- En
- Fr
- عربي
تحية الى جيش الوطن
جورج الزعني في تحية الى الجيش وشهدائه
أقام الفنان جورج الزعني معرضاً لشهداء الجيش والصليب الأحمر الذين سقطوا في مخيم نهر البارد في خضمّ المعركة التي خاضها جيش لبنان ضد بؤرة الفساد التي تمرّدت في هذه المنطقة.
أقيم المعرض في قصر الأونسكو ما بين الثالث والعشرين والخامس والعشرين
من آب 2007.
سبق المعرض مؤتمر صحفي عقده صاحب فكرة المعرض في دار نقابة الصحافة اللبنانية في الروشة، وذلك للاعلان عن المعرض الذي حمل عنوان: «بدمائهم يرسمون مساحة الوطن».
الجيش هو الضمانة
نقيب الصحافة اللبنانية الاستاذ محمد البعلبكي رحّب بالحضور في «دار جميع اللبنانيين»، وخصّ بالترحيب العميد الركن صالح حاج سليمان مدير التوجيه والجيش البطل الذي يسجّل ملاحم الدفاع عن الوطن. واعتبر البعلبكي أن الجيش هو الضمانة الحقيقية والأولى لوحدة هذا الشعب وللدفاع عن مصالحه الكبرى. وأضاف: أنه بحمد الله رأى اللبنانيون جميعاً من غير استثناء أن جيشهم الوطني بما يقوم به من معارك كبرى في الشمال فضلاً عن واجبه في الجنوب بوجه العدو الإسرائيلي هو بالفعل الضامن لوحدتهم الوطنية. كما أثبت الجيش أنه جاهز في كل وقت وإزاء كل ظرف من الظروف أن يقوم بواجبه بصدق وشجاعة وإحساس وطني، فيكفيه شرف نعتزّ به جميعاً أنه قدّم على مذبح عقيدته ومذبح الوطن شهداء أبراراً. ثم دعا الحاضرين الى الوقوف دقيقة صمت تحية لأرواح شهداء الوطن.
ثم قدم الفنان الزعني قائلاً: الاستاذ جورج الزعني مؤمن تماماً بأن الفن يجب أن يكون أيضاً في خدمة الوطن، وأوضح أنه لا يترك مناسبة إلاّ ويقيم معرضاً يعبّر فيه عن مشاعر اللبنانيين تجاه وطنهم ووحدته، وقد اختار في هذه الفترة موضوع الجيش اللبناني وبطولاته وما يقدّمه من شهداء ضحّوا بأرواحهم كي يرسموا مساحة الوطن وترك بعدها الكلمة لصاحب الدعوة الذي وقف رافعاً علم الجيش قائلاً:
«مهما كبرت العواصف لن يسقط أبداً «شرفي وشرف بلدي من يدي»، وجّه بعدها الدكتور الزعني أسمى التحيات الى جيش لبنان من لبنان من قلب لبنان النابض. ولكل أمّ في الشمال، ولكلّ أمّ في الجنوب، في البقاع، في الجبل، لكلّ أمّ في بيروت ردّد قول الشاعر الياس فياض:
«لا تبكه فاليوم بدء حياته إن الشهيد يعيش يوم مماته».
وتوجّه بعدها الى كل اللبنانيين المقيمين والمغتربين ليتذكروا أن أسمى الكتابات بعد الكتب السماوية شعار جيش لبنان «شرف، تضحية، وفاء».
ثم توجّه من خلال وسائل الإعلام الى اللبنانيين أولاً والى كل شعوب العالم والهيئات العالمية التي تطلق الوعود وتتغنّى بالانسانية لتتذكر أن شباب جيش لبنان هم ضحية الحروب وأنه اذا كان ولا بدّ من وعد فيلكن عند الفجر وليس عند المغيب! فالشهادات التي يقدّمها الجيش تجسّد الوحدة الوطنية وستتفتّح دماء الشهادة وروداً مع أول الربيع. وأكد على أن هذه البداية فكل منّا يعيش ويشهد كيف أن الجيش يكتب بدمه ملحمة البطولة. كما وأن الإجماع الوطني اليوم يتمحور على أن الجيش تعبير عن إرادة الشعب الرافض للجرائم التي ترتكب ضد شباب لبنان والانسانية في ظل التمسك بالأرض عنوان الولاء للوطن الأوحد «لبنان».
وشدّد على أن الدفاع عن الوطن حق مقدّس وعلى أن جيش لبنان لا يدافع فحسب بل يحارب عن شرفنا وحقنا بالوجود.
وختم قائلاً: «سنصفّق جميعاً للجيش ونردّد قول رشيد نخلة:
- كلنا للوطن للعلى للعلم - ولْتبقَ حرية الشعلة وهّاجة وأغصان الغار تتمايل مع كل صباح والحياة للبنان».
كلمة مدير التوجيه في حفل الافتتاح
افتتح المعرض عند الساعة الخامسة من الخميس الواقع فيه الثالث والعشرون من آب 2007 بحضور مدير التوجيه العميد الركن صالح حاج سليمان ممثلاً قائد الجيش، والرائد حنّا اللحام ممثل المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي، ورئيس الصليب الأحمر سليم دحداح ووفد مرافق. كما حضر الحفل فاعليات سياسية وعسكرية واجتماعية وفنية وعدد من أهالي الشهداء.
جال الحاضرون في المعرض متأملين العمل برفقة مدير التوجيه الذي ارتجل كلمة بالمناسبة قال فيها: «اليوم ونحن أمام الشهادة نستذكرها رسالة خالدة، وعقيدة ثابتة، أراني أقف أمام من يشاطرني حمل الرسالة بفنه وإبداعه، تتفجّر في أعماقه مشاعر يسابقها الدمع هادراً للعزّ والمجد، جورج الزعني فنان من بلادي، صخرة قدّت من شموخ جبالها، وجذع أرزة منغرس في أعماق ترابها وموج بخور عابق يلاطف هضابها. إنه القدوة في محبة الوطن والتمسك بالمواطنية الصالحة، انتصر بعبقريته لكرامة الجيش التي منها كرامة الشعب والوطن، فاستحق كل تقدير.
باسم قائد الجيش أتوجه بتحية شكر وتقدير لك يا جورج، ودمت ينبوع عطاء تروي الضمائر والقلوب، باللون والضوء والكلمة السويّة الحقّة.
وكانت كلمة ايضاً لرئيس الصليب الأحمر سليم دحداح مهنئاً لبنان بشبابه الأبطال الذين تجلّت شهادتهم بشرف برهن عنه الجيش في معركته. ووجّه تحية إكبار للجيش خشبة خلاص الوطن الذي يعتزّ به ويفتخر بشرفه ووحدته وعطائه.
المعرض: شهداء وشموع
ضمّ المعرض صوراً لمئة واثنين وأربعين شهيداً مقداماً (وهو عدد الشهداء الذين كانوا سقطوا حتى ذلك التاريخ)، أضيئت على نيّة كل منهم شمعة نور وضياء، شهداء سقطوا في سبيل الوطن اعتباراً من العشرين من أيار. كما ضمّ المعرض صورتي شهيدي الصليب الأحمر سليمان والمعماري.
وقال الزعني إن هذا المعرض تقدمة للجيش اللبناني وللشهداء الشباب الذين سُجّلت أسماؤهم في سجل الخلود والذين قاموا ببطولات لم يتجرّأ على الإقدام عليها أي شباب في العالم. ووصف المعركة في البارد على أنها معركة تضاهي معركة الاستقلال وتمنّى لو كانت الظروف أكثر مؤازرة ووعد بإقامة المعرض على ركام مخيم نهر البارد عندما تنتهي الحرب، وأكد أن أكاليل الورد ستمتد حينها من بيروت حتى طرابلس. ثم وصف ما قام به من جهد في إنجاح هذا المعرض على أنه واجب عليه، وأن ما يقدمه للجيش قليل وتمنى لو يكون العمل كدافع أو حافز لتشجيع العسكريين للمضي قدماً بالأعمال البطولية التي يرسمون من خلالها مساحة الوطن ويكللون عزّه عزّاً ومجده مجداً، ويرفعون رايته عالياً أعلى من عواصف المحن التي تعصف بأرجائه وتزعزع صفو استقراره.
وقال: «كل الناس اليوم عسكر والجيش اليوم يدفع الثمن فالدعوة لكل اللبنانيين: واجب للوقوف وقفة عزّ أمام عظمة الشهادة، لأن الذين يموتون اليوم بالجسد يحملون بموتهم قيامة لبنان».
زهر وأرزّ وأغصان غار وتراب وحبق وطرحة وفساتين سود
ضمّ المعرض صالتين تفصل بينهما ردهة أضيئت بمئة واثنتين وأربعين شمعة مثّلت أرواح الشهداء الشباب الذين رسموا باستشهادهم سبيل الانتصار وأناروا برحيلهم عن أحضان أمهاتهم ظلمة الغدر والخيانة التي حاول مرتكبو هذه الجرائم إحلالها باستهداف حاملي عزّة لبنان وشرفه.
وأوضح الدكتور الزعني في الكلمة التي خصّ بها مجلة «الجيش» أن «لا ابتذال في المعرض، فالعمل مدروس تماماً». وأكد أنه استخدم من الرموز صوراً عبّر من خلالها عن المعاني التي رمى اليها من خلال اختيار هذه الرموز.
يستقبلك المعرض من الجهة اليسرى ببيت الشعر الذي كتبه الأديب الياس فياض «لا تبكه فاليوم بدء حياته/ إن الشهيد يعيش يوم مماته»، وقد علّق البيت على لوحة خشبية تحت خوذة عسكرية. وأما عن اليمين فَقَسَمُ الجيش الشرف والتضحية والوفاء.
رُفع في الردهة التي تفصل بين الصالتين علم لبنان وشعار الجيش. ووزّعت صور الشهداء من دون أي خلفية موسيقية وفي جو من الإضاءة الخافتة على أطراف القاعتين. وقد أجبر الفنان الحاضرين على الانحناء أمام عظمة الشهادة من خلال وضع هذه الصور على الأرض.
علّقت أسماء الشهداء على لوحات سود من الكرتون وبجانب كل اسم سنبلة قمح رمز العطاء والخير، العطاء الذي انبثق عن استشهاد هؤلاء الأبطال. رُفعت أيضاً بجوار كل صورة رايات شرف وتضحية ووفاء، قيم جسّدها الشهداء برحيلهم. على الجدران وزّعت الأوسمة بين أوسمة الحرب والجرحى والتقدير العسكري، كذلك علّقت الرتب والشارات العسكرية بالتدرّج ولفّت أوراق الغار الصور، هوذا لبنان الأخضر! لبنان المستقبل والأمل.
نثر التراب في الزوايا، رمز الأرض والوطنية، أرض العزّة، وطن الأبطال، وطن الأسود والنسور التي انقضّت بأنيابها ومخالبها على مَن حاول إحلال الغدر والفوضى في عرين مجدها.
ولم ينسَ الزعني الأمهات المفجوعات على رحيل أبنائهن بحيث جسّدهن بفساتين سود من الورق علّقها على لوحات خشب نُشرت فوق صور الشهداء. أمهات اتّشحن بالسواد على فراق فلذات أكبادهن، على غياب أبناء فارقوا حنان صدورهن وغمار عطفهن وارتفعوا الى حيث العدالة الأزلية الحقّة.
كذلك تدلّت طرحة بيضاء من السقف بطول ثلاثين متراً، امتدت على طول الصالة، نثرت عليها الورود البنفسجية زينة أكاليل الأعراس. وركّز الزعني على هذه النقطة قائلاً: «معظم الشباب الذين استشهدوا كانوا من غير المتزوجين، فكانت الشهادة عرسهم!».
وُضعت على طاولات دائرية أيضاً نبتات حبق عابقة برائحة شباب ضحّوا بأغلى وأثمن وأجمل سنوات حياتهم في سبيل وطنهم فكانوا كما يقال في العاميّة اللبنانية «طرابين حبق» وباتوا أسماء دُوّنت في سجلات العظمة والإقدام.
وُزّع في المكان الأرز الذي ينثر على رؤوس المحتفين بالأعراس وغيرها من المناسبات السعيدة.
لم تُفرّق الشهادة بين الرتب العسكرية، فطالت الجندي والرقيب الى جانب الرائد والنقيب ورفعت أرواحهم الطاهرة الى سماء الانتصار وجنّات الخلود، مساوية بينهم أمام العدالة السماوية.
وأضاف الزعني «بكيت مع كل خطوة وتأثّرت»، مشيراً الى أن عمله يشكّل أول التفاتة من نوعها نحو الجيش منذ تأسيسه.
زوار وكلمات
زار وزير التربية خالد قباني المعرض فرافقه في جولته الدكتور الزعني ومدير قصر الاونسكو أنطوان حرب والمستشار الإعلامي ألبير شمعون. وكان للوزير كلمة في المناسبة خصّ بها شهداء الجيش منوهاً بأعمالهم البطولية وإقدامهم في المعركة التي نمّت عن شجاعة وفداء للوطن بالروح والدم، وأكد أن التضحية هي أنبل ما يقدّمه الإنسان من أجل وطنه ووفاءً لتراب أرض الوطن.
ودعا اللبنانيين لأخذ عبرة مما يحصل لإعلاء شأن لبنان فوق كل مصلحة، وتمنى عليهم أن يشبكوا أيديهم بأيدي الآخرين في سبيل إخراج لبنان من محنته. ووجّه تحية من القلب لمن كتب مجد لبنان ورفع رأسه عالياً.
غصّة تعانق الفخر
مشهـد يجمـع بين الحزن والأسى من جهـة، وبيـن وقفة الاعـتزاز أمام شهـداء الجيش درع لبنـان الحصين، أمام من أُريقت دماؤهم في مواجهة نار الإرهاب وشرّ الجريمة، أمام شباب «بدمائهم يرسمون مساحة الوطن»، بعيـون نسـور ثاقبة تحدّق الى النصر ليحيا المواطنون بعزّة وكرامة.
كتاب شكر:
قدّم مساعد مدير التوجيه العميد أنطوان صالح كتاب شكر باسم قائد الجيش العماد ميشال سليمان الى الفنان جورج الزعني، تقديراً له على المعرض الذي أقامه تكريماً للشهداء والعسكريين.