- En
- Fr
- عربي
العوافي يا وطن
تحفظ ذاكرة الكثيرين منا تفاصيل يوم هو غير جميع الأيام المدرسية بما فيها أيام الرحلات وحفلات آخر السنة. إنّه يوم قصدوا خلاله بصحبة معلميهم ومعلماتهم ثكنة قريبة ليقدموا التهنئة للـ«عسكر» بعيد الاستقلال: رفعوا الأعلام عاليًا، مشوا بخطى عسكرية، أنشدوا «كلنا للوطن»، وهتفوا «نحبك يا وطن». أكاد أجزم أنّ مشاهد هذا اليوم وذكرياته لا تفارق «الجنود الصغار»، بل إنّها تظل تتردد في طيات العمر وتخترق جدران الوقت لترسم عليها صورًا من دهشة الطفولة أمام عالم الـ«عسكر».
لطالما كان هذا العالم مغريًا للصغار وللشباب لما ينطوي عليه من مهابة ووقار. هم يحبون الاقتراب منه لأنه رمز الطمأنينة ورمز القوة. إنّه الساعد القوي الذي يحمي، واليد الممدودة للمساعدة في كل حين. فصورة جيشنا لم تكن في يومٍ من الأيام صورة العسكري الذي يرهب مواطنيه أو يقمعهم. بل إنّها صورة العسكري الشجاع الذي يستشهد ليحميهم. وصورة الإنسان النبيل المعطاء الجاهز دومًا لخدمتهم في الظروف الصعبة. هكذا عرفنا جيشنا يحمل الخبز والماء إلى بلدات وقرى حاصرتها الثلوج أو السيول، ويتولى العناية بالآثار، ويشق طرقات وينيرها، ويسهم في تجهيز مستوصفات، ويحمل المساعدات إلى المناطق النائية والأكثر حاجة إلى الخدمات... وهكذا عرفناه دومًا: حاضر في المجتمع، والمجتمع حاضر لاحتضانه ودعمه.
اليوم كبرت مساحات التلاقي بين جيشنا وأهله.
ثكناته تفتح أبوابها للمواطنين، صغارًا وشبابًا وكبارًا، فيقبلون إليها ويتعرفون إلى ما آلت إليه أحواله عديدًا وعتادًا وتنظيمًا. اليوم المفتوح في قاعدة رياق الجوية، وقبلها في القوات البحرية وفي مواقع ومقرات أخرى، كان مناسبة للتلاقي بأفضل وجوهه.
مبادرات مديرية التعاون العسكري – المدني يدٌ ممدودة للمواطنين في مختلف المناطق اللبنانية.
التعاون بين الجيش والجامعات والمعاهد في لبنان يزداد رسوخًا وعمقًا، وكذلك التعاون مع الجمعيات الأهلية، وسواها من هيئات المجتمع.
الثكنات التي تفتتح في البلدات البعيدة تحمل إليها مع الطمأنينة والأمن، الأمل والوعد بالتنمية.
بوركت همّة أصحاب الهمم الذين لا يتعبون، وفي كل يوم يشقّون طريقًا جديدة لخدمة وطنهم.
في الحرب وفي السلم، العوافي يا جيش لبنان.
العوافي يا وطن.