- En
- Fr
- عربي
إقتصاد ومال
أبي ناصيف: هدفنا تحويل لبنان من مستهلك للتكنولوجيا إلى مصدّر لها
خطوة جريئة يخطوها لبنان مـع إقرار الحكومـة مرسـوم تخفيض تعرفـة الإنترنـت بنسبـة 80 فـي المئـة وزيادة السرعـة بين 4 و8 مرات، وهـو يلحـظ خفضًـا للمؤسسـات التربوية بنسبة 20 في المئة، وخفضًـا لأسعار الخطوط التأجيرية للشركات (Leased Lines)، مما يجعل لبنان بالنسبة إلى هذه الشركات البلد الأرخص في المنطقـة، ويؤهّله ليكون مركزًا إقليميًا. كما يلحظ المرسوم أسعارًا تفضيلية للشركات خارج بيروت تطبيقًا لمبادئ اللامركزية الإدارية والإنماء المتوازن، مما يتيح للشركات الناشئة مجالات العمل انطلاقًا من مناطق عقارية جديدة حيث الإيجارات والتكاليف أقل.
من شأن هذا المرسوم تغيير حال قطاع الاتصالات وقلبه رأساً على عقب، والإفراج عن طاقات اقتصادية وبشرية هائلة، هي راهنًا إما كامنة وإما مهجّرة. وسيجعل لبنان في مقدمة الدول في مجال تكنولوجيا المعلومات والإعلام المتعدد الوسائط (Multimedia creativity).
لإلقاء الضوء على هذه الخطوة الجريئة التي انتظرها اللبنانيون وانتظروا معها فرص التطور والازدهار والنمو، التقت مجلة «الجيش» مستشار وزير الاتصالات نقولا صحناوي، المهندس فراس أبي ناصيف، فكان هذا الحوار.
بين الأمس واليوم
• ما الفرق بين عمل خدمة DSL بالأمس وخدمتها اليوم، بعد إقرار مرسوم خفض التعرفة وزيادة السرعة؟
- إن العروض السابقة لخدمة الـDSL لحظت تعرفة مرتفعة لخدمة رديئة ولسِعات محدودة جدًا، وهذا الأمر أثرّ سلبًا على عمل شركات الإنترنت، ولم يلائم المشتركين.
أما مرسوم خفض تعرفة الانترنت الذي أقرّه مجلس الوزراء في 25 آب الماضي، فقد أحدث تغييرًا جذريًا في عالم الإنترنت في لبنان. فهو أتاح لمزوّدي الخدمة دخول كل السنترالات بغية تركيب التجهيزات اللازمة لخدمة المواطنين، بعد أن كان مسموحًا لهذه الشركات دخول 35 سنترالاً من أصل 170 تقريبًا.
كما سمح للشركات خارج بيروت ان تستفيد من نسبة خفض أسعار الخطوط التأجيرية المحلية، تصل إلى 33 في المئة، وبالتالي فإن هذه الأسعار قد انخفضت من 1500 دولار إلى 230 دولارًا. وهذا الإجراء ليس خطأ ماديًا في المرسوم، بل هو خطوة وضعها عمدًا وزير الاتصالات نقولا صحناوي، بغية تحقيق الانماء المتوازن وتنمية المناطق الريفية، والإتاحة للشركات فرصة الاستثمار في مناطق أقل كلفة من بيروت، في حين فرض مرسوم التعرفة السابق زيادة في الأسعار كلما ابتعدت الشركة عن بيروت.
تحسين الجودة
• إلى ماذا يؤدي التحسين في جودة خدمة الإنترنت، وخفض أسعارها؟
- إن التحسين في الجودة هو عامل أساسي، يؤدي تدريجًا إلى استئصال مقدمي الخدمات (الشركات) غير الشرعية. كما وأن الأسعار حدّدت في المرسوم كحد أقصى، مما يسمح لوزارة الاتصالات بالتفاعل مع متغيرات السوق وتعديل الأسعار من دون الحاجة في كل مرة الى إصدار مرسوم تعرفة جديد.
وقد أثبتت الدراسات العالمية وفق البنك الدولي، أن كل زيادة بمقدار 1 ميغابيت في الثانية في سرعة الحزمة العريضة، تؤدي إلى زيادة النمو بنسبة 1.8 في المئة في الناتج المحلي. وكل زيادة في الاختراق بنسبة 10في المئة، تؤدي الى زيادة في النمو بنسبة 1.4 في المئة في الناتج المحلي. ويتوقع أن يؤدي خفض الأسعار بنسبة 80 في المئة الى زيادة في الاختراق بنسبة 40 في المئة.
مثلاً إن سرعة الإنترنت وجودتها العالية من ناحية الصورة والصوت النقيين، تسهّلان على الأفراد والشركات والمصارف، تخليص معاملاتهم المصرفية والتجارية أو حتى عقد الاجتماعات... بمدة لا تتعدى الثلاث دقائق ومن المنزل أو السيارة أو مكان العمل وفي أية بقعة من بقاع الأرض، وبالتالي النتيجة هي توفير للوقت ولمصروف السيارة أو حتى لبطاقة السفر ولإيجار الفندق...
تفعيل الخدمات
• هل البنى التحتية الخاصة بالإنترنت (Fiber Optic) قادرة على تقديم هذه الخدمات واستيعاب السعات الدولية الجديدة؟
- يسمح المرسوم الجديد بتفعيل خدمات وتطبيقات ضرورية كالـ IPTV (البث التلفزيوني عبر الإنترنت)، التسجيل وإعادة البث، التجارة الإلكترونية، والمعاملات المصرفية الإلكترونية، والـVOIP والـ Teleconference التي تتحقق من خلال Fiber Optic. وهذه الأخيرة يجري العمل على توسيعها وتطويرها بسرعة فائقة حتى العام 2012. وباعتمادنا قاعدة نيلسون التي تفترض أن سرعة الإنترنت تزيد كل عام بنسبة 50 في المئة، يمكن الاستخلاص أن زيادة الـ8 أضعاف المحقّقة اليوم، تعني أن لبنان عوّض 5 أعوام من تلك التي خسرها، والتي أقدّرها شخصيًا وفق أرقام تقديرية بـ ثلاث مليارات دولار تقريبًا.
• كيف ستكون الأسعار الجديدة؟
- دخل المرسوم حيّز التنفيذ في بداية شهر تشرين الأول الماضي، وبالتالي أصبحت السرعة الأدنى 1 ميغابيت في الثانية، وهي سرعة سيتمتع بها المشترك وبتعرفة 24 ألف ليرة من دون احتساب الضريبة على القيمة المضافة. وهنا لا بدّ لنا من الإشارة إلى أنه لا حاجة للمشترك الى معدات جديدة، فعملية الانتقال إلى المرحلة الجديدة تتم تلقائياً من خلال الشركة مزوّدة الخدمة مع إبقاء جهاز الموديم نفسه والوصلات ذاتها. الشيء الوحيد المتغيّر هو السرعة التي زادت والتعرفة التي انخفضت. لكن في بعض المواقع قد يحتاج المشترك الذي يريد سرعة تزيد على 1 ميغابيت في الثانية إلى فحص الخط الهاتفي العائد له، حتى يتبيّن إمكان توافر السرعة المطلوبة ومدى القدرة على استيعاب هذه السرعة.
تخفيض الأسعار والكلفة
• كيف تصف العلاقة اليوم بين شركات الإنترنت الخاصة ووزارة الاتصالات، وكيف تقبّلت هذه الخطوة الجريئة والهامة في عصر التكنولوجيا والاقتصاد الرقمي، والتي من شأنها تخفيض أرباحها؟
- يهمّ وزارة الاتصالات تحفيز النمو في القطاع الخاص، ولهذه الغاية أجرت عدة لقاءات مع ممثلين عن شركات الإنترنت، والجميع أبدى ترحيبه بهذه التدابير الجديدة التي سوف تتخذها الوزارة، إن كان على صعيد تخفيض الأسعار أو زيادة السرعة، ولا سيما أن تخفيض الأسعار سوف يؤدي إلى تخفيض الكلفة التي تتكبّدها من خلال أسعار السعة الدولية (E1)، التي هي في الأساس ملك الدولة وكانت تبيعها للشركات بقيمة 2700 دولارٍ، وقد أصبحت قيمتها اليوم 420 دولارا. وبالتالي فإن الشركات مضطرة إلى تخفيض أسعارها حفاظًا على زبائنها.
ولقد قامت الوزارة بزيادة السعة الدولية التي كانت 3Gbps وأصبحت اليوم 1300Gbps.
خدمة الانترنت السريع الجوال
• ماذا عن خدمة الـ3G التي أطلقتها وزارة الاتصالات؟
- خدمة الـ 3G خاصة بالإنترنت السريع الجوال (Mobile)، وسوف تطبّق عليها الشروط ذاتها التي تطبّق على الإنترنت السريع الثابت.
وختم أخيرًا بالقول: «يمكننا المجاهرة أن خفض تعرفة الإنترنت، هو محاولة لتحويل لبنان من مستهلك للتكنولوجيا إلى مصدّر لها. وإن إقبال لبنان على الاستثمار في قطاع الاتصالات والتكنولوجيا هو إحدى أهم الخطوات التي يجب العمل عليها، لما لها من تأثيرات في حلّ العديد من المعضلات الاقتصادية والاجتماعية للبنانيين.
وانا أرى أن هذه الشركات الصاعدة ستساهم في تطور البرمجيات والخدمات والقيمة المضافة، ليس فقط محليًا، بل أيضًا في الأسواق العالمية، إذ أن هذه الشركات ستخلق مئات فرص العمل للبنانيين المتميزين، مما سيسمح خلال فترة معينة بتقليص دورة الهجرة».
استثمارات جديدة في قطاع الإنترنت اللبناني
يبدو أن احتلال لبنان المرتبة الأخيرة بالنسبة إلى خدمة الإنترنت من بين 186بلدًا بحسب دراسة صادرة عن البنك الدولي في نيسان الفائت، شكلت حافزًا بالنسبة إلى القيّمين على هذا القطاع، بحيث بدأت ورشات العمل التكنولوجية، وأطلقت المشاريع التحفيزية للنهوض بالقطاع، وتقديم خدمات متطورة بأسعار تنافسية.
وفي هذا الإطار فقد قدمت ثلاث شركات لبنانية نماذج مشاريع تضاهي مشاريع وخدمات عالمية تقدم الى الجمهور، لا بل تتفوّق عليها من حيث الابتكار والتمايز، وهذه الشركات الثلاث هي التي قدّمت مشاريع وصلت قيمتها إلى مليون وخمسين ألف دولار أميركي. وهذه المشاريع هي ثمرة مجهود 3 من رجال الأعمال الشباب اللبنانيين، الذين عكسوا المقولة الاقتصادية الشهيرة للبنان، بأنه بلد مصدر للأدمغة ومستورد للسلع الاستهلاكية بدلاً من إنتاجها، فأثبتوا أن للبنانيين قدرة على إنتاج وابتكار وتصدير سلعٍ وخدمات تكنولوجية، بجودة عالية وسعر منافس. وهذا يعني أن الباب أصبح مشرّعًا أمام لبنان للخروج من عنق الزجاجة والتحليق في فضاء تكنولوجيا المعلومات...