- En
- Fr
- عربي
ذكراهم خالدة
بالورد والفل والغاردينيا وكل زهور الحب، شيّع لبنان شهداءه الأربعة الذين سقطوا في طرابلس عشية عيد الفطر.
أربعة من «حراس الطمأنينة والفرح» رحلوا عشية العيد، اشتروا بدمائهم حياة لآخرين، وقدّموا لوطنهم واجب الفداء. الموجع المفجع أنّهم ارتقوا إلى الشهادة في مواجهة إرهابي غادر، وفي مدينة قدّم العشرات من رفاقهم دماءهم الغالية لإعادة الأمن إليها، وتطهيرها من أوكار الإرهابيين.
شهيدان للجيش وشهيدان لقوى الأمن الداخلي شيّعتهما مؤسستاهما ولبنان. سارت مواكبهم في شوارع وطرقات أمطرت شرفاتها وردًا وأرزًا، وبلّل أهلها الأعلام التي تحتضن الجثامين بالدموع الحارقة.
عاد الإرهاب ليذكّرنا بأنّ الأمن الذي ننعم به ما زال عرضة لخروقاتٍ وتحديات تشهد مثلها دول كثيرة في المنطقة والعالم، وليذكّر من غاب عن بالهم أنّ هذا الأمن دفع ويدفع ثمنه خيرة شبابنا دمًا، وتدفع ثمنه عائلاتهم وجعًا لا تخفف من ثقله كلمات ولا تقوى عليه السنوات.
مساء 3 حزيران 2019، أقدم المدعو عبد الرحمن مبسوط على إطلاق النار باتجاه فرع مصرف لبنان في منطقة طرابلس ومركز تابع لقوى الأمن الداخلي في سراي طرابلس، بالإضافة إلى آليةٍ عسكرية تابعة للجيش اللبناني.
تمّت ملاحقة الإرهابي على الفور، وقامت وحدة خاصة من مديرية المخابرات بدهم المبنى السكني الذي دخل إليه، لتوقيفه. وقد اشتبكت هذه الوحدة معه، فأقدم على تفجير نفسه بواسطة حزام ناسف، فيما سقط شهيدان للجيش وشهيدان لقوى الأمن الداخلي.
أهالي طرابلس الذين كانوا يستعدون للاحتفال بالعيد وقعوا تحت وطأة صدمة مروّعة أثارت غضب اللبنانيين الذين عبّروا عن ألمهم وحزنهم على الشهداء الأربعة.
بعبدا: مواجهة الإرهاب مهمة متواصلة
خلال الساعات التي أعقبت العملية، عُقد في قصر بعبدا اجتماع أمني ترأسه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للبحث في الاعتداء الإرهابي الذي وقع في طرابلس، حضره كل من وزيرة الداخلية والبلديات ريا حفار الحسن، وزير الدفاع الوطني الياس بو صعب، قائد الجيش العماد جوزاف عون، المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، مدير المخابرات في الجيش العميد طوني منصور، ورئيس فرع المعلومات العميد خالد حمود.
قدّم رئيس الجمهورية تعازيه إلى عائلات العسكريين الشهداء، ثم اطلع من الحاضرين على تفاصيل الاعتداء الإرهابي، وأكد أنّ مواجهة الإرهاب مهمة متواصلة للقوى والأجهزة الأمنية والعسكرية، وتتطلب اليقظة والجهوزية الدائمة...
جولة الوزير بو صعب: الخطر موجود ولبنان يتّكل عليكم
تفقّد الوزير بو صعب منطقة الشمال العسكرية في القبة - طرابلس، حيث اجتمع بكبار الضباط كما جال في بعض المراكز العسكرية. وخلال اجتماعه بالضباط قال: «إنّ معظم الذين كانوا يقاتلون في سوريا هم من الإرهابيين المحتملين، والخطر موجود ولبنان يتّكل عليكم ولا نريد لمعنوياتكم أن تتأثر بما يجري في السياسة». وبعدما استمع إلى شرحٍ مفصل عن العملية التي نفّذها الإرهابي عبد الرحمن مبسوط، انتقل برفقة عدد من الضباط إلى مركز سرية النقيب الشهيد حسن فرحات مقدّمًا واجب التعزية.
بعدها زار وزير الدفاع الوطني يرافقه وفد من كبار الضباط قيادة فوج الحدود البرية الثاني في ثكنة الشهيد النقيب الياس الخوري في رأس بعلبك، وكان في استقباله قائد الفوج العقيد الركن نبيل عبداللـه وعدد من الضباط.
وبعد الاستماع إلى إيجاز قدمه قائد الفوج عن واقع الثكنة واحتياجاتها، وواقع الحدود والمعابر بين لبنان وسوريا والتحديات التي يواجهها الجيش هناك، قام بجولةٍ شملت بعض المعابر الحدودية في منطقتي القصر - الهرمل ومطربة.
... ويتفقّد الجريح الفلسطيني مراد
كذلك، عاد الوزير بو صعب في المستشفى الإسلامي - طرابلس الجريح الفلسطيني صابر مراد الذي أُصيب في أثناء محاولته إعاقة الإرهابي عبد الرحمن مبسوط.
... وجولة قائد الجيش: حسمتم الوضع بأقل ما يمكن من أضرار
سبقت جولة الوزير بو صعب جولة للعماد عون تفقّد خلالها الوحدات المنتشرة في منطقة طرابلس، والتقى الضباط والجنود في قيـادة لواء المشاة الـثاني عشر وفرع مخابرات المنطقة وقيادة فوج التدخل الأول، ونوّه بجهـودهم التي أدت إلى حسـم الوضـع بأقـل أضـرار ممكنـة من دون المسّ بالمدنيين رغم سقوط الشهداء العسكريين الأربعة.
وأشاد قائد الجيش بسرعة التدخل التي أدت إلى محاصرة الإرهابي الذي تحصّن في إحدى الشقق السكنية ما دفعه إلى تفجير نفسه، مشيرًا إلى أنّ «الضريبة كانت غالية لكنّها شرف لنا، فنحن نفتخر بشهدائنا ولن ننساهم أبدًا».
وشدّد العماد عون على أنّ الجيش سيبقى في جهوزية تامة لمواجهة أي خطر يتهدّد أمن لبنان وسلمه مهما بلغ حجم التضحيات، لأنّ رسالته هي الشرف والتضحية والوفاء.
مواساة أهالي الشهداء
كذلك، قدّم العماد قائد الجيش واجب العزاء إلى عائلة النقيب الشهيد حسن علي فرحات في بلدة برعشيت، وعائلة العريف في قوى الأمن الداخلي جوني ناجي خليل في بلدة العيشية. وزار عائلة المجنّد الشهيد إبراهيم صالح في رويسات الجديدة، في حين قام وفدٌ بتقديم واجب العزاء باسمه إلى عائلة العريف الشهيد في قوى الأمن الداخلي يوسف فرج، في بلدة حوش تل صفية - البقاع.
وعاد العماد عون الرقيب الجريح خالد الحروق الذي خضع للعلاج في مستشفى أوتيل ديو نتيجة إصابته خلال الأحداث في مدينة طرابلس.
... ورئيس الأركان يزور الجنوب معزيًا
زار رئيس الأركان اللواء الركن أمين العرم عائلة النقيب الشهيد حسن علي فرحات في بلدة برعشيت، وقدّم لذويه واجب العزاء، مثنيًا على شجاعة الشهيد وتفانيه في أداء واجبه العسكري.
تشييع النقيب فرحات
شيّعت قيادة الجيش وأهالي بلدة برعشيت في قضاء بنت جبيل النقيب الشهيد حسن علي فرحات، بموكبٍ حاشد انطلق من أمام المستشفى العسكري في منطقة بدارو- بيروت، بعدما تمّ تقليده أوسمة الحرب والجرحى والتقدير العسكري من الدرجة الفضية.
وشقّ الموكب طريقه بصعوبةٍ في قرى وبلدات الجنوب التي سلكها، فاستقبله أهاليها بالزغاريد ونثر الأرز والورود. فبين صور وبرج رحال وصريفا وصولًا إلى برج قلاويه استقبلت البلدات والقرى كلّها موكب النقيب الشهيد استقبال الأبطال. وفي برعشيت، مسقط رأسه، أدى له رفاق السلاح التحية الأخيرة، في حضور النائب أيوب حميد ممثلًا رئيس مجلس النواب نبيه برّي، ومفتي صور الشيخ مدرار حبال ممثلًا مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، والعميد عماد الحاج ممثلًا وزير الدفاع الوطني الياس بو صعب وقائد الجيش العماد جوزاف عون، وشخصيات سياسية وعسكرية وحزبية وفعاليات اجتماعية وحشود من أهالي برعشيت والقرى المجاورة.
وبعدما أُقيمت الصلاة على جثمان الشهيد فرحات، ألقى العميد الحاج كلمة نوّه فيها بمناقبية الشهيد وتضحياته، وممّا قاله: «لقد أكدت قيادة الجيش مرارًا وتكرارًا أن لا تهاون على الإطلاق مع الإرهابيين والعابثين بالأمن، سواء كانوا من المنتمين زورًا إلى هذا الوطن، أو كانوا من المرتزقة الغرباء الذين لا دين لهم ولا هوية إلّا القتل والإجرام واستباحة الحرمات. وفي حضرة شهيدنا الكبير، نُعرب اليوم عن اعتزازنا العميق بالوقفة المشرّفة للبنانيين جميعًا، وخصوصًا وقفة فعاليات هذه البلدة الأصيلة وأبنائها إلى جانب الجيش في التصدي للإرهاب، ونؤكد مجددًا أن لا تنازل عن أحكام قَسَمنا العسكري الذي يقضي بالذود عن وطننا لبنان، كل لبنان، مهما تطلّب ذلك من جهودٍ وتضحيات».
بعد ذلك، أدّت التحية العسكرية للشهيد ثلّة من رفاق الدرب والسلاح، ثمّ ووري بعد ذلك الثرى في جبانة بلدته.
... والمجنّد الممدّدة خدماته الشهيد صالح
في بلدة رويسات الجديدة - المتن، شيّعت القيادة والأهالي، في حضور حشد من المواطنين والعسكريين، المجنّد الشهيد إبراهيم صالح.
وبعد مراسم التكريم أمام المستشفى العسكري المركزي - بدارو، تمّ تقليد الشهيد أوسمة الحرب والجرحى والتقدير العسكري من الدرجة البرونزية، ثمّ أُقيمت الصلاة على جثمانه الطاهر.
وقد ألقى العميد مروان فاضل ممثلًا وزير الدفاع الوطني الياس بو صعب وقائد الجيش العماد جوزاف عون كلمة نوّه فيها بمناقبية الشهيد وتضحياته وممّا قاله: «إنّ المؤسسة العسكرية وهي تقدم التضحيات الغالية والمتواصلة دفاعًا عن لبنان، تضع نصب عينيها، قرار الاستمرار في مواجهة الإرهاب حتى النهاية، وتؤمن بأنّ النصر المحتّم على هذا الشرّ، آتٍ لا محالة، فلا تفريط بحرمة دماء الشهداء، ولا تهاون في الحفاظ على أمن المواطنين واستقرارهم. أمّا قوّتنا في ذلك كلّه، فهي قوّة الحق الذي نمتلك، حقنا في أرضنا وسيادتنا وكرامتنا، وحقنا في حماية شعبنا، في مواجهة طغمة من الغرباء الحاقدين العابثين».
بعدها ووري المجنّد الشهيد صالح الثرى في جبانة البلدة.
الجرح أصاب الوطن كله وطرابلس تقدم التعازي
لأنّ الجرح الذي أصابهم أصاب اللبنانيين عمومًا وأهالي طرابلس خصوصًا، لبّى أهالي الشهداء دعوة «حركة شباب لبنان المستقل»، فحملوا وجعهم وأتوا إلى قاعة مسجد السلام في المدينة ليتقبّلوا تعازي أهاليها.
توافد إلى القاعة عدد كبير من شخصيات المدينة السياسية والروحية والعسكرية والاجتماعية. وألقى مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعّار كلمة اعتبر فيها أنّ من حق اللبنانيين أن يفتخروا بجيشهم.
وإذ قال: «لا أحب أن أرى والد شهيد أحنى ظهره لأن الشهادة ترفع الرأس،» أكّد أنّ مكان الشهداء هو في الفردوس.
في سطور
• النقيب الشهيد فرحات:
- مـــن مـــــواليد 24/ 11/ 1990 في برعشيت - بنت جبيل، قضاء بنت جبيل.
- تطوّع في الجيش بصفة تلميذ ضابط اعتبارًا من 14 /10 /2008.
- رُقّي إلى رتبة ملازم اعتبارًا من 1/ 8 /2012، وتدرّج في الترقية حتى رتبة ملازم أول اعتبارًا من 1 /8/ 2015.
- استشهد بتاريخ 3 /6 /2019.
- حائز:
• وسام الحرب.
• وسام التقدير العسكري من الدرجة الفضية.
• تهنئة وزير الداخلية والبلديات.
• تنويه العماد قائد الجيش ست مرّات.
• تهنئة العماد قائد الجيش ست مرّات.
• تهنئة قائد قطعة ثلاث مرّات.
- تابع عدّة دورات دراسية في الداخل والخارج.
- متأهل من دون أولاد.
- رُقّي إلى رتبة أعلى بعد الاستشهاد، ومُنح أوسمة الحرب والجرحى والتقدير العسكري، وتنويه العماد قائد الجيش.
• المجند الشهيد إبراهيم محمد صالح:
- من مواليد 13 /8/ 1998 في جديدة - مرجعيون.
- مُددت خدماته بتاريخ 3/ 7/ 2017.
- استشهد بتاريخ 3/ 6/ 2019.
- حائز تنويه العماد قائد الجيش وتهنئته.
- عازب.
- رُقّي إلى رتبة أعلى بعد الاستشهاد، ومُنح أوسمة الحرب والجرحى والتقدير العسكري، وتنويه العماد قائد الجيش.