- En
- Fr
- عربي
كلمتي
ها هي تحلّق في سماء الوطن والوطنية. جناحان كبيران وصدر عامر، وزئير يقضّ مضاجع الضعف ويتحدّى الهوان.
على الشرفات نساء تلوّح بالأيدي، وفوق السطوح أطفال يحاولون التقاط الفضاء أملاً بالسموّ اليها، وتلمّس معدنها اللامع، واختبار هيبة الطبقات العليا من مجالنا الجوي، والجلوس الى جانب الملاحين بفخر واعتزاز.
إنها الـ«هوكر هنتر»، الحورية الجميلة التي نفضت عن كاهلها غبار السنين، وعادت محلّقة مغرّدة لاعبة راقصة في سماء لبنان، معلنة استعداد سلاحنا الجوي للعودة الى تحمّل مسؤولياته في حماية الأجواء، ورفض العلّة والداء، ومواجهة الفقر والحرمان، واستعادة سرب جوي كان في موضع الاحترام والإعجاب في المنطقة بأكملها، قبل أن تطلّ الفتنة بشرّها وإثمها، وتضطر الـ«هوكر هنتر» لأن تستريح أربعة عشر عاماً كاملة في أروقة قواعدنا الجوية، داوت جروحها آنذاك وهيّأت نفسها لانطلاقة قوية تتزامن مع نهضة الوطن، ومع عودته لتبوّء مركزه الحضاري بين الأمم. لقد هبّ «المربّون» القدامى، من طيارين وفنّيين، لإسعاف الـ«هوكر»، ومساعفتها، وصيانتها، فنجحوا، وها هي تردّ التحية لهم من الأعالي بأحسن منها، وأحلى.
إن إخلاص رجال الإعداد والصيانة وإعادة التأهيل في قواعدنا الجوية، وشجاعة طيّارينا وشوقهم الى التحليق فوق تلالنا وسهولنا، هي التي دفعت بالـ«هوكر هنتر» الى التبختر في الأعالي.
ونسور الجو في مؤسستنا العسكرية، الذين لم يتوانوا عن الاستبسال في الدفاع عن أرض بلادهم براً في غياب طائرتهم، لن يتوانوا عن مواصلة الدفاع عنها فيما لو تخطّى جيشنا العقبات المادية، فاستكمل عتاده وأتمّ تدريباته. والكل يعرف ما أشد الحاجة الى استكمال منظومتنا العسكرية الدفاعية، خصوصاً في ظل تنامي الأخطار التي تتهدد أمن مجتمعنا، وفي ظل التطور الصناعي الهائل الذي أجّج التسابق الى التسلّح في العالم بأسره، وقد نال عدوّانا، إسرائيل والإرهاب، حصتهما من هذا التطور، فواجهانا به، وواجهناهما، وكان سلاحنا استبسال جنودنا وإرادتهم ووفاؤهم للقسم، ودفاعهم عن بلاد الأرز بلحمهم الحي.
والآن، والى أن يمنّ الله على سلاحنا الجوي بما يحتاجه من عتاد، ندعو الـ«هوكر» الى أن تخفّف من عتبها، والى أن تحلّق مع النسور قوية شامخة، ونقول لها: اسحبي النوم من عيون الكسالى يا طائرتنا الحلوة. إننا واقفون انتظاراً لك، وانتصاراً للكرامة فيكِ، والعافية!