خدمات طبية

دخلت جراحة العظم والمفاصل في المستشفى العسكري المركزي مرحلة جديدة من التطوّر، لاسيّما على صعيد الجراحة بالتنظير التي باتت تشكّل نسبة كبيرة من مجمل جراحات العظم، وذلك بفضل استخدام أحدث المعدات والتقنيات في لبنان والشرق الأوسط. لمعرفة المزيد عن هذه التقنيات، كان لـ«الجيش» لقاء مع رئيس فرع جراحة العظم والمفاصل في المستشفى العسكري المركزي، العقيد الطبيب واتشي كورتيان.

نظرة عامة
أكثر من ألفي عملية جراحية تجرى سنويًا في فرع جراحة العظم والمفاصل في المستشفى العسكري المركزي، يقول العقيد كورتيان، أي ما يعادل 30% تقريبًا من مجمل العمليات الجراحية في المستشفى؛ وحوالى 400 منها تجرى بالتنظير، ممّا يتطلّب جهوزية عالية في العديد والعتاد. ويستطيع الفرع استقبال 14 مريضًا في اليوم، بالإضافة إلى المرضى الذين يستقبلهم قسم الجراحة ليوم واحد. يؤمّن العمل في الفرع طاقم طبيّ يتألّف من 3 ضباط جراحة عظم و12 طبيبًا مدنيًا متعاقدًا، بالإضافة إلى 4 أطباء متمرّسين يأتون دوريًا من الجامعة اللبنانية وجامعتي البلمند والروح القدس – الكسليك، إلى عددٍ من الممرضين والممرضات العسكريين والمدنيين المتعاقدين.

منظار جديد: الأكثر حداثة
قبل أيار الماضي، كان الفرع يستخدم منظارًا واحدًا بتقنية الـFull HD لإجراء جميع العمليات التي تتمّ بالتنظير، لكنّه اليوم بات مجهّزًا بالمنظار الأكثر حداثة، والأول من نوعه في مستشفيات لبنان بتقنية الـ4K Ultra HD.
يتميّز هذا المنظار بتقديمه صورة، هي أوضح، وأنقى وأدقّ بأربع مرّات من تلك التي نحصل عليها باستخدام الـFull HD. كذلك يتيح هذا المنظار تسجيل مجريات العملية الجراحية بالصوت والصورة الحية وإرسالها لاحقًا إلى المريض عبر البريد الإلكتروني، أو استخدامها لإلقاء محاضرة... كما يمكن للجرّاح من خلال هذه التقنية التواصل مع أطباء آخرين أو طلاب أثناء إجرائه الجراحة بطريقة الـLive streaming.
أمّا الفوائد التي تتحقّق باستخدام منظار الـ4K Ultra HD، فهي، أوّلاً الدقّة في العمل الجراحي الذي تسهله الرؤية الواضحة للحالة المرضية، وثانيًا، إنجاز العملية بوقتٍ أقلّ، وبالتالي يمكن للجرّاح نفسه القيام بأكثر من جراحة في اليوم الواحد.

عمليات تنظير العظم
تجرى جراحة العظم بواسطة المنظار بشكل عام عبر ثقوب صغيرة، على عكس الجراحات العادية الشائعة، حيث يُدخل الجرّاح عدسة إلى حجرة المفصل عن طريق ثقب لا يتجاوز طوله بضعة مليمترات، ثم يُدخل الأدوات الجراحية الدقيقة لعلاج الحالة المرضية عن طريق ثقب آخر بالطول نفسه تقريبًا. هذه التقنية توفّر على المريض أوجاعًا كثيرة، وتتيح له العودة لممارسة نشاطه بسرعة. ومن الأمراض التي تعالج بالتنظير والتي يعدّ فرع العظم والمفاصل في المستشفى العسكري المركزي الأول في لبنان في تنفيذها:
- أمراض الكتف الشائعة: كالخلع المتكرر والتمزّق في الأربطة؛ حيث يتمكّن الجرّاح من تثبيت المفصل بواسطة براغٍ خاصة دقيقة.
- أمراض الركبة: كالتمزّق الغضروفي وتمزّق الرباط الصليبي؛ وهنا أشار العقيد الطبيب كورتيان إلى أنّ عددًا قليلًا من المستشفيات في لبنان، منها المستشفى العسكري المركزي، يملك المعدات والتجهيزات اللازمة لترميم الغضروف، بتقنية التقطيب بدلًا من استئصاله بالكامل، وهي تقنية مكلفة لا تغطيها أي مؤسسة ضامنة.
- أمراض الورك: كترميم الغضروف وتحرير التكلس.
- أمراض الكاحل: كتنظيف التكلس والالتهابات، واستئصال عظام مفتتة قابعة في غير مكانها الطبيعي Foreign bodies تحدث إزعاجًا للمريض.

الجراحات التقليدية في الفرع
إلى تميّزه في مجال تنظير العظم، يجري فرع العظم والمفاصل في المستشفى العسكري المركزي العمليات الجراحية التقليدية بكفاءة عالية، ومنها: عمليات الديسك في الظهر وتثبيت الفقرات، الكسور على أنواعها، الإصابات الناتجة عن ممارسة الرياضة، زرع مفصل اصطناعي في الركبة والورك والكوع والكاحل، علمًا أنّه الأول والسبّاق في إجراء عمليات زرع المفصل الاصطناعي في الكتف، وذلك عبر استخدام أحدث الوسائل والتقنيات.
يذكر في هذا السياق أنّ الدكتور كورتيان أجرى جراحة هي الأولى من نوعها في لبنان، إذ قام بزرع مفصل اصطناعي في كتف امرأة في الخمسينيات من عمرها من دون الدخول إلى قلب العظم، ممّا يساهم في الحفاظ على سلامته ليتحمّل إعادة الجراحة حين تدعو الحاجة (بعد 15 عامًا تقريبًا). أمّا العمليات الجراحية التي تحوّل إلى المستشفيات الخاصة، فهي تلك التي ترتبط بجراحة الأعصاب، وذلك لعدم وجود فرع خاص بهذه الجراحة في المستشفى العسكري المركزي، بالإضافة إلى تلك المتعلّقة بمشاكل العظم والمفاصل لدى الأطفال ما دون الـ15 سنة، والتي تحتاج إلى معدّات وتجهيزات خاصة غير متوافرة في المستشفى.

تقنية العلاج بالبلازما الغنية بالصفائح الدموية
تقنية العلاج بالبلازما الغنية بالصفائح الدموية Platelet Rich Plasma أو P.R.P. هي تقنية حديثة تُستخدم في فرع العظم والمفاصل في المستشفى العسكري المركزي في علاج العديد من الحالات المرضية، كبداية التكلس في أحد المفاصل أو الالتهاب أو التمزق الجزئي في الأوتار. وهي تقوم على فصل عيّنة من دم المريض ثم تثفيل هذه العيّنة للحصول على بلازما دموية غنية بالصفائح الدموية، وحقنها في الأماكن التي تحتاج إلى معالجة (ثلاث جرعات)، بحيث تحفّز التئام الأنسجة والعظام.
هذه التقنية آمنة تمامًا وليس لها أي أثار جانبية على الإطلاق على المدى الطويل، لأنها تعتمد على حقن مواد مصدرها جسم المريض، وبالتالي لا يوجد أي مخاوف من رفض الجسم للمادة المحقونة أو من انتقال أي عدوى جرثومية. كما أنّها تؤدي إلى تحسن كبير لدى المريض لمدّة تقارب السنة، ما يمكن أن يغني عن العلاجات الأخرى بالأدوية أو الجراحة.