- En
- Fr
- عربي
مؤتمر
بين 9 و12 نيسان المنصرم عقد في فندق مونرو - بيروت، المؤتمر الإقليمي الرابع حول «الستاتيكو المرتقب في الشرق الأوسط في ضوء المتغيرات والتسويات المحتملة: شرعية أنظمة الحكم وركائز النظام الإقليمي الجديد».
المؤتمر الذي رعاه رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، نظّمه مركز البحوث والدراسات الإستراتيجية في الجيش اللبناني. وقد حضر الافتتاح نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الوطني سمير مقبل ممثلًا رئيس الجمهورية، والنائب علي بزي ممثلًا رئيس مجلس النواب نبيه بري، ووزير الشباب والرياضة عبد المطلب الحناوي ممثلًا رئيس مجلس الوزراء تمام سلام، قائد الجيش العماد جان قهوجي، وشخصيات سياسية وعسكرية وديبلوماسية، إلى باحثين أكاديميين من لبنان وبلدان عربية وإقليمية ودولية ومن منظمات دولية.
كلمة رئيس الجمهورية
ألقى الوزير مقبل كلمة الرئيس سليمان، فرحّب بالحضور و«خصوصًا الأصدقاء الذين تحملوا مشقات السفر وجاءوا الى لبنان للمشاركة في المؤتمر بهدف إنجاحه». وتابع قائلًا: «إن إنعقاد هذا المؤتمر في ظل التحديات التي تعيشها المنطقة وتأثيراتها الكبيرة على قيمها وتاريخها وحضارتها، يمثل تجسيدًا للحرية التي تشكل قيمة مضافة في سلم القيم اللبنانية، كما يدعونا مجددًا إلى تأكيد مجموعة من الثوابت، في مقدمها: التمسك بهوية لبنان وانتمائه العربي، والحرص على عدم التدخل بالشؤون الداخلية للدول، إلى جانب إلتزام القرارات الدولية، والتعاون إلى أقصى الحدود في مجال محاربة الإرهاب».
كلمة قائد الجيش
من جهته، عرض العماد جان قهوجي في كلمته للتحديات التي يواجهها لبنان والجيش من جرّاء تداعيات الأزمات الإقليمية، لافتًا إلى أن «ما وعد به الجيش قبل عام في المؤتمر الثالث، لجهة منع جعل لبنان ساحة للإرهابيين، يتحقّق اليوم في إنجازاته المتواصلة على هذا الصعيد».
وأضاف العماد قهوجي، «على الرغم من التضحيات الكبرى التي يقدمها الجيش من خيرة ضباطه وجنوده الذين يستشهدون من أجل لبنان وحده، فهو يستمر في ملاحقة الإرهابيين من دون هوادة. ونحن نعول على مشاركة الدول الصديقة للعمل معًا في معركتنا ضد الإرهاب، لأننا نعيش كما العالم أجمع، هذا الخطر الكبير».
وتابع قائد الجيش قائلًا: «إن لبنان يعاني اليوم ارتدادات الأحداث في سوريا وأزمة النازحين السوريين إليه، ومعالجة هذه القضية الخطيرة بعدما تخطى عدد النازحين المليون نازح، تحتاج إلى تضافر جهود جميع المعنيين في لبنان والخارج، للمساعدة على حلّها، لأنها اكبر من أن يحلّها شخص أو مؤسسة لوحدها. إن الجيش اللبناني أثبت من خلال وحدته وتماسكه، حرصه على استقرار لبنان، ومنع انجراره نحو أي نوع من أنواع الفتنة. وقد بدأنا في ظل الحكومة الجديدة وقرارها السياسي الواضح، تنفيذ خطة أمنية في طرابلس والشمال لوقف الإشتباكات ومنع الإنقلاب الامني».
كلمة العميد الركن خالد حماده
مدير مركز البحوث والدراسات الإستراتيجية العميد الركن خالد حماده عرض في كلمته المعطيات التي ارتكز عليها المؤتمر ويأتي في مقدمها مستقبل الصراع العسكري والسياسي في سوريا والتسوية المفترضة في جنيف، المفاوضات حول الملف الإيراني وتداعياته على العلاقات الدولية، والإصطفافات الجديدة ومستقبل خريطة الطريق نحو الديموقراطية في مصر، وإشكالية شرعية الأنظمة السياسية الناشئة بين الشريعة والقانون المدني. إنّ هذه الرؤية تواكبها سمات وعوامل:
- إستمرار الحرب الباردة ين الأطراف الإقليمية التي تنعكس تهديدًا في الأمن وخسارة في الإقتصاد وتعني استمرار حال اللااستقرار والتوجّس في لبنان وسوريا، واستمرار التشرذم الطائفي في العراق، واستمرار الإضطرابات في اليمن.
- إعادة إحياء دور المؤسسة العسكرية في مصر وجهد ملموس للخروج من سكون طويل كما في سابق الأيام لحماية الأمن العربي في مشرقه ومغربه.
- إرتفاع وتيرة الإرهاب التي أخرجت ما في أعماق المجتمع من طبائع ونزعات.
- إستمرار تفكّك العلاقات التقليدية داخل المجتمعات الواحدة والدفع باتجاه ايديولوجية تهدّد الشعور الوطني.
- إنكفاء أوروبي كرّس الإعتقاد أنه لم يبق لأوروبا دورًا تلعبه في أي أزمة دولية معقدة.
- تعثّر مفاوضات السلام العربي – الإسرائيلي واستمرار الإستيطان.
وختم بالتأكيد أنّ هناك بنيانًا فكريًا أنتجته النخب العربية يختلف عن ذلك الذي هيمن على مؤسسات البحث وصنع السياسات في الغرب منذ منتصف القرن الماضي والذي تحوّل إلى حلم إقامة أنظمة حكم إسلامية، وأنّ جدارة الغرب في أن يكوّن قوة عالمية فكرية وقيمية وسياسية لا يمكن إلاّ أن تأخذ بالحسبان، بل وتتلاءم، مع الديموغرافيا والإقتصاد والتراكم العلمي ومنظومة القيم التي تشكّل بمجملها نقاط القوة في العالم العربي.
افتتاح الجلسة العامة
الجلسة العامة الإفتتاحية للمؤتمر أدارها مدير مركز البحوث والدراسات الإستراتيجية العميد الركن خالد حماده وكانت بعنوان «الشرق الأوسط في السياسة الدولية: بين تشابك المصالح وإرادة الشراكة».
بعد النشيد الوطني اللبناني، ألقى العميد الركن حماده كلمة الافتتاح واستهلها بالإشارة الى «الحرب الباردة التي أفضت بنهايتها إلى خلق فضاء هائل من الاضطراب السياسي وعدم الإستقرار والحرب الأهلية، وأسفرت عن تدمير العلاقات الدوليّة وانهيارها وانهيار الأنظمة التي قامت أساسًا على ذلك التوازن، وبالتالي أضحى الشرق الأوسط أكثر قابلية للإنفجار من أي وقت مضى».
وأوضح العميد الركن حماده «أن السمتين البارزتين في العالم العربي هما ثبات مصالح القوى الكبرى وغياب الفعل العربي الرسمي على الساحة الدوليّة، ما حوّل الوطن العربي إلى ساحة جيوسياسية، وغيّبه كفاعل استراتيجيّ»، ملمّحًا إلى أنّ «تعثّر الولايات المتحدة في تحقيق الديمقراطية في كلّ من العراق وأفغانستان وإحجام الدول العربية عن الإضطلاع بدور مسؤول، أدّى إلى إتاحة الفرصة لقوى دولية وإقليمية لملء الفراغ».
وأشار العميد الركن حماده إلى «موجة التغييرات والثورات العربية التي اكتسبت بُعدًا جيوستراتيجيًا مهمًا تمثّل في تأثيرها في الخريطة الجيوسياسية في المنطقة وما يرتبط بها على مستوى العالم، وما عكسته حركات الإحتجاج وما زالت، نسقًا من التفاعلات داخل النظامين الدولي والإقليمي في منطقةٍ تعدُّ بؤرة للأزمات لأهمية موقعها الجيوسياسي والجيواقتصادي».
وتطرّق إلى «دور إيران كشريك في إرساء عملية سياسية في العراق ولاحقًا في ترتيب انسحاب آمن من أفغانستان وتوفير الإستقرار في منطقة تمتد من أفغانستان إلى المتوسط»، متحدثًا عن سعي موسكو لاستعادة ماضٍ تليد لتكريس دورها كلاعب دوليّ وازن، وترسيخ مواقعها على البحر الأسود، وفرض دور طويل الأجل في المفاوضات بشأن إيران وسوريا وزيادة الفرص لاستعادة مكانتها في المتوسط».
ولفت العميد الركن حماده إلى «أن الصين حاضرة في معظم أفريقيا وفي كلّ جمهوريات آسيا الوسطى، وأن أوروبا أثبتت في أزماتها الكثيرة أنه لا يمكنها الخروج عن السياقات الموجودة»، معتبرًا «أنه هكذا وضعت فرضيّة الشرق الأوسط في السياسة الدولية في دائرة النقاش للاستفادة من تجارب خبراء من الإتحاد الروسي والولايات المتحدة الأميركية وفرنسا والإتحاد الأوروبي وجمهورية مصر العربية».
كلمة الدكتور فيتالي ناومكين
مدير معهد الدراسات الشرقيّة في الأكاديميّة الروسية للعلوم الدكتور فيتالي ناومكين رحّب بالحضور وشكر القيّمين على تنظيم المؤتمر وركّز في كلمته على النقاط الآتية:
- إزدياد اهتمام روسيا بالمنطقة وبداية نمو دورها على المسرح الإقليمي في حلّ بعض المشاكل الإقليمية كالقضاء على الأسلحة الكيماوية السورية والإتفاق مع إيران حول تسوية الأزمة المتعلقة بالبرنامج الإيراني النووي وتنظيم مفاوضات جينيف بين الحكومة السورية والمعارضة.
- تحسين روسيا علاقتها بمصر في النصف الثاني من السنة والإبقاء على تركيا كأحد شركائها الأساسيين في الشرق الأوسط، بينما أثمر حوارها مع الرياض حول عدد من القضايا الإقليمية والدولية.
- تأثير الأزمة الأوكرانية تأثيرًا سلبيًا على التعامل بين موسكو والعواصم الغربية في المنطقة.
وأشار الى أنّ شبه جزيرة القرم حالة استثنائية، إذ تمّ انضمامها إلى أوكرانيا المستقلة من دون أخذ رأي السكان بعين الإعتبار. كما تمّ إلغاء القانون الذي كان يسمح باستعمال اللغة الروسية كما بدأت سياسة التمييز القومي أيضًا، مع أن الروس كانوا يشكلون ثلثي سكان القرم تقريبًا. أما النتائج المرتقبة لأزمة القرم فهي:
- إنخفاض مستوى التعاون بين روسيا والغرب وبخاصة في ظل العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي.
- عدم تخلي موسكو عن مبادىء وثوابت سياستها الخارجية.
- عدم رغبة موسكو بالتدخل عسكريًا في الأزمة الداخلية الأوكرانية ورغبتها أن تصبح دولة فيدرالية. أما دخول أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي فتعتبره روسيا خطرًا على أمنها القومي.
- ترتيب أمور القرميين ومنحهم حقوقهم القومية سوف يدفع العلاقات الروسية التركية إلى الأمام.
- أما في الشرق الأوسط، فما زالت روسيا تدعو إلى الاعتماد على الحوار والمصالحة الوطنية كوسيلة لتسوية كل النزاعات والخلافات، وهي ترى في الإرهاب أحد المخاطر الرئيسة على أمنها القومي.
- إن روسيا حكومةً وشعبًا تدرك مدى مأساة الشعب السوري ولقد قدمت موسكو مساعدة مالية لكلّ من لبنان والأردن وهي ترسل مساعدات إنسانية الى السوريين كما تشترك في أعمال المجموعة الدولية لدعم لبنان.
- إن موسكو تبدي قلقًا حيال المأزق الذي وصلت إليه مفاوضات السلام الفلسطينية وحيال استمرار الإستيطان وتهويد القدس. أما موقف موسكو من الحكم الذاتي الكردي في سوريا، فيتمثل بقبول أي حلّ يصـل إليه الأكراد.
وختم قائلًا ان أهمية المنطقة بدأت تزداد بالنسبة الى موسكو إذ بدأت تزاول سياسة نشيطة للدفاع عن مصالحها الإستراتيجية.
كلمة السفير فريديريك هوف
المستشار السابق لوزيرة الخارجية الأميركية للمرحلة الإنتقالية في سوريا السفير فريديريك هوف أشاد بمؤسسة الجيش اللبناني، وتطرّق إلى عقيدة الرئيس أوباما التي أعلنها في خطابه للجمعية العامة للأمم المتحدة في 24 ايلول 2013. وقال أنّ الوقت وحده كفيل للحكم على إستمرارية عقيدة السياسة الخارجية هذه القائمة على أسس متأرجحة نسبيًا. وذكّر بما أشارت إليه سوزين رايس: «لا يمكن لمنطقة واحدة مهما عظم شأنها، أن تستنفدنا خلال 24 ساعة في 7 أيام. لذا، ارتأى الرئيس بأنه حان الوقت للتريّث وإعادة تقييم تصوّرنا للوضع الراهن في المنطقة بعيدًا عن أي قيود أو موانع مهما كانت».
وأضاف أنه بالرغم من الإستبعاد الكلّي لنشوب حرب تدور رحاها في الشرق الأوسط وتورّط القوات الأميركية، الاّ أنّه يمكن للتردّدات الإقليمية كتلك الناجمة عن فشل حكم الحكومة في سوريا أن تثبت لواشنطن بأنه يستحيل درء هذا الخطر عنها أو منعه.
وهكذا أتى ردّ الرئيس على الجمعية العمومية، هذه هي السياسة التي سأتّبعها خلال ما تبقى لي من عهدي الرئاسي:
1- التصدّي للاعتداءات الخارجية.
2- ضمان انسياب حرّ للطاقة من جميع مناطق العالم.
3- تفكيك شبكات الإرهاب.
4- عدم التساهل في موضوع انتشار أو استعمال أسلحة الدمار الشامل.
لكن ليست هذه فقط المسائل الأربع المهمّة التي تعالجها أميركا، وإنما نحن نعي تمامًا مصلحتنا في إرساء السلام والازدهار في الشرق الأوسط وشمال افريقيا، وسوف نستمر بتعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان. وتعلّمنا درسًا من العراق مفاده أنه لا يمكن نشر الديمقراطية بالقوّة بهذه السهولة. لكن، يمكن ترجمة هذه الأهداف بشكل أفضل على أرض الواقع عندما نتعاون مع المجتمع الدولي.
كذلك حدّد الرئيس أوباما المسألتين اللتين سوف يركّز عليهما الدبلوماسيّون الأميركيون في القريب العاجل، ألا وهما: متابعة ملف ايران النووي والصراع العربي-الإسرائيلي. وبحسب رأيه، قد يكون لبعض الاختراقات تأثير حقيقي وايجابي على منطقتي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بأسرهما. وأضاف: «نحن لا نسعى إلى أي تغيير على صعيد النظام ونحترم على حدّ سواء حق الشعب الإيراني بالحصول على الطاقة النووية السلميّة».
ورأى هوف أنّ المسألة التي لم يتطرّق الرئيس اليها صراحةً تتعلّق بالتزام الأمن الإسرائيلي ودعم وجود دولة يهودية. وأضاف أن الولايات المتحدة سوف تبقى ملتزمة بحق الشعب الفلسطيني بالعيش بأمن وكرامة في دولة مستقلّة.
وأشار إلى أن الرئيس أوباما تعمّد تفادي أخذ طرف في مسألة الصراع الداخلي في مصر. وأوضح أنه سوف يحافظ على العلاقة البنّاءة التي تعزز مصالح أميركا الرئيسة كإتفاقية كامب ديفيد والعمل على مكافحة الإرهاب، وإنّ الولايات المتحدة ستتعاون مع الحكومات التي تعمل معنا على تحقيق أهدافنا الأساسية حتى وإن لم تكن تُلاقي، بنظرنا، المعايير العالمية المنشودة.
وختم الرئيس ملاحظاته بنفي رغبة الولايات المتحدة بالتخلي عن دورها في وقف الأعمال الوحشية وحماية حقوق الإنسان الأساسية، حتى لو لم تكن المصالح الأميركية على المحكّ.
أما في ما يختص بالشأن السوري، فإنّ الموضوع يتعدى تسجيل نقاط في مسألة الإتفاق حول الأسلحة الكيماوية، وهناك محدودية للأحادية الأميركية وشكّ في إمكان التغيير من خلال عملية عسكرية أميركية.
إنّ رأيي الشخصي، أن الرئيس وفريق عمله يريدان تركيز الوقت والجهد على ما يُمكن تحقيقه بإمكاناتهم دون التعقيدات الناتجة عن التحالفات أو الشراكات. وفي رأيي، أنّ إمكان إدخال إهتمام جديد يُمكن تحقيقه من خلال عمل جماعي أو مبني على علاقة شراكة، فإن ذلك ربما يُساهم في توسيع دائرة الإهتمام بما يتجاوز المجموعة المعروفة شخصيًا من الرئيس والتي يثق بها.
كلمة السفيرة أنجلينا إيخهورست
السفيرة أنجلينا إيخهورست سفيرة الإتحاد الأوروبي في لبنان، ركّزت في كلمتها على دور الإتحاد الأوروبي كلاعب عالمي، وعلى التحديّات والسلام والأمن في القارة الأوروبية لافتةً إلى أنّ «التحدي الذي يواجهه لبنان لا مثيل له من حيث الديموغرافيا والأمن والسياسة والإقتصاد».
وأشارت الى أنّ على الجميع أن يكونوا على بيّنةٍ بالأنشطة الجارية في العاصمة بروكسيل، فهي تجري على خلفية ما يحدث في أوكرانيا. فالمنطقة تعاني من أزمة إقتصادية ومالية كبيرة. والدول الأوروبية كلها تحثّ على استقرار منطقة اليورو وسلامتها.
وأضافت أنّ الإقتصاد العالمي لا يزال في وضع جيّد، لكنّ الأزمة الإقتصادية في أوروبا لن تنتهي بعد. فقد اقتنعت الدول الأعضاء اليوم بأن العالم يحتاج إلى اتحاد متماسك ومتين. فالإتحاد الأوروبي يضطلع بالقضايا العالمية الكبيرة على نحو قضية كيفيّة مكافحة الفقر وتغيّر المناخ والانتشار النووي، وهو اليوم أهل لمواجهة أي أزمة بالأدوات والوسائل، فقوامه اليوم سبعة آلاف رجل وامرأة مدنيين وعسكريين على الأرض موزعين على ثلاث قارات، تنسق عملياتها مع الأمم المتحدة والإتحاد الأفريقيّ وجامعة الدول العربية.
وأشارت إيخهورست الى أن الإتحاد الأوروبي وبفعل سعيه لدفاع مشترك ولسياسة خارجية، يستطيع أن يوفّر الأمن في الدول المجاورة وعلى المستوى العالمي. وما يحصل اليوم في الجوار الجنوبيّ شأن المواطنين الأوروبيين والأمر سيّان بالنسبة الى الشرق، ما يستدعي الحاجة إلى خلق حلول جديدة للتحديات المستجدة سواء في الجنوب أو في الشرق.
وأكدت إيخهورست دعم الإتحاد الأوروبي لبنان ووقوفه إلى جانبه قائلة: «نحن نحيي الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي على كل العمل الذي يقومون به في المحافظة على استقرار هذا البلد ووحدته، ونحن سنستمر في دعمنا هذا البلد. وهذه الأعمال التي تحصل اليوم، إنما تُجسد خطوة إيجابية لدعم الجيش اللبناني، قلنا وما زلنا نكرر أننا نقف إلى جانبكم».
كلمة السيد إمانويل بون
مستشار الرئيس الفرنسي لشؤون أفريقيا والشرق الأوسط والأمم المتحدة السيد إمانويل بون دعا إلى تحييد الجيش اللبناني عن الأزمة السورية، مؤكدًا دعم فرنسا الرئيس سليمان والمؤسسة العسكرية، لأن لبنان من الأولويات الأساسية لفرنسا في المنطقة.
وأشار بون إلى «أنّ الإتفاق السياسي ضروري جدًا»، مشــددًا على إصــرار فرنسا على شروط التوافق، فالفرصـة سانحة والتوترات كبيرة ولا مصلحـة لأحد في تأجيج التوترات، لافتًا إلى أن الهبة السعودية للجيش اللبـناني تتوافق مع طموحاتنا في دعم المؤسسة العسكرية على أساس القرار 1701، وشدد على أن شراكـتنا مع السعودية بقيمة ثلاثة بلايين دولار لدعـم الجيـش اللبنـاني هـي دليل حرص المملكة وفرنسا على دعم هذه المؤسسة التي هي رمز وحدة لبنان».
كلمة السفير أشرف حمدي
سفير جمهورية مصر العربية في لبنان أشرف حمدي تطرّق إلى التحديّات والمتغيّرات التي تمرّ بها منطقة الشرق الأوسط وأهمها:
عدم الإستقرار السياسي والأمني، إنتشار ظاهرة الإرهاب والتطرف، تنامي الصراعات المذهبية والطائفية، إستمرار الصراعات السياسية والميدانية بالمنطقة وإمتداد آثارها الأمنية والإقتصادية والإجتماعية لدول الجوار وتنامي ظاهرة النزوح، وتأثّر المنطقة بالصراعات الجيو سياسية بين القوى الكبرى، وإستمرار تصفية القضية الفلسطينية، وتنامي نفوذ أطراف غير عربية في شؤون الدول العربية.
ورأى أنّ مواجهة تلك التحديّات تتمّ من خلال تكثيف الجهود للتوصل الى حلول سياسية للصراعات الإقليمية الراهنة والحفاظ على مؤسسات الدول العربية ووحدة نسيجها المجتمعي، ورفض التدخلات الأجنبية والحلول العسكرية، واستجابة الأنظمة العربية لمطالب شعوبها بالتغيير والحرية.
أما في ما خصّ الوضع في مصر وسياستها الخارجية، فرأى أن مصر تتجه نحو كيانٍ مكتمل الملامح، مؤهل لاستعادة الدور الريادي الذي تفرضه علينا حقائق التاريخ والجغرافيا ومُدرك للتحديات الإقتصادية والسياسية وللمصالح المتعلقة بالأمن الوطني.
وأضاف أن مصر ستستعين بحلفاء يُعتمد عليهم، متشابهين فكريًا وثقافيًا، يقفون صفًا واحدًا أمام تحديّات التطرف والإرهاب والتمييز على أساس عرقي أو ديني أو مذهبي. وأشار إلى الخطوات التي أتمتها على صعيد الإستحقاقات الدستورية بحيث تكون مصر قد استكملت بناء مؤسسات الدولة الحديثة المبتغاة في أشهر معدودة.
وختم بالتأكيد على دعم مصر لبنان، دولةً ومؤسسات وحكومة وجيشًا، وبالتأكيد على استعدادها للإضطلاع بالدور الذي يـنشده اللبـنانيون من القاهرة للحفاظ على أمن واستقرار البلاد، وإتمام الإستحقاقات الدستورية في موعدها، وتعزيز قدرات وإمكانات الجـيش الـذى نعتز بدوره وأداءه وتضـحياته.
توصيات مجموعات العمل الأولى
مجموعة العمل الأولى تمحورت حول «مسار تطوّر أنظمة الحكم في العالم العربي: الشرعيّة تتوزع بين الشريعة والقانون المدني والتعبيرات الشعبية»، و«مرتكزات الحوكمة والفُرص المتاحة لتحقيق المواطنة في الأنظمة السياسيّة الجديدة».
أولًا: الإتجاهات العامة للنقاش:
1- قضية العلاقة بين الدولة والمجتمع.
2- تعثّـر المسار السياسي في الدول العربية.
3- قضية التغيير في بعض الدول العربية.
4- قضية الإطار الدستوري والقانوني.
ثانيًا: التوصيات:
1. إنشاء جمعية عربية للدراسات الدستورية وتشجيع إقامة مراكز بحثية ترصد الدساتير العربية والعالمية وتحوّلاتها.
2. بناء نُظم دستورية صحيحة بإعتبارها أساسًا لازمًا للعملية الديمقراطية بدءًا بتفعيل الدساتير وجعلها وثائق مرجعية للنقاش العام.
3. الإعتراف بالآخر المختلف وتدعيم ثقافة مجتمعية تحترم التعدد والتنوع والإختلاف وتأكيد حرية التعبير، مع تجريم كل أشكال التمييز بسبب الجنس أو العرق أو اللون أو الطائفة أو المذهب أو الوضع الإجتماعي.
4. تأكيد مبدأ المواطنة من خلال مختلف أدوات التنشئة الإجتماعية وعبر السياسات العامة.
5. إتخاذ التدابير اللازمة لتكريس «التمييز الإيجابي» تجاه الفئات المهمشة وفق ظـروف كل مجتمع عربي.
6. تدعيم المشاركة الشعبية من خلال قوانين إنتخابية عادلة مع مراعاة التمثيل النسبي وإنشاء هيئات مستقلة لإدارة الإنتخابات والإشراف عليها.
7. تشجيع إنشاء التنظيمات العابرة للإنتماءات الطائفية والمذهبية والعرقية.
8. تفعيل دور المجتمع المدني وتعزيز الشراكة بينه والدولة، وكذلك مع المنظمات الدولية.
9. ضمان حرية الإعلام المرئي والمسموع والمطبوع والإلكتروني وتأكيد استقلاله عن سلطة الدولة وهيمنة المال.
10. الإستثمار في الإنسان والإهتمام بجيل الشباب.
11. إرساء دولة القانون واحترام حقوق الانسان.
12. تحقيق تنمية مستدامة وتفعيل مشاركة الشباب والمرأة.
13. إعطاء اهتمام خاص لإستقلال القضاء ضمن إطار الفصل بين سلطات الدولة.
14. إرساء قواعد مؤسساتية بمعايير مهنية إحترافية من أجل سدّ الفجوة بين المواطن والدولة.
15. إقامة صلات منتظمة بين مؤسسات صنع القرار ومراكز البحث والتفكير من أجل ترشيد السياسات العامة في مختلف المجالات.
16. إنشاء مكاتب تابعة لرئاسة الدولة لتلقي مقترحات المواطنين.
توصيات مجموعة العمل الثانية
هذه المجموعة ركزت على الوضع الجيوستراتيجي العربي الراهن الذي يخضع لثلاث متغيّرات: مسار المفاوضات (5+1) مع إيران حول البرنامج النووي، نتائج جنيف 2 وانطلاق العملية السياسية في سوريا ومُستقبل خارطة الطريق نحو الديمقراطيّة في مصر، التشكّل الجديد للعالم العربي، الأولويات في الأمن والإقتصاد مع توفّر إرادة التغيير لدى الشعوب وإرادة الشراكة لدى الدول المؤثرة.
في الملف النووي الإيراني:
إتفق المؤتمرون على أن إيران تهدف من وراء اقتنائها التقنية النووية إلى الدفاع عن نفسها في مواجهة الأخطار الخارجية المحتملة، فضلًا عن تحقيق العزّة الوطنية والزعامة في العالم الإسلامي.
أما في موضوع حوافز الإتفاق ومعوقاته، فلفت المؤتمرون إلى أن مجيء الرئيس حسن روحاني إلى سدّة الرئاسة وإرادته بوقف تضرّر إيران اقتصاديًا من حزمة العقوبات القاسية، إضافة إلى اقتناع الرئيس الأميركي باراك أوباما بالمسار الديبلوماسي لحل هذه المسألة ونيته تحقيق إنجاز خارجي في ولايته الثانية، أمور عزّزت فرصة الوصول إلى اتفاق.
وفي التصّورات لمرحلة ما بعد الاتفاق، انقسم المؤتمرون بين من يرى أن الاتفاق سيسهّل حلّ القضايا الخلافية بين إيران وسائر الدول الإقليمية في المنطقة، ومن يرى أن الإتفاق سيعزّز النفوذ الإيراني في المنطقة، مما يستدعي تشدّدًا مقابلًا من الدول الإقليمية الممانعة للنفوذ الإيراني بما يدفع الأمور إلى مزيد من التأزّم.
وشدّد المؤتمرون على ضرورة أن يتبع الإتفاق جهد دولي وإقليمي حثيث لإعلان الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل وتطبيق مندرجات معاهدة منع إنتشار هذه الأسلحة وملحقها على جميع دول المنطقة من دون استثناء.
في الموضوع المصري:
رأى المؤتمرون ضرورة استكمال خريطة الطريق للوصول بمصر نحو الديمقراطية وتحقيق العدالة والتنمية والتزام الدستور والقوانين المرعية الإجراء بما فيها ضمان سلامة جميع المصريين وحرياتهم. وقد ناقش المؤتمرون حجم التحديات التي تواجه مصر حكومة وشعبًا في المرحلة الإنتقالية.
وإذ لاحظ أعضاء المؤتـمر إصـرار قطاعات واسعـة من الشعوب والحكومات العربيـة على أهمية تجـاوز مصر العقبات الراهنة والمتوقعة لعقــود إلى ممارسة دورها السياسي والثقـافي في محيطـها العربي والإسلامي والإفريقي، ثمّن المؤتمـرون رغبة شعب مصر في تثبيت دعائم حكم ديمقراطي مستقل، وتباينت آراؤهم حول كيفية التعاطي مع حركة الإخوان المسلـمين. إذ رأى البعض أولويـة مكافحة الإرهاب الذي تعانيه مصر، وإن الإخوان هم من أقصوا أنفسهم عن المشاركة السياسـية بعد رفضهم المشاركة في المرحلة الإنتقـالية، فيما شدّد البعـض الآخر على ضرورة السعي إلى توافق وطني يشمل الجميع واحتواء الإنقسـامات وعدم إقصاء شرائح واسعة من المجتمع والسماح بعمل الأحزاب السياسية ذات القاعدة الدينية شرط تخلّيها عن العنف والتزامها أصول العمل الديمقراطي السليم.
ودعا المؤتمرون الأطراف الإقليمية والدولية كافّة إلى احترام السيادة الإقليمية لمصر وبذل جهود أكبر لمساندتها في الخروج من أزماتها الراهنة ومساعدتها على مواجهة تحديات مرحلة الإنتقال نحو الديمقراطية والعدالة الإجتماعية.
في الموضوع السوري:
أكد المؤتمرون على ضرورة العمل بشتى السبل لإيقاف دوامة العنف والإقتتال في سوريا، والإمتناع عن تمرير الأسلحة والمسلّحين إليها، لإيجاد بيئة مناسبة تستأنف الحوار السوري للخروج من الأزمة الراهنة.
ورأى المؤتمرون أن استمرار الأزمة من دون حل سياسي لا يهدد مصير الدولة السورية فحسب، بل يهدد أيضًا جميع دول المنطقة بالمخاطر، ويفاقم من مشكلة اللاجئين السوريين ومحنتهم وآثارها السلبية والخطرة على الاستقرار الاجتماعي والسياسي للدول المضيفة.
ونوّه المؤتمرون في هذا السياق بأهمية استئناف مفاوضات جنيف بروح الثقة والجدية وتفعيلها بغية التوصل الى ذلك الحل.
توصيات مجموعة العمل الثالثة
مجموعة العمل الثالثة تمحورت حول:
• دول الخليج العربي: وزن إقليمي راسخ إستند إلى منظومة إقتصادية أمنية مُستقرّة وتعايش مع تجاذبات إقليمية ودوليّة.
• الدور الإقليمي الجديد لدول الخليج: الأولويات السياسية والأمنية والإقتصادية في ضوء التحديّات والمتغيّرات الإقليميّة والدوليّة.
• شرعية حكومات دول الخليج واستدامتها: إستخدام دول الخليج ثروات النفط والغاز لديها لبناء إقتصاديات حديثة ورفع المستوى التعليمي، الإجتماعي وهي تتصدّر لوائح الدول المانحة لمساعدة الإقتصاديات الإقليمية.
العلاقات بين دول الخليج وإيران:
يجدر بدول الخليج أن تسعى لضم ايران إلى هيكلية أمنية إقليمية شاملة، وإن تحقيق هذه الإستراتيجية يبدو أسهل عليها من التعويل على الولايات المتحدة.
الإنقسامات داخل دول الخليج:
إن دول الخليج منقسمة على المسائل الإستراتيجية وهي متّفقة مبدئيًا على الحاجة إلى الإندماج وعلى التناغم الإجتماعي والإقتصادي وعلى السياسات الخارجية. وهي متنافسة في ما بينها، غير أنها تعطي الأولوية دائمًا إلى أمن أنظمتها وتراكم الثروات.
الثغرات داخل دول مجلس التعاون الخليجي:
- المنافسة السعودية – القطريــة: تسعى قطر من خلال الفراغ الإقليمي إلى زيادة نفوذها وكسب المزيد من الحلفاء إلى جانبها، مما أحدث جوًا من عدم الثقة داخل دول مجلس التعاون الخليجي.
- سلطنة عُمان: عبرت عُمان عن رغبتها بالتواصل مع إيران، الأمر الذي أدى إلى حالة التباس بشأن قلّة فهم سلطنة عُمان قلق شركائها في دول الخليج.
- سوريا: دعمت دول الخليج التغيير الحاصل في سوريا كما وقفت إلى جانب المعارضة والثورة.
دول الخليج في العالم العربي الأشمل:
تقاوم معظم دول الخليج التغييرات الإقليمية، وهي أحد اللاعبين الأساسيين في العالم العربي على الصعيدين السياسي والإقتصادي، فإتحاد الدول الستّ يحظى بنفوذ أكبر من الدول الستة عشرة العربيّة الأخرى.
دول الخليج ومصالح الأمن العربي:
تهمّش دول الخليج وتُضعف جامعة الدول العربيّة أو تتجاهلها إلاّ في حال ملاءمتها لها، ولكنها متلازمة مع الخيارات الثقافيّة والسياسيّة والإستراتيجيًّة العربية.
مستقبل المملكة العربية السعودية:
إنّ المملكة العربية السعودية تواجه تحديّات كثيرة، وهي ما زالت أيضًا دولة مؤثّرة فريدة فدورها يكمن بمدى الحاجة إليها لمواجهة النفوذ الإيرانيّ وتأمين الإستقرار في شمال أفريقيا وإعادة بناء سوريا.
مستقبل مجلس التعاون الخليجيّ:
قطع مجلس التعاون الخليجيّ شوطًا كبيرًا في جملة مسائل بالرغم من ممارسة تغطية ورقابة محدودة عليه، وهذه المؤسسة التي تديرها نخبة معيّنة منشغلة دومًا بمسألة الأمن وتعطي الأولويّة للنظام والأمن الإقليمي.
البيئة التي تهدّد دول الخليج:
- إختلال التوازن الديموغرافي: يفوق عدد الأشخاص الوافدين عدد المواطنين الخليجيين في عدة بلدان.
- الأمن الغذائيّ والمائيّ.
- الطائفيّة، التدخل الخارجي والإسلام السياسيّ.
- التنمية الإقتصاديّة: تنويع الإقتصاد وتوفير فرص العمل وتحفيز المواطنين للإنضمام إلى القوى العاملة في القطاع الخاص.
- عائدات النفط: التحولات في التكنولوجيا وأسواق الطاقة قد تؤدي إلى تراجع مداخيلها.
- العلاقة مع الولايات المتحدة: إن تبدّل مصالح الولايات المتحدة اليوم، وربما يؤدي إلى إعادة تقييم التزاماتها تجاه حلفائها في الخليج.
التوصيات:
- الإنخراط في الدبلوماسية العامة والتواصــل: العلاقات بين العرب وعرب الخليج محفوفة بالمفاهيم الخاطئة وأشكـال التحيّز وســوء الفهم.
لذا من الضروري تجــاوز هذه المفاهيم الخاطئة.
- إجراء تمارين تخطيط للطوارىء: ثمّة سيناريوهات قليلة ومتوسطة الحدوث/ وأخرى متوسطة وعالية التأثير يجب الإحتياط منها.
- اعتماد دبلوماسية الترحيب بإيران لإعادة بلورة الإندماج الإيرانيّ الإقليميّ والعالميّ.
-محاربة الطائفية: يجب أن تشدد وسائل الإعلام الخليجية ونخبها على الهوية والإنتماء القومي.
كلمة العميد الركن خالد حماده الختامية
في ختام المؤتمر، قال العميد الركن حماده:
إنّ حقائق علم الجيوبوليتيك بما تعنيه من تحديد لنقاط القوة المتمثلة بالموقع الجغرافي والمساحة والثقل السكاني والموارد الإقتصادية، ونضيف عليها في منطقة الشرق الأوسط، التاريخ.
منظومة القيم والروابط الإجتماعية تؤكد إستمرار المنطقة كنقطة جاذبة للصراع الدولي.
الحقبة السابقة تجاهلت حقائق الجيوبوليتيك وتعاطت مع المنطقة حصرًا من خلال جزئيات أحدثت توترًا في سياق مقاربتها وفهمها ويأتي في مقدمة هذه الجزئيات التنوّع الديني والعرقي ونظريات الدور الإقليمي والأمن الجزئي، هذه مرحلة إستنفذت أهدافها ووصلت إلى حائط مسدود ولم تتمكن من تقديم أي جديد.
إن الجغرافيا تصنع التاريخ، هذه المقولة لا تزال تتمتع بالصلاحية وإن التراكمات الكميّة تحدث حكمًا تغييرات نوعية.
ما نحاول تقديمه منذ أربع سنوات في مركز البحوث هو إضفاء الشمولية على جميع مقارباتنا البحثية للمنطقة، فأمن أي جزء منها لا يمكن أن يخــرج عن منظــومة الأمــن بمفهــومـهــا الكلي الشامل وإقتــصاد المنطــقة لا يمكن إلا أن يــراعي حقــائق الجــغرافيا السياسية ولا يمكن إجتـراح أدوار لأي جزء من المنطقة أو إلقاء تبعات عليها وتجاهل الحقائق الرقمية الديمغرافية والإقتصادية والذاكرة التاريخية واللاوعي الجماعي العربي.
ربما هناك ضرورة لإعادة إحياء بعض المفاهيم التي حجبتها المرحلة السابقة ويأتي في طليعتها الأمن القومي العربي بكافة جوانبه الأمنية والإقتصادية والجيوسياسية، وربما نحن بحاجة في العالم العربي إلى إعادة تقديم أنفسنا كفاعل إستراتيجي وليس كساحة جيوسياسية».
وإختتمت أعمال المؤتمر بتوزيع ممثل قائد الجيش والعميد الركن خالد حماده، الشهادات على المشاركين وبتكــريم الراعين المــاليين والإعلاميين.