- En
- Fr
- عربي
مؤتمر
نحو أنسنة الذكاء الاصطناعي في الأمن والدفاع
بات الذكاء الاصطناعي (AI) جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، بدءًا من الحوسبة السحابية الـ cloud computing وقاعدة البيانات DataBase، وصولًا إلى حماية البيانات العامة والذاتية، ومرورًا بالأسلحة ذات التحكم الذاتي Autonomous، إضافة إلى سيري Siri (المساعد الشخصي الرقمي على هواتف Apple النقالة)، وGoogle Home وAmazon Alexa... فجميعها خوارزميات أو برامج تسهّل أمور حياتنا اليومية أكثر فأكثر، لدرجة أنّ التكنولوجيا الذكية بدأت تغيّر وبخطى سريعة طبيعة ساحة القتال، والتهديدات التي سوف تواجهها الدول في وقت ليس ببعيد.
انطلاقًا ممّا تقدّم، ومن أجل الحفاظ على دور الإنسان وروحه في كل ما نفعله، كان «مؤتمر الذكاء الاصطناعي في الدفاع والأمن AISD 2019» وهو المؤتمر الأول من نوعه في العالم، لأنّه جمع ثلاثية، ضمّت: باحثين أكاديميين، خبراء ومحترفين ومندوبي شركات محلية وعالمية (مصنّعين للتكنولوجيا الذكية)، وضباطًا أكدوا التعاون من أجل إلقاء الضوء على مختلف تقنيات التكنولوجيا الذكية وكيفية استخدامها وتطبيقها في مجالَي الأمن والدفاع.
تقدّم للمشاركة في هذا المؤتمر أكثر من 106 أبحاث علمية وأكاديمية وردت من نحو 60 دولة عبر الموقع العلميEasychair، وبعد عملية المراجعة العلمية المزدوجة Double Blind Peer Review (قراءة وتقييم كل بحث من قبل أستاذين من أعضاء الجمعية العلمية لدراسة الأنظمة المعلوماتية AIS)، تمّ قبول 49 بحثًا.
الاستقبال
افتُتح المؤتمر باحتفال في فندق لو رويال - ضبيه رعاه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ممثلًا بوزير الدفاع الوطني الياس بو صعب، وحضره إلى صاحب الدعوة قائد الجيش العماد جوزاف عون، النائب محمد خواجة ممثلًا رئيس مجلس النواب نبيه بري، النائبة رلى الطبش ممثلة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري وشخصيات سياسية وعسكرية وأمنية وديبلوماسية وأكاديمية وإعلامية واجتماعية ومتخصّصون.
نظّم المؤتمر مركز البحوث والدراسات الاستراتيجية في الجيش اللبناني، بالتعاون مع جمعية تكنولوجيا المعلومات والتواصل في المؤسسات في باريس ICTO، وجمعية الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للأنظمة المعلوماتية MENA-AIS والجمعية اللبنانية للأنظمة المعلوماتية في بيروت LAIS.
الوزير بو صعب
ألقى وزير الدفاع الوطني الياس بو صعب كلمة رئيس الجمهورية، فرحّب فيها بالحاضرين والمشاركين، مشيرًا إلى حجم المشاركة الدولية في هذا المؤتمر الضخم، ما يعكس أهميته ومكانته المرموقة كمنصّة رائدة لمناقشة مواضيع متعلقة بالذكاء الاصطناعي وتأثيره على استراتيجيات معظم دول العالم.
وقال الوزير بو صعب: «يهدف هذا المؤتمر إلى تسليط الضوء على أهمية التكنولوجيا والبحث في سبل الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لتعزيز مستويات الدفاع والأمن والمؤسسات والمجتمع، فضلًا عن الأطر القانونية والأخلاقية للتكنولوجيا».
وأضاف: «ينعقد هذا المؤتمر، في وقت يشهد فيه العالم تغيرات جذرية ناتجة من الطفرة التكنولوجية الرقمية المتّسمة بالتطور والابتكار المستمرين، وهو يندرج ضمن سياق الجهود الكبيرة التي تبذلها الدولة لمواكبة هذا التطور من خلال تبنّي تقنيات الذكاء الاصطناعي والاستفادة منها بأفضل السبل الممكنة لدعم الاستقرار والسلام في لبنان.
فمؤســسة الجيش اللبناني هي العمود الفقري للوطن، وهي تأتي في طليعة المؤسـسات الضامنة للأمن والاستقرار والمدافعة عن وحدة لبنان وسيادته واستقلاله وسلامة أراضيه ومياهه، وهي أثبتت جدارتها وكفاءتها العاليتين في التصدّي للإرهاب والانتصار عليه، على الرغم من إمكاناتها المحدودة».
وقال: «من هنا، وبالتعاون مع قائد الجيش العماد جوزاف عون وقيادة الجيش، وضعنا في سلم أولوياتنا إعلاء إسم الجيش اللبناني في لبنان والعالم، والعمل على إعادة هيكلته والسعي إلى تطويره وتحديثه بكل ما أوتينا من طاقات وإمكانات من خلال تحقيق الاستفادة المثلى من التطور التكنولوجي وتفعيل الابتكار، وجعله جزءًا من استراتيجيتنا وأهدافنا وعملنا اليومي، لكي نتمكن من حماية لبنان من كل أنواع الأخطار المحتملة».
وتابع: «اليوم، فرض التطور الرقمي والذكاء الاصطناعي على جميع دول العالم، منظومة جديدة من العمل ونهجًا جديدًا من التحدّيات الأمنية والعسكرية التي لم تكن مألوفة، وذلك بسبب ما وصلت إليه التقنيات الحديثة من قدرة على تطوير الأسلحة وجعلها أكثر دقة وفتكًا. فإنّ شكل الحرب سيتغير في المستقبل ولم تعد المدرسة التقليدية في الدفاع تستطيع أن تواكبه. لقد أصبح الذكاء الاصطناعي الاتجاه العام المتبع لدى معظم الدول، والركيزة الأساسية التي تعتمد عليها لرسم خريطة مستقبلها، لا سيما وأن الهجمات لم تعد تستهدف أفرادا كما في السابق، بل أصبحت تطال مؤسسات الدولة، الأمر الذي يحتمّ علينا زيادة الاستثمار في تقنيات الذكاء الاصطناعي لحماية بلادنا، بشكل أكثر كفاءة وتسخير تقنيات الثورة الصناعية الرابعة في الدفاع عن الوطن».
العماد عون
ثم تحدث قائد الجيش العماد جوزاف عون فاستهلّ كلمته بالقول: «لقد شكّل الذكاء الاصطناعي نقطة تحوّل مهمة في عصرنا الحالي، مسجلًا انقلابًا جذريًا في مختلف الميادين التي باتت تستخدم التكنولوجيا كمسهّل لشؤونها، ومن ضمنها المؤسسات الأمنية والعسكرية، التي تعتمد اليوم بشكل رئيسي على تقنيات التكنولوجيا الذكية لتطوير قدراتها العسكرية في الأمن والدفاع. وفي وقت يسعى لبنان إلى مواكبة هذا التطور وحجز مكانة له في هذا العالم الرقمي، يحقق الجيش اللبناني خطوات متقدمة نحو الحداثة واستخدام تطبيقات التكنولوجيا الذكية في مختلف أعماله العسكرية، إضافة إلى تدريب عناصره على حسن استخدامها، وهذا ما أهّله لنيل الثقة المحلية والدولية».
وأضاف: «إنّ الاستثمار في الأمن هو الركيزة الأساسية للاستثمار في الاقتصاد وتعزيز الاستقرار، في ظلّ التحدّيات الأمنية التي تعيشها المنطقة بشكل عام، والتي تطال شظاياها الوضع في لبنان، ولا يغيب عن بالنا، ما يهدّد استقرارنا وسيادتنا من قبل عدوّين يتربصان بنا شرًا، هما العدو الاسرائيلي الذي لا يخفي مطامعه تجاه ثرواتنا، ويسعى دومًا إلى احتكار التطور التكنولوجي والمعلوماتي، والإرهاب الذي يطلّ بأوجهٍ متعددة. وبالتالي فإنّ استخدام الجيش اللبناني وباقي المؤسسات الأمنية التكنولوجيا الحديثة في مجال اختصاصها، يُسهم في مواجهة هذه التحديات، الخارجي منها والداخلي أيضًا، ما يؤدي إلى تحسين أدائها العسكري وتعزيز إدارتها اللوجستية والقيادية، وحسن اتخاذ القرارات في مختلف الظروف».
وتابع: «انطلاقًا من هذا الواقع، فإنّ الجميع مدعو إلى وضع رؤية مستقبلية لمواكبة ثورة «الذكاء الاصطناعي»، وكيفية استثماره وتطبيقه بما يتلاءم مع حاجاتنا وقدراتنا في مجالي التكنولوجيا والمعلوماتية».
وختم العماد عون مرحّبًا بالمشاركين في لبنان الذي يفخر باحتضانهم في هذا المؤتمر، آملًا الاستفادة من خبراتهم وأفكارهم.
العميد الركن قزح
بدوره ألقى مدير مركز البحوث والدراسات الاستراتيجية في الجيش العميد الركن سعيد القزح (رئيس اللجنة التنظيمية للمؤتمرConference Chair) كلمة قال فيها: «يندرج هذا المؤتمر في سياق المؤتمرات التي ثابر مركز البحوث والدراسات الاستراتيجية على إقامتها وتنظيمها، والتي تمحورت حول أوضاع الشرق الأوسط والأحداث التي يشهدها، وضمّت مجموعة كبيرة من الباحثين والأكاديميين والخبراء، وذلك بشكل سنوي منذ العام 2011. أما في هذا العام، وتماشيًا مع ما يشهده العالم أجمع من تقدم على جميع الصعد، بحيث بات الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية وانترنت الأشياء والتحول الرقمي من أهم العوامل المؤثرة في عصرنا الحالي ضمن القطاعَين العام والخاص، فقد تقرّر خوض غمار جديد من البحث العلمي والتكنولوجي. فالتكنولوجيا الذكية أحدثت تغيرات جذرية في السياسات المعتمدة في الأمن والدفاع على الصعيدين الاستراتيجي والعملاني، لا سيّما الحروب السيبرانية الوقائية والهجمات الالكترونية».
وأضاف: إيمانًا من قيادة الجيش بأهمية التعاون العسكري - المدني وانفتاح مركز البحوث والدراسات الاستراتيجية على مراكز الأبحاث في الجيوش والدول الصديقة، وانطلاقًا من رغبته في التعاون مع الجامعات في لبنان والخارج، قرّر المركز، وبتوجيه خاص وإشراف مباشر من حضرة قائد الجيش العماد جوزاف عون، إقامة المؤتمر التاسع بعنوان «الذكاء الاصطناعي في الأمن والدفاع»...
وتابع: «لا يخفى على أحد التحدّيات الكثيرة والمفاعيل السلبية الناتجة عن الذكاء الاصطناعي، أولها مقارعة العقل البشري الذي يبقى هو الأساس، فعلى الرغم من التسهيلات التكنولوجية التي وفّرها هذا الذكاء، إلّا أنّه في المقابل قد يختزل بعضًا من الطاقة البشرية، ما سيؤدي إلى نوع من البطالة لاحقًا في بعض المجالات. وإنّ التحدّي الأكبر الذي يواجه المؤسـسات الأمنية والعسكرية في تطبيقه هو اعتماد المعايير الدولية في الحق الإنساني، وهو أمر يشدّد عليه الجيش اللبناني ويعتبره أساسًا في مختلف عملياته العسكرية، وقد أنشأ لذلك مديرية القانون الدولي والإنساني»...
الجلسة الافتتاحية العامة
بدأ المؤتمر أعماله في السابع والعشرين من آذار الفائت واستمر لغاية التاسع والعشرين منه. تحدث في الجلسة الافتتاحية العامة، وزير الدفاع الوطني الياس بو صعب الذي أشار إلى أنّ «الذكاء الاصطناعي أصبح المحرك الأساسي لجميع عمليات النموّ والتقدّم وللنهوض بالحكومات والأنظمة التربوية ومؤسسات القطاع الخاص. لذلك، لا بدّ من تحسين البنى التحتية لمواكبة التطور التقني والانتقال إلى الحكومة الرقمية، مستفيدين منه لبناء المجتمع والحكومة والإنسان، حريصين على حماية بياناتنا، مُستبقين الحدث قبل وقوعه، فنهيّئ أنفسنا بوعي كامل لمواجهته. فالانتصار لا يتحقق في ساحة المعركة فحسب، بل من مسؤوليتنا أيضًا أن ننتصر في الفضاء السيبراني لدرء الأخطار. فمن الناحية الأمنية، بات مُمكنًا للمقرصنين الذين يعملون منفردين أو لمصلحة جهات مشغلة، الحصول على معلومات حساسة وحيوية مثل خرائط للمواقع العسكرية والسيادية لكي يتمّ استخدامها لأهداف إرهابية»...
وختم الوزير بضرورة تسليط الضوء على إيجابيات الذكاء الاصطناعي وسلبياته في مجالَي الأمن والدفاع.
كما تحدث العميد الركن سعيد القزح مشدّدًا على أهمية تعزيز الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي ومحاولة الكشف عن التحديات والفرص المتوافرة في لبنان ورفع مستوى الوعي المجتمعي حول أهمية البيانات الضخمة واستثمارها في مختلف القطاعات ومواجهة أخطائها.
ورأى أن تجربة لبنان في مجال الذكاء الاصطناعي ما زالت متواضعة على الرغم من إدخالها في البرامج الأكاديمية لبعض الجامعات، مشيرًا إلى أنّ الأجيال الصاعدة مبدعة ولا تفتقر إلى المهارات والفكر الخير بل إلى المتابعة والبرامج المتطورة.
دو سانتوس
المسؤول عن الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في حلف الناتو نيكولا دو سانتوس، أكدّ أنّ «التحديات أصبحت في هذه المرحلة عابرة للحدود، خصوصًا مع وجود الإرهاب الذي تخطّى الأسلحة التقليدية وتهريبها من منطقة إلى أخرى في العالم، لذلك فإنّ التحدّي يحتاج إلى الكثير من الفهم والتنسيق بين دول العالم، فالذكاء الاصطناعي بات يُستعمل في الحروب».
ودعا دو سانتوس إلى «وضع قوانين وتشريعات جديدة قابلة للتطور، لأنّ الأخطار تتطوّر، على أن تكون هذه القوانين تحت سقف الديموقراطية، وهذا ليس بسهلٍ. من هنا تبدو الحاجة ملحة للطوارىء السيبرانية التي تؤمن القدرة على إدارة الأزمات».
وأشار إلى «تركيز الناتو على هذا الموضوع ليس في الدول الأعضاء، بل أيضًا مع الشركاء في دول الخليج وغيرها، لبناء تعاون ووضع اتفاقيات وتعزيز مبدأ التعدّدية كوسيلة جدية للتعامل مع التحديات الأمنية المتعددة»، وحيّا الجيش اللبناني لأنّه «يواكب هذه التحديات»...
ممثلو الجهات الراعية
أعقب ذلك انعقاد جلسة تحدّث فيها ممثلون عن الجهات الراعية للمؤتمر، فتطرّق المدير الإقليمي لشركة أوراكل ORACLE السيد بيتر فوز PETER FUZES، إلى أهمية قاعدة البيانات وضرورة حمايتها وتحديثها.
وتناول السيد جان مارك شابرو THALES - JEAN MARC CHABROUX من شركة تاليس أهمية الذكاء الاصطناعي مقابل الذكاء التجاري، متطرّقًا إلى ضرورة تحديث وتطوير الخوارزميات أو أنظمة الأمن والدفاع المختلفة، في ظلّ التحّول الرقمي، معتبرًا أن الأمن يحتاج إلى البيانات المختلفة عن البيانات الهائلة عبر البريد الالكتروني والشبكات الاجتماعية، كي يتمّ تحليلها، واتخاذ القرار المناسب في ظلّ الذكاء الآمن.
أما ممثل شركة هواوي NADIM ABDULRAHIM –HUAWEI السيد نديم عبد الرحيم فعرض خصائص الشركة في مجال الاتصالات، وتناول استخدام السحابات التكنولوجية الخاصة، والرقائق االصناعية في الذكاء الاصطناعي، ولا سيما في مجال تحليل البيانات في الصور والفيديو. وأكد أن الذكاء الاصطناعي موجود منذ زمن، أما الجديد فهو قاعدة البيانات وتحليلها وفق برامج حوسبة الذكاء الاصطناعية وعبر شبكات4G و5G.
مدير البرنامج الأكاديمي للمؤتمر Manager Chair ورئيس الجمعية اللبنانية للأنظمة المعلوماتية في بيروت LAIS الدكتور أنطوان حرفوش، أوضح تفاصيل عملية التحضير للمؤتمر من خلال التعاون الذي تمّ بين عناصر من الجيش اللبناني وبين باحثين في مختلف الجامعات من نحو 60 دولة في العالم، أدرجوا أبحاثهم الـ106 عبر الموقع العلمي العالمي Easy Chair حول مواضيع BLOCK CHAIN - BIG DATA، والحوسبة في مجالَي الدفاع والأمن وشبكات التواصل الاجتماعي والشائعات وتأثيرها على الأمن، حماية البيانات وتحليلها... وبعد مراجعتها تمّ اختيار 49 ورقة بحثية.
ضيوف المؤتمر
تحدّث ضيوف المؤتمر في جلسة بعد الظهر، وهم ثلاثة من كبار الباحثين في العالم في مجال الذكاء الاصطناعي: البروفسور فرانتز رو FRANTZ ROWE من جامعة نانت فرنسا، والبروفسور براين فيتزغيرالد BRAIN FITZEGRALD من جامعة ليميريك – إيرلندا، والبروفسور نانسي بولوديNANCY POULOUDI من جامعة أي يو أي ِAUEB- اليونان. وقد تمحورت مداخلاتهم حول: عن المصادر المفتوحة، الأفكار المبدعة لحل المشاكل، حالات أو برامج ذكية متاحة أمام المبرمجين في حقل المعلوماتية، كيفية استعمال انترنت الأشياء والفضاء الافتراضي، التعلّم عبر التكنولوجيا، كيفية إدارة العملية عبر الهاتف الذكي، السلوكيات التي تؤثر على العلاقات الاجتماعية، إضافة إلى قضية الحرية الذاتية والإنتاجية، وخطر التكنولوجيا على المراهقين...
جلسات العمل
انطلقت جلسات عمل المؤتمر الذي استضاف مسؤولين حكوميين وعسكريين ورجال أعمال محليين ودوليين، وخبراء ومهندسين وفنيين من أفضل المؤسسات التكنولوجية العالمية، وباحثين وأكاديميين من مختلف الجامعات في لبنان والعالم فاق عددهم الـ 200 شخص، وقد أُتيحت لهم فرصة المشاركة والمناقشة والتفاعل على مدى ثلاثة أيام ومن خلال أربعة محاور أو مسارات متوازية ركّزت على أبحاث وتقنيات الذكاء الاصطناعي والثورة الصناعية الرابعة في ما يتعلّق بالأمن والدفاع. كما تناولت الأبحاث خطورة سوء استخدام شبكات التواصل الاجتماعي على الأمن، استخدامات التحليلات التنبؤية لداتا المعلومات المتوافرة للعموم في الدفاع الوطني، التطوير الإبداع، وكذلك التشريعات القانونية لحماية الداتا والمعلومات الكبيرة، ودور الذكاء الاصطناعي في اتخاذ القرارات المناسبة وبالسرعة المطلوبة، ولا سيما على الأصعد الاجتماعية. كما تطرق المؤتمرون إلى وضع استراتجية تحدّد دور الآلة وتخصيص فريق عمل لها، وتعزيز دور الإنسان الذي سيتخذ القرارات النهائية...
وجاءت عناوين محاور الجلسات على الشكل الآتي: التكنولوجيا والدفاع ترأسها البروفسور شربل شدراوي (ICTO والجامعة اليسوعية في بيروت)، التكنولوجيا والأمن ترأسها البروفسور إيلي نصر(الجامعة الأميركية للعلوم والتكنولوجيا AUST)، التكنولوجيا والمؤسـسات والمجتمع ترأسها الدكتور عباس ترحيني (MENA-AIS والجامعة اللبنانية الأميركية LAU)، والتكنولوجيا والأطر القانونية والأخلاقية ترأسها عميد كلية الجقوق والعلوم السياسية والإدارية – الجامعة اللبنانية البروفسور كميل حبيب.
جدير بالذكر أنّ القسم الرابع من الجلسات، أي الإطار القانوني للذكاء الاصطناعي، استضاف عددًا كبيرًا من الوزراء والباحثين لم تُدرج أبحاثهم عبر موقع Easy Chair، ولقد أدارت الجلسات الدكتورة جنان الخوري من الجامعة اللبنانية، الدكتور والقاضي محمد الألفي من مصر، الدكتور علي طابوق من عمان، ومديرة الوكالة الوطنية للإعلام لور سليمان. ومن أبرز ضيوف هذا القسم كان وزير العدل الفلسطيني السابق الدكتور علي خشان، وزير العدل العراقي السابق حسن الرزو، ووزيرة العدل الأردنية السابقة الدكتورة ريما أبو حسان، العميد أنطوان خواجه ومدير عام وزارة الصناعة السيد فادي جدعون...
الوزير أفيوني
قدّم وزير الدولة اللبناني لتكنولوجيا المعلومات عادل أفيوني مداخلة أشار فيها إلى بطء في نمو اقتصاد المعرفة في لبنان، مؤكدًا أنّ من أولوياته اليوم في عصر التحوّل الرقمي العمل على تحقيق الحكومة الإلكترونية، وذلك من خلال تأليف لجنة تضّم باحثين اختصاصيين تضع خطة عمل تأخذ بعين الاعتبار البرامج الخوارزمية التي تتماشى وخصوصية المجتمع اللبناني.
الجلسة الختامية
اختتم المؤتمر أعماله بإصدار التوصيات في جلسة حضرها العميد الركن خليل يحيى ممثلًا قائد الجيش العماد جوزاف عون وعدد من الشخصيات.
تحدث في الجلسة العميد الركن سعيد القزح، الدكتور شربل شدراوي، الدكتور إيلي نصر، الدكتور عباس ترحيني، والدكتورة جنان الخوري، وقدّم كل منهم الاستنتاج الخاص بأحد محاور المؤتمر.
ثم تلا البروفسور أنطوان حرفوش التوصيات التي رسمت مستقبل الجيش اللبناني(الجيش الذكي):
- التوصية الأولى: شدّدت على أن يكون دور الكائن البشري في المرتبة الأولى في العمليات العسكرية والدفاعية، وأن يتمّ الانتقال من الذكاء الاصطناعي ذاتي التشغيل، للمضي قُدمًا بنحوٍ تصاعدي باتجاه الذكاء المُعزَّزAugmented Intelligence، ولا سيمّا في أنظمة الذكاء الاصطناعي البحتة مثل نُظُم الأسلحة الفتاكة ذاتية التشغيل LAWS والتي تُعتبر خطرة جدًا.
- التوصية الثانية: ركّزت على تسريع في اعتماد الذكاء المُعزَّز Augmented Intelligence عبر اعتماد رؤية استراتيجية للاستثمار والتشجيع والتطوير خلال مرحلة اعتماد الذكاء الاصطناعي، وبالتالي تراعي هذه المقاربة حقوق الإنسان الذي سيتمكن وخصوصًا في الجيش، من تغيير وجه الأرض، ويكون مصدرًا للقوة بالابتكارات.
- التوصية الثالثة: قضت هذه التوصية بتحفيز الجيش اللبناني على مواءمة مهاراته ومقارباته بُغية الاستفادة من الطبيعة التحويلية للذكاء المُعزَّزAugmented Intelligence، وذلك من خلال إنشاء وحدة تُعنى بتطبيق مبدأ «قوة تتماشى وعصرنا» داخل صفوفه، تلتزم هذه الوحدة تحديد الفرص لتطبيق الذكاء المُعزَّز Augmented Intelligence في الجيش اللبناني وجعله من أولوياتها.
- التوصية الرابعة: تعزيز دمج المهارات الشخصية في عملية بناء القدرات، من خلال «التطبيقات الذكية المُعزَّزة بالذكاء الاصطناعي» باعتبار ذلك نشاطًا ينفّذ بشكلٍ متواصلٍ لتدريب القادة وصانعي القرار في المستقبل. وقد اتَّضح أنَّ التعلُّم عن طريق المحاكاة يتيح قدرات واعدة للحدّ من الفجوة التي تفصل بين النظري والتطبيق في المنظمات.
- التوصية الخامسة: تدعو هذه التوصية الجيش اللبناني إلى إذكاء الوعي بخصوص المسائل المتصلة بالسلامة العامة وبتوفير السياسات والبروتوكولات لتنفيذها بشكلٍ فعال، والمضي قدمًا في تطوير النظام الإيكولوجي في مجالَي الأمن والدفاع، من أجل ترقُّب وتجنُّب الخلل في الدقة و/أو الأخبار/الأحداث/النشاطات التي تثير الفتنة بشكلٍ متعمّد والتي قد تخلق العصيان المدني.
- التوصية السادسة: توصي بخلق بنية أساسية ومتينة لتكنولوجيا المعلومات، يتمثّل الهدف الرئيسي منها في جمع جميع البيانات والداتا في الحكومة اللبنانية، من خلال إدماج معلومات المؤسـسات الأمنية التي تعمل على الصعيد الوطني في مكان واحد.
- التوصية السابعة: تقضي بتطوير شراكات مستدامة مع الأوساط الأكاديمية، من خلال إنشاء مجلس للمشاركة في تطوير الذكاء الاصطناعي والذكاء المعزّز.
- التوصية الثامنة: تنظيم مجلس لمسابقة سنوية تنافسية على الصعيد الوطني حول الذكاء المعزّز في الأمن والدفاع، بالتعاون مع الجيش اللبناني والجمعيات العلمية.
- التوصية التاسعة: ضرورة تعزيز حماية البيانات والخصوصيات لدى الجيش اللبناني، والتي تحتاج إلى توجيهات واضحة.
الدكتور حرفوش: المؤتمر ناقش قضية خطرة جدًا على البشرية
إلتقت مجلة «الجيش» على هامش المؤتمر مديره الأكاديمي Manager Chair البروفسور أنطوان حرفوش (اختصاصي في الأنظمة الذكية وتحليل البيانات في جامعة نانتير- باريس Paris Nanterre، ورئيس الجمعية اللبنانية للأنظمة المعلوماتية في بيروت LAIS)، الذي قال: «ميزة هذا المؤتمر أنه ناقش جميـع أوجه الذكاء الاصطناعي، للاستفادة منها استراتيجيًا وعملانيًا وتقنيًا، ففـي المحصّلــة، الذكــاء الاصطناعــي هــو لتطويــر إمكانيــات الإنســان».
وأكد أنّه ثمّة تغيير جذري في مفهوم الحروب وتقنياتها، بحيث إنّ عديد الجيش لم يعد العنصر المؤثر في عامل قوته، بل أصبح الذكاء الاصطناعي، وكيفية استخدام المعلومة، بطريقة فعّالة، وحسن اختيار الزمان والمكان، هما العنصران الأقوى والأهم في عصرنا.
وأضاف: «لقد ناقش المؤتمرون قضية خطرة جدًا على البشرية وهي تسارع الدول على تطوير الأسلحة الفتاكة ذات التحكم الذاتي Swarm Weapons، وكذلك أنظمةSwapon وهي عبارة عن أجهزة تُسهم في تحديد دقيق لمكان انطلاق القذيفة والردّ عليها بسرعةٍ فائقة ومن دون أمر أو تدخّل إنساني. واقترحوا فكرة الذكاء المعزّز Augmented Intelligence، أي إعادة القرار إلى يد الإنسان، من خلال استخدام الآلة الذكية لتعزيز قدراته في سرعة تحليل البيانات وتحديــد الخيــارات واتخــاذ القــرار المناســب.
وتابع: «فالجيوش الذكية هي وحدها القادرة على صنع القرار في أرض المعركة. وبالتالي تدريب الإنسان يبقى القضية الأهم في الحروب، وفي مواجهة مخاطر التطور التكنولوجي، وكيفية التعاطي مع حسناتها.
فالجيـش اللبناني أثبت قدراتـه الذاتيــة وحقـق الانتصـارات النوعية في حربـه ضـدّ الإرهاب، من خلال استخدامه الأسلحة الذكية. وفي الوقت عينه كـان صاحــب رؤية ذكية لمواجهة التحديات الآنية، تجسّد انفتـاحه على المجتمع المدني للاستفادة من الخبـرات العلميـة والثقافيـة لديـه، وذلـك من خلال مدّ جـسر عبور بينه وبين الجامعـات ومراكـز الأبحـاث، كي يستفيد من أبحاثهم، فيكون السبّاق في تحقيق الابتكارات التكنولوجية المبدعة، والتي من شأنها رفع البشرية وخدمة الإنسان على جميع المستويات.
رسائل شكر ودروع تقديرية للجهات الراعية للمؤتمر
شكرت قيادة الجيش الجهات الراعية للمؤتمر والجمعيات التكنولوجية العالمية الثلاث جمعية تكنولوجيا المعلومات والتواصل في المؤسسات في باريس ICTO، وجمعية الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للأنظمة المعلوماتية MENA-AIS والجمعية اللبنانية للأنظمة المعلوماتية في بيروت LAIS، في الجلسة الختامية للمؤتمر من خلال رسائل شكر وتقدير. وبدوره قدّم مركز البحوث والدراسات الاستراتيجية لممثلي هذه الجهات الدروع التقديرية والهدايا التذكارية باسم المؤتمر التاسع.
والجهات الراعية هي: أوراكل Oracle، هواوي HUAWEI، تاليس TALES، أهيد ahead، جمعية مصارف لبنان، فندق لو رويال LE ROYAL، ألفا ALFA، فرنسا بنك FRANSABANK، منتدى الحوار الوطني – مخزومي Forum for National Dialogue a MAkHZOUMI INITIATIVE, سوديتيل للانترنت SODETEL، فيزيا VIZIYA، سوفت فلو SOFT FLOW وطيران الشرق الأوسطMEA.
اجتماعيات المؤتمر
تخلّل المؤتمر جانب اجتماعي مهم، أتاح للمشاركين الأجانب التعرّف إلى جزء من المناطق السياحية اللبنانية، فزاروا متحف الجامعة اليسوعية (ميم)، وسيدة لبنان في حريصا، ومغارة جعيتا، وتناولوا العشاء في النادي العسكري المركزي. كما أُقيم على شرفهم حفل عشاء ساهر GALA DINNER في المجمّع العسكري في جونيه.
تصنيف الأبحاث والعارضين
أعلن البروفسور أنطوان حرفوش عن الأبحاث التي حازت على جائزة ضمن المسارات الثلاثة وأسماء معدّيها، وكذلك أسماء الباحثين الذين تميّزوا في عرض أبحاثهم، وجميعها أعدّت باللغة الإنكليزية، وجاءت النتيجة على الشكل الآتي:
• البحث في المسار الأول كان: «التحوّل الرقمي في المنظمات: تأثير التكنولوجيا الجديدة على آلية الاستخدام وسير العمل»، أعدته الباحثة اسينزيا دال زوتو (جامعة نيوخيل - سويسرية).
أما أفضل عرض فكان للبروفسور أسلي سينسر من جامعة بوغازيسي – تركيا.عن بحثه «حالات في قطاع الدفاع».
• البحث في المسار الثاني «ثورة الهجمات السيبرانية» أعدّه كل من الباحثين جوانا مبارك، ومارون شمعون من جامعة القديس يوسف –لبنان, أما أفضل عرض فكان للبروفسور أدريانا بورليا شيوبيو من جامعة كرايوفا- رومانيا، عن بحثه الأخلاق والأمن في انتشار المعلومات».
• البحث في المسار الثالث كان «المشكلة الناتجة عن شبكة توزيع المساعدات الإنسانية- دراسة حالة»، أعدّه كل من الباحثين شاهين جيلاريه (إيران)، قاسم دنش (لبنان)، رحيمة مونيمي، بريانس ناجح (فرنسا).
أما أفضل عرض فكان للبرفسور الدكتور كارل آدم (بريطانيا)، عن بحثه «التحديات في التحويل الذاتي».