- En
- Fr
- عربي
العوافي يا وطن
تستمر الأزمات على ساحة الوطن، خلافات سياسية تترجم أمنيًا في طرابلس وسواها من مناطق لبنان. تداعيات تأتي من الجوار وربما من الخارج الأبعد لتحجز لها مكانًا على ساحة أمنية هشّة، كلف حفظ الاستقرار فيها الكثير من دماء الشهداء.
بين حوادث طرابلس ومحاولات تمدد الفتنة إلى صيدا، والصواريخ على الشيّاح، والجريمة الثانية على تخوم عرسال بحق الجيش، تبدو الأيادي الغادرة مصممة على زرع البذار الفاسد.
تستمر الأزمات من دون مخارج، ويستمر الجدل العقيم من دون أي أفق لحلّ ما يعيد ربط شياطين الفتنة والخراب. ويستمر اللعب على حافة الهاوية. وفي خضم كل ذلك تستمر المؤسسة العسكرية في أداء الواجب المقدس من دون ضجيج. يقف العسكريون بين نيران المتقاتلين، وبالدم النقي يحاولون غسل الخطايا والجرائم وضبط الأوضاع.
تعض المؤسسة على جراحها الكثيرة وتصوب جهودها باتجاه حماية الوطن وحفظ أمنه واستقراره، يسقط الشهداء في الساحات والزواريب التي ما كان يفترض أن يكونوا فيها أصلاً، لو كان الغطاء عن القتلة والمجرمين الإرهابيين مرفوعًا حقًا. شهيدان في طرابلس وعشرات الجرحى، سقطوا وسط نيران المتقاتلين. ثلاثة شهداء في عرسال بأيدٍ غادرة تشبه تلك التي امتدت إلى الجيش وما زالت الجراح التي خلفتها طرية، في عرسال قبل أشهر، وفي نهر البارد قبل سنوات وفي البحصاص والضنّية وسواهما.
ثمة الكثير من الكلام الآن، ثمّة الكثير من الجعجعة لكن من غير طحين. يحمل رفاق السلاح رفاقهم إلى المثوى الأخير، ويعودون إلى مراكزهم وثكناتهم، بينما يعود المحرضون إلى تحريضهم، ومحترفو التصريحات إلى تصريحاتهم.
في النتيجة ثمّة ثمن يجب أن يدفع لحماية الأوطان، الثمن يدفعه الشهداء دمًا، وهم لم يتأخروا يومًا، ولن يتأخروا، لا يد الغدر تؤثر في عزيمتهم ولا ثقل المسؤولية يقلل من اندفاعهم. هم منذورون لهذا الوطن، وهم اختاروا أن يكونوا حماته وحصنه. هذا ما كانوه وما سوف يكونونه، وسوف نظلّ نقول لكلّ منهم «العوافي يا وطن» أما ألسنة التحريض فلا بد أن تخرس وأيدي الغدر لا بد أن تقطع، كي لا تذهب نقطة دمٍ طاهرة هدرًا.