- En
- Fr
- عربي
قوّة الرحيل
يكاد الراحل الكبير, الرئيس حافظ الأسد, يكون الشخصيّة الوحيدة, في العقود الثلاثة الماضية التي أجمع مؤيدوها ومحبّوها ومخاصموها ومعادوها على احترامها وتقديرها.
لقد قيل الكثير في حافظ الأسد وبات الحديث عمّا قيل فيه أكثر مما هو معهود. هذا الرجل الستراتيجي الفذّ الذي عرف كيف يُخرج سوريا من دائرة عدم الاستقرار والنزاعات الداخلية وغياب التنمية وغياب المواجهة الحقيقية للعدو الإسرائيلي, إلى دائرة الاستقرار والثبات والبناء والإعمار والتنمية الشاملة والمواجهة العنيدة الصلبة للعدو, بحيث باتت سوريا في عهده قلعة الصمود العربي وحصن الكرامة للعرب جميعاً.
كان الكتّاب السياسيون يتحدّثون عن الصراع على سوريا في مرحلة عدم استقرار, أما اليوم فإنهم يتحدّثون عن الصراع مع سوريا التي باتت رقماً صعباً في المعادلة الإقليمية والدولية رفع من شأنه حافظ الأسد. هذا الرقم الصعب تعرّض لمؤامرات شتى ومن جهات مختلفة, لكنه كان أقوى وصمد, وكان كلّما يواجه مؤامرة يقوى أكثر ويُقوّي دور سوريا أكثر فأكثر. وسمعنا معادلات تقول لا سلام من دون سوريا وتنويهات تقول ان سوريا هي بارومتر الشرق الأوسط.
الراحل الكبير كان نادراً ما يخرج ليلتقي الزعماء الكبار, كانوا يأتونه إلى دمشق أو يلاقونه إلى جنيف. كان في المؤتمرات محطّ الأنظار والأسماع, الجميع ينتظر ماذا ستقول سوريا الأسد قبل أن يدلي أحد برأيه.
أما وقد رحل الكبير فإنه أذهل العالم بقوة رحيله وبرسوخ المؤسسات التي أرساها في حياته. كانت سوريا توّدعه وكأنما هو حاضر حي في الوداع, وكانت السلطة تُنقل إلى الأمل الدكتور بشار الأسد بقوة استمرار قلّما عهدناها في عالمنا العربي.
كان قوّة في حياته وقوياً في رحيله وأقوى في استمراره.