- En
- Fr
- عربي
وقفة وفاء
مؤسسة المقدم الشهيد صبحي العاقوري وأولاد العسكريين الشهداء في عاصمة الفن والجمال
تخطّت مؤسسة المقدم المغوار الشهيد صبحي العاقوري مساحة الوطن الجغرافية لتسافر خلف الغيوم وتحقق حلمًا راودها منذ تأسيسها: تنظيم رحلة سياحية لأولاد العسكريين الشهداء إلى فرنسا. ولقد كان لها ما أرادت بفضل أشخاص محبّين مؤمنين برسالة المؤسسة وبأهدافها، وبفضل الدعم المطلق الذي تحظى به دائمًا من قائد الجيش العماد جان قهوجي، الذي رعى هذا النشاط بقلب كبير وحرص على تسهيل كل معاملات السفر... «الجيش» رافقت المسافرين وجاءت بهذا التحقيق.
في مطار رفيق الحريري الدولي تجمّع المعنيون الذين بلـغ عددهم 30 شخصًا من أولاد العسكرييــن الشهــداء وفريـق المسؤولين وعلـى رأسهــم العقيــد هادي أوســي المنتدب مــن قبل قيـادة الجيش لمرافقــة الأولاد والإشراف على الرحلة. كل التسهيلات الممكنة قدّمها ضباط جهاز أمن المطار وعناصره. وفي تمام الساعة الرابعة والنصف كان الجميع على متن طائرة تابعة للخطوط الجوية الفرنسية.
«أول وصولو...»
في تمام الساعة الثامنة والنصف مساءً وصلت الطائرة إلى مطار شارل ديغول في العاصمة باريس. على أرض المطار كان في انتظارنا الملحق العسكري في السفارة اللبنانية في باريس العميد نبيل بياضو الذي رحّب بالجميع وعرض تقديم اي مساعدة ممكنة. أما في الخارج، فكان بانتظارنا السيد جوزيف عون والسيد فادي الشيخ الذي نسّق الرحلة بين لبنان وباريس مع السيد رمزي كنج ، ووضعا برنامجها.
في باصات الـ Cinquième Etoile لصاحبها اللبناني روجيه خليفة الذي أخذ على عاتقه تأمين التنقل من الأوتيل إلى الأماكن السياحية، غادرنا المطار الى مطعم «Rimal» وهو واحد من سلسلة مطاعم لبنانية وأجنبية في باريس، يملكها اللبناني سامر خوري الذي عندما علم بمجيء أبناء شهداء الجيش، أصرّ على القيام بواجبه تجاههم، متوليًا تقديم وجبات الغداء والعشاء في مطعميه اللبناني والايطالي طوال الأيام التي قضيناها في باريس.
بعد العشاء، غادرنا إلى أوتيل «أداجيو سيتي» (ADAGIO CITY) حيث توزّعنا على الغرف المجهّزة لاستقبال أربعة أشخاص في كل منها. وبعد نهار طويل من السفر، خلد الجميع إلى نوم عميق استعدادًا لرحلة اليوم الأول.
في ديزني لاند
في صباح اليوم الأول، استيقظ الجميع باكرًا استعدادًا للمغامرة الأولى في برنامج الرحلة وهي زيارة ديزني - لاند حلم الكبار والصغار, التي تبعد عن العاصمة باريس 60 كيلومترًا تقريبًا. إستقلينا القطار السريع من أقرب محطة إلى الفندق، لنصل إلى محطة Chessy marne - La vallée حيث المكان المقصود. الإنطباع الأول دهشة لا توصف إرتسمت معالمها على الوجوه. إبتعنا بطاقات الدخول، وتوزعنا فِرَقًا الأمر الذي يجعل الزيارة أكثر متعة. هنا، بدأت الحيرة: من أين نبدأ؟
مجموعة الألعاب المختلفة في بارك ديزني - لاند تقود الزائر إلى اكتشاف شارع الولايات المتحدة الأميركية الرئيس (Main street USA) الذي يمثّل ما كانت عليه المدن الأميركية الصغيرة قبل حوالى قرن من الزمن، حيث تعيد الجياد التي تجر العربات في الشوارع إلى الأذهان، الأجواء الحلوة التي كانت سائدة في الماضي البعيد.
على أرض الاستكشافات (Discovery land) سافرنا عبر الزمن والفضاء، وأمضينا أوقاتًا حافلة بالمرح تحوّلنا خلالها إلى أقزام واختبرنا تجربة جديدة في عالم ديزني .
قصص الطفولة الرائعة استعدناها في أرض الخيال (Fantasy land) التي تتجسّد فيها قصص ديزني وشخصياته الساحرة التي رافقت طفولتنا. هنا الفيل «Dumbo»، وهناك «سنو وايت»، «الأقزام السبعة»، «سندريلا»، «بينوكيو»، «أليس في بلاد العجائب»، وغيرها من شخصيات ديزني الأخرى ...
سحر هوليوود وروعة الفنون السينمائية في حديقة «والت ديزني» WALT DISNEY. أنوار تبهر النظر وكاميرات ضخمة سافرت بنا إلى كواليس الأفلام السينمائية والرسوم المتحركة من خلال أربع مناطق مختلفة. تُعد منطقة الساحة الأمامية موقع «المشهد الأول» وهي تسمح بالدخول إلى عالم هوليوود الرائع من خلال بوابات الاستديو الضخمة. وتشكّل ساحات الإنتاج موقع «المشهد الثاني» وهي استديو سينمائي حقيقي. أما ساحة الرسوم المتحركة فهي موقع «المشهد الثالث» ويتم فيها الكشف عن بعض أسرار ديزني في مجال إنجاز الرسوم المتحركة. ويشكّل الجزء الخلفي «خلفية المشهد الرابع» الذي يتيح للزائر الاطّلاع على خبايا المؤثرات الموسيقية وأعمال المخاطرة.
لم يكف يوم واحد لزيارة مساحات الترفيه الواسعة لديزني - لاند، التي يمكن قضاء ساعات وساعات في أرجائها من دون كلل أو ملل...
برج إيفل رمزًا للعاصمة الفرنسية
برنامج اليوم الثاني كان حافلاً بالزيارات السياحية لأكثر من مكان. البداية كانت من برج إيفل (TOUR EIFFEL) رمز السياحة في باريس. إنتظرنا صفوفًا طويلة للحصول على بطاقات الدخول لكنّ الإستمتاع بجمال باريس من على قمة البرج، أنسانا عناء الإنتظار. يقع البرج قرب نهر السين، إفتتح العام 1889 بالتزامن مع الذكرى المائة للثورة الفرنسية، وقد بناه المهندس غوستاف إيفل (GUSTAVE EIFFEL). يبلغ ارتفاعه 324 مترًا، يحتوي على ثلاث طبقات و704 درجات حتى الطابق الثاني، وقد استغرق بناؤه سنتين وشهرين وخمسة أيام. وقد أصبح هذا الصرح رمزًا للعاصمة الفرنسية، ومن المعالم التاريخية المدرجة على قائمة التراث العالمي للأونيسكو منذ العام 1991، جنبًا إلى جنب مع معالم أثرية أخرى في باريس.
بعد أخذ الصور التذكارية أفرادًا وجماعات، إنتقلنا مشيًا على الأقدام إلى ضفاف نهر السين وقمنا برحلة بحرية على متن أحد القوارب السياحية (BATEAUX MOUCHES). أبحرت بنا «الكروز» في جولة أقل ما يقال عنها رائعة، تعرّفنا خلالها على مدى ساعة ونصف إلى أهم المعالم الأثرية مع شرح صوتي يلخّص أهميتها. جسور ومعالم متعددة مررنا بها أهمها، جسر الملك ألكسندر الثالث (PONT ALEXANDRE III)، مبنى وزارة الخارجية الفرنسية (QUAI D’ORSAY)، مبنى مجلس النواب (ASSEMBLEE NATIONALE)، وكاتدرائية NOTRE DAME DE PARIS التي زرناها لاحقًا والتي يعود تاريخ بنائها إلى القرن الثالث عشر، وهي من أكبر الكاتدرائيات في فرنسا بأبراجها العالية وهندستها الفريدة.
ختام اليوم الطويل كان في كاتدرائية القلب المقدس ( SACRE COEUR ) الواقعة على تلة الشهداء (MONT MARTRE) والتي شيّدت ما بين العامين 1875 و1914 على الطراز الغوتي (GOTHIC STYLE) الرائع. وتعتبر قبة الكنيسة أعلى قمة في باريس بعد برج إيفل، وهي تطل على منظر بانورامي جميل جدًا.
قصر فرساي: متحف لتاريخ فرنسا
يوم آخر جميل كان بانتظارنا لدى زيارتنا قصر فرساي الذي يقع على مسافة 25 كلم تقريبًا جنوب غرب باريس. الجميع متحمّس لزيارة واحد من أجمل القصور وأفخمها، بني في عهد الملك لويس الرابع عشر، ويرمز إلى قوّة فرنسا وجبروتها.
تستغرق زيارة القصر أقلّه حوالى الأربع ساعات من المشي في داخله وفي خارجه. وهو يقسم إلى أربعة أقسام: القصر نفسه، التريون الكبير، التريون الصغير، وحدائق القصر.
أكثر ما يتوقف عنده الزائر قاعة المرايا التي تحتوي على 17 مرآة في جهة واحدة، مقابل كل منها في الجهة الأخرى شباك كبير يطل على حدائق القصر. كما تحتوي هذه القاعة على عدد كبير من الثريات النفيسة.
غرفة نوم (أو مخدع) الملك، تتميز بموقعها في الجهة الشرقية وتتيح له رؤية الشمس في بداية اليوم.
ما يلفت الأنظار في هذه الغرفة، القماش المطرز المصنوع منه أثاث هذه الغرفة الباهظ الثمن.
وتنتهي الزيارة في حدائق القصر الملكية المزدانة بالأشجار والنوافير والأحواض المتعددة الأشكال والأسماء، والأعشاب والزهور التي تتميز بتناسق ألوانها، إلى مجموعة مميزة من التماثيل الرخامية النادرة والكاملة الحجم لشخصيات أسطورية وتاريخية.
المتحف العسكري الأكبر في العالم
ضريح القائد نابوليون بونابرت والمتحف الحربي الفرنسي (MUSEE DE L’ARMEE-HOTEL NATIONAL DES INVALIDES) من معالم باريس الحضارية التي زرناها في اليوم الأخير للسياحة الباريسية.
يقع ضريح نابوليون في المبنى الذي كان مخصصًا للمعوقين والعجزة أيام الحرب، وتحوّل إلى كنيسة على اسم القديس لويس ذات قبة ذهبية وتصميم هندسي رائع. وقد وضع الضريح على قاعدة من المرمر الأخضر وبقربه ضريح جوزفين زوجة نابوليون، وعدد من الضباط العسكريين الذين خدموا تحت لوائه، وأخرى لأبطال وقادة عسكريين فرنسيين.
يقع المتحف الحربي الفرنسي بالقرب من ضريح نابوليون، وفي ساحته صفوف طويلة من المدافع الفرنسية الكلاسيكية التي كان لها الدور البارز في نجاح الثورات الفرنسية. وفي الداخل، تاريخ فرنسا الحربي القديم والحديث.
فترة ما بعد الظهر، كانت مخصصة للتنزّه والتبضّع في شوارع الشانزليزيه ( CHAMPS - ELYSEES) حيث قوس النصر (ARC DE TRIOMPHE) الذي شيّد خلال عهد نابوليون الأول الذي قال لجيوشه: «سترجعون إلى البيت عبر أقواس النصر».
وقد بني القوس في ساحة تدعى PLACE DE L’ETOILE التي يتفرّع منها إثنا عشر شارعًا ضخمًا أبرزها شارع الشانزليزيه الذي يعج بأشهر المحلات العالمية.
أسماء هذه الشوارع مستمدة من أسماء المعارك التي خاضها الفرنسيون، ومن أسماء عظماء الأمّة الفرنسية.
عشاء تكريمي
في مساء اليوم الأخير، أقيم عشاء تكريمي في مطعم «الرمال» تخلله كلمة للعقيد هادي أوسي شكر فيها كل من ساهم في إنجاح الرحلة من باريس، وقدّم مع رئيسة مؤسسة المقدم الشهيد صبحي العاقوري السيدة ليا باسم قيادة الجيش وباسم المؤسسة دروعًا تقديرية عربون امتنان وشكر، لصاحب مطعم «الرمال» السيد سامر خوري، صاحب شركة «TRANSPORT CINQUIEME ETOILE» السيد روجيه خليفة، منسق الرحلة السيد فادي الشيخ. وبعد شرب نخب «الجمعه الحلوة»، إلتقطت الصور التذكارية.
في اليوم التالي، كان الموعد مع العودة إلى الربوع اللبنانية والكل يحمل في حقائبه صفحات أيام في باريس تعيده كلّما قلّبها إلى الأيام الحلوة التي أمضاها في العاصمة الفرنسية... وداعًا باريس وإلى اللقاء.
المشاركون في الرحلة
شارك في الرحلة 25 ولدًا من أبناء العسكريين الشهداء من المناطق اللبنانية كافة، رافقهم مسؤولون هم إلى العقيد أوسي والسيدة ليا: رولى شبلي رزق الله، روي جريش، جان دارك أبي ياغي، وانضم إليهم من باريس المعاون فيليب حمصي (من مكتب الملحق العسكري في السفارة اللبنانية في باريس).