيجية مشتركة للعالم العربي توفّق بين تذليل الخلافات والحفاظ على حقوق الأقليات، والتركيز على مصالح وعوامل استراتيجية مشتركة.
• التزام المواثيق والعهود الدولية الضامنة لحقوق الإنسان والمواطن، وفصل الدين عن الدولة، وضمان صياغة تشريعات وطنية، تحدّ من التمييز وتؤكد على المساواة بين جميع المواطنين، وإعادة النظر بالمناهج التربوية، بهدف ترسيخ مفهوم المواطنة وثقافة الاختلاف.
• إشاعة الخطاب التنويري، الذي يسمح بتجاوز التعصّب وعدم إثارة النعرات الطائفية أو المذهبية أو السياسية، وحل النزاعات بالطرق السلمية.
• ترسيخ مبدأ سيادة القانون والحكم الرشيد ودولة المؤسسات، وترسيخ الانتماء الوطني، وتعزيز التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية وتفعيل دور المجتمع المدني، ونشر ثقافة الحوار والسلام بين الحضارات والأديان...
مجموعة العمل الثالثة
توصّلت مداولات جلسات مجموعة العمل الثالثة التي ترأسها السفير ناصيف حتّي إلى جملة اقتراحات وخلاصات أبرزها:
• إصلاح هيكلي لجامعة الدول العربية، لتكون أكثر قدرة على التعامل مع التحّديات التي نعيشها في المنطقة.
• دعوة الأمين العام للجامعة للقيام بمبادرات في إطار الدبلوماسية الاستباقية والوقائية، لاحتواء الخلافات العربية ومنع تأجّجها، وتهيئة مناخات تسمح بتسوية الخلافات العربية.
• معارضة أي تغيير لِحدود الدول العربية والحفاظ على الوحدة الترابية.
• تشجيع ثقافة نقد الذات والحوار البنّاء، بغية معالجة القضايا الخلافية... وتعزيز الوحدة الوطنية وصيانتها، وتعزيز مفهوم المواطنة واحترام التنوّع والتعدّدية في إطار الوطن الواحد.
• إعطاء مضمون فعلي للهوية العربية الجامعة من خلال تعزيز التضامن العربي والمصالح العربية المشتركة، والدفع نحو بلورة استراتيجيات عربية مشتركة في مختلف المجالات التي تهمّ المواطن العربي والبيت العربي.
• تعزيز الأمن الاجتماعي كَرُكنٍ أساسي في حماية النسيج الوطني، وذلك من خلال بلورة سياسة تنموية إنسانية شاملة، وتعزيز التكامل العربي في مختلف المجالات.
• العمل على بلورة الأولويات العربية في استراتيجية موحّدة، تعزّز إمكان إجراء حوارات ناجحة وضرورية مع كل من تركيا وإيران.
• التأكيد على مركزيّة القضية الفلسطينية، وضرورة التحرّك العربي الجماعي في الأمم المتحدة وفي مختلف المنتديات والمحافل الدولية، بُغية إفشال السياسات التوسّعية والعنصرية الإسرائيلية والدفع نحو تنفيذٍ كاملٍ لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة...
• نبذ الإرهاب والتطرّف والتأكيد على أولويّة اعتماد سياسة شاملة لمحاربة الإرهاب واجتثاث جسور التطرّف.
• العمل على مواجهة السياسات والعقائد المذهبية والطائفية التي تهدّد النسيج الوطني لِلدول العربية.
• ايلاء أهميّة خاصة لقضية الشباب العربي، من خلال العمل على محاربة البطالة وتعزيز التعليم النوعي، وتخصيص منح دراسية عربية توفّر فرص التعليم والنجاح...
• تعزيز دور مراكز البحوث والدراسات التي تعمل في إطار عربي، بغية تعزيز التطوّر العلمي وهو الشرط الضروري لإحداث تنمية عربية شاملة.
في ختام المؤتمر، أقيم حفل تكريم للجهات الراعية والمموّلة، حضره عضو المجلس العسكري اللواء الركن جورج شريم ممثلًا قائد الجيش العماد جوزاف عون، وممثّلون عن هذه الجهات من ملتقى التأثير المدني، وغرفة التجارة والصناعة في بيروت وجبل لبنان، وشركة طيران الشرق الأوسط MEA، وجمعية المصارف، ومصرف فرنسبنك، ومعهد باسل فليحان المالي، إلى جانب مسؤولي مراكز الدراسات والأبحاث والفاعليات التي شاركت في المؤتمر، وشخصيات إعلامية وفكرية وثقافية. وأعقب الحفل غداءٌ على شرف المشاركين.