- En
- Fr
- عربي
تحدي الإرهاب
ليس الإرهاب بظاهرة جديدة نشأت في عالمنا المعاصر, بل هي ظاهرة قديمة رافقت البشرية منذ الزمن الغابر, واتخذت لها أنواعاً وأشكالاً وأساليب وأهدافاً متعددة, من إرهاب الفرد إلى إرهاب الجماعة إلى إرهاب الدولة, ومن العنف العشوائي إلى العنف المنظّم والمخطط له, ومن الهدف الاجتماعي إلى الهدف الديني والعقائدي إلى الهدف السياسي العام.
بيد أن هذا الإرهاب ومنذ نحو عقدين من الزمن, بدأ بالانتشار على نطاق واسع في العالم وخصوصاً في منطقة الشرق الأوسط, لأسباب كثيرة, بحيث باتت أعماله الإجرامية تطال جميع البلدان وإن بنسبٍ متفاوتة.
وما زاد من خطر هذا الإرهاب, هو الخلط الواضح بين القضايا الاجتماعية الشائكة التي تعانيها الشعوب كالفقر والجهل والبطالة وانعدام الديمقراطية والحريات العامة, وبين الأغراض السياسية والتحريض الطائفي والمذهبي, في محاولة من قبل المخططين له للتخفيف من وقعه وتداعياته, ولتشويه الحقائق وسط غبار التناقضات والمزايدات.
وبالنسبة إلى لبنان, فإن الإرهاب والعدو الإسرائيلي يمثلان وجهين لعملة واحدة, انطلاقاً من تشكيلهما, النقيض الواضح للصيغة اللبنانية, التي قدّمت ولا تزال, رسالة حضارية للإنسانية جمعاء, في العيش المشترك والانفتاح والحوار بين مكوّنات الوطن, وفي تكريس مبدأي الوحدة في التنوع, والتنوع في الوحدة.
لقد وعى الجيش باكراً أخطار الإرهاب وأهدافه, ولم يتأخر لحظة عن رصده ومتابعته والتصدي له بكلّ حزم وقوة, فكانت الملاحم الوطنية التي سطّرها في مواجهة هذا العدو, في نهر البارد وعبرا وسواهما من المحطات البطولية, مقدّماً خلالها قوافل الشهداء والجرحى والمعوقين في سبيل حماية لبنان, أرضاً وشعباً ومؤسسات.
وفي هذه المرحلة بالتحديد, يدرك الجيش عميقاً, خطر تمدّد الإرهاب في المنطقة, لا سيّما بفعل الأزمات السياسية والأمنية التي تعصف بها, وبالتالي إمكان تسلّله إلى لبنان في أي وقت من الأوقات.
لقد حتّم هذا الواقع على الجيش إعداد العدّة ومضاعفة الجهوزية, والقيام بإجراءات استباقية وعمليات ميدانية, لا سيّما في المناطق الحدودية, أسفرت عن تفكيك الكثير من الشبكات الإرهابية وتعقّب الضالعين في عمليات التفجير والتفخيخ, ما أدى إلى إشاعة مناخ من الأمن والاستقرار, تلمّسه اللبنانيون بشكل واضح خلال الفترة الأخيرة.
الجيش عازم على المضي قدماً في حماية الوطن من خطر الإرهاب, متسلّحاً بإنجازاته الكبيرة في هذا المجال, وباستعداد جنوده لتقديم المزيد من التضحيات, وبالتفاف المواطنين حوله, الذين ما انفكّوا يراهنون على دوره ويدعمون خطواته.