- En
- Fr
- عربي
تحقيق عسكري
المشبّه التكتي "جانوس"
خطوة نوعية في التدريب
إله روماني ذو رأسين، مهمته حراسة مداخل روما من الاعداء المتربصين او المتسللين، يمكنه في الوقت عينه النظر في اتجاهين متضادين.
ومن هذا الإله الحارس اشتق المشبّه التكتي اسمه "جانوس" (Janus) ومنه استوحى شعاره: "من اراد السلم فليستعد للحرب" (Si vis pacem para bellum).
المشبّه التكتي جانوس هو "لعبة حرب" متخصصة، تعتمد على المعلومات والخبرات التكتية واللوجستية وقد اصبحت جزءاً من البيانة التنظيمية لكلية القيادة والاركان حيث انها مادة في المنهاج التدريبي لدورات الاركان. ومشروع انشاء "جانوس" يأتي في إطار برتوكول التعاون بين لبنان وفرنسا الذي وقّعه كل من سفير فرنسا في لبنان برنار ايميه ووزير الدفاع الوطني الياس المر في حزيران الفائت.
"الجيش" زارت كلية القيادة والاركان فالتقت القيمين على المشروع، وعادت بهذا التحقيق الذي يضيء على خطوة تمثل نقلة نوعية في مسيرة الجيش اللبناني.
مراحل الإنشاء
العميد الركن جورج يعقوب مساعد قائد كلية القيادة والاركان ورئيس لجنة المتابعة لإدارة المشبّه التكتي "جانوس" حدّثنا عن المراحل التي مرّ بها المشروع حتى أبصر النور، قال:
في البداية تم إنشاء لجنة للمتابعة من الجانب اللبناني وقد ضمت الى الرئيس 4 اعضاء دائمين و4 آخرين. الاعضاء الدائمون هم: العقيد جهاد المصري من مديرية المخابرات، العقيد الركن بشار الحلو من اركان الجيش للتجهيز، العقيد الركن مارون حتي من مديرية التعليم، والعقيد الركن ابراهيم حرفوش رئيس مشروع جانوس.
قضت مهمة اللجنة بمتابعة مراحل تركيب المشبّه التكتي في المبنى الجديد لكلية القيادة والاركان. وفي هذا الاطار اتصلت بمسؤولي القيادة كافة في اركان الجيش للتجهيز ومديريات العديد التعليم الافراد الإدارة الشؤون الجغرافية التأليل.
في ما يخص العديد، تمّ تشكيل ضابطين الى الكلية لصالح المشروع الى تشكيل عدد محدد من العسكريين الكفوئين ذوي الخبرة في العمل على اجهزة الكومبيوتر؛ وفي الكلية خضعوا لدورة تدريبية لمدة شهرين شملت اللغة الفرنسية، المعلوماتية، التكتية، وقراءة الخرائط. واضافة الى العناصر التي تم تشكيلها أذن للجنة بتطويع عناصر من خارج المؤسسة.
بروتوكول لبناني فرنسي
بموجب البروتوكول، اي اتفاق الشراكة بين وزارة الخارجية الفرنسية ووزارة الدفاع الوطني اللبنانية، اوضح العميد الركن يعقوب، أن الفرنسيين رصدوا مبلغ 185 الف دولار اميركي لإقامة هذا المشروع في لبنان لصالح وزارة الدفاع.
والبروتوكول الذي وقّعه كل من السفير الفرنسي برنار إمييه ووزير الدفاع الياس المرّ في 15 حزيران 2005 يتضمن شروط واحكام مشروع إنشاء مجموعة مشبه تكتي باستخدام لعبة الحرب البرّية اJanus-Franceب الذي يتضمن 20 منصة تحكم، واستثماره بصورة مستقلة لاحقاً. ويهدف هذا التعاون الى مساعدة الجيش اللبناني في مرحلة إنشاء وترويض مركز المشبهات بحيث يصبح عند انتهاء هذا الاتفاق قادراً على تأمين العمل العادي لهذا المركز بشكل مستقل.
في موازاة ذلك وبالتنسيق مع اركان الجيش للتخطيط، صدرت الهيكلية الجديدة المعدّلة لكلية القيادة والاركان والتي تضمّنت قسماً جديداً هو "قسم المشبه التكتي جانوس" والذي يضمّ الضباط المشكّلين اليه اضافة الى رئيس القسم.
وبما ان الخرائط التي تتجانس مع البرنامج هي تلك المعروفة بإسقاط "UTM" (مركاتور)، فقد جهز المركز بالعدد الكافي من هذه الخرائط، وثمة مشروع مستقبلي يقضي بتحديث ووضع خرائط من هذا الإسقاط بالتعاون مع مديرية الشؤون الجغرافية.
يتطلب المشروع مبنى بمواصفات خاصة مجهزاً بأحدث وسائل الاتصال والشبكات والأنظمة الصوتية والصوَرية، لذلك تمّ التنسيق مع المديرية العامة للادارة ومع مهندس مشروع بناء مبنى كلية القيادة والاركان الجديد، ليصبح المركز الخاص بالمشبه داخل مبنى الكلية الجديد جاهزاً.
وقد خصصت الاعتمادات اللازمة ووضعت دفاتر الشروط الخاصة لتحقيق التجهيزات، وهذه الاخيرة تتضمن: عتاد التأليل، مشبه الاتصالات الراديوية، نظام التوقيت، شبكة الهاتف، شبكة الصوت والصورة، شبكة النداء، والمفروشات المكتبية.
فريق العمل يحارب على الشاشة
يتألف فريق عمل مشروع جانوس حالياً من رئيس قسم المشبه التكتي العقيد الركن ابراهيم حرفوش، ومساعد رئيس القسم المقدم الفرنسي ستيفان فوغلسينجر، والمدير الفني ورئيس فرع التمارين التكتية المقدم الركن جورج الحايك، ومهندس المعلوماتية الملازم الاول عمر الايوبي، وعدد من عاملي الشاشة (opérateur) الاختصاصيين.
العقيد الركن ابراهيم حرفوش القى الضوء على هذا المشروع القيّم فقال:
"جانوس" مشروع كامل ومتكامل من النواحي كافة، فهو لعبة حرب لتدريب القيادات يتم خلالها الاستخدام التكتي للرعائل الصغرى بواسطة عامل الشاشة (opérateur) وهو يختلف بذلك عن النماذج النصف اوتوماتية التي تستخدم فيها الرعائل الصغرى تكتياً من قبل الحاسوب (forces semi-automates).
كما يختلف عن النماذج البرامجية الكاملة التي يتم فيها الاستخدام التكتي على مختلف المستويات من قبل الحاسوب بدون اي تدخل من قبل الانسان.
ويمكن لنظام جانوس بنماذجه المحسنة والمطورة تمثيل الحرب من خلال معركة اللفيف وذلك في محيط ثلاثي الابعاد، مع الدعم الدفعي والهندسي (إعاقة حركية والقيود اللوجستية. وتجري المعركة على مختلف انواع الاراضي) جبال، سهول، وديان مع الاخذ بعين الاعتبار الاحوال الجوية المختلفة وامكانية ادخال عوامل التهديدات الكيميائية والجرثومية والنووية.
يقوم بتشغيل النظام عناصر (opérateurs) يمكن ان يصل عدد تمثيلهم الى ستة معسكرات مع امكانية الاصابة بالنيران الصديقة اثناء المعركة.
ولا تترابط المعسكرات الممثلة بالعناصر مع بعضها، فكل معسكر يكون قائماً بذاته، ومطلعاً فقط على الوضع المتعلق به وبقواته وبتحركاته وعلى ما يزوده به استطلاعه عن المعسكرات الاخرى.
يسمح نظام جانوس بتمثيل قتال وحدات المشاة والمدرعات مع أسلحة الدعم حتى مستوى لواء. ويجري تمثيل الرمايات المباشرة وغير المباشرة من الدعم المدفعي.
اتخاذ القرارات في اوضاع قتالية متغيرة
حول دور نظام جانوس في التدريب قال:
إن مهمة مشروع جانوس، اولاً تدريب اركان الوحدات الكبرى والضباط المتدرجين في كلية القيادة والاركان من دورات اركان وقائد كتيبة على اجراء تمارين ملاك تكتية ذات اوضاع قتالية متغيرة، والتمرّس على تقدير الموقف في ظل ظروف قتالية ضاغطة وواقعية، مع الاخذ بعين الاعتبار التطبيق العملي للنظريات والمعارف التكتية ولتقنيات الاركان، والتدريب على اتخاذ القرارات واعطاء القرارات والاوامر المناسبة في المكان والزمان تباعاً للوحدات المرؤوسة.
اما الأعمال التي يمكن للمشبه التكتي جانوس تمثيلها، فهي التحركات العسكرية للجيوش والآليات على الارض، والتحركات الجوية، والرمايات المباشرة وغير المباشرة للآليات المختلفة التي يتم اختيارها. كذلك يقوم برنامج جانوس بتمثيل الرصد النظري والراداري للتحركات على ارض المعركة وفي اجوائها، وبمحاكاة الاعمال اللوجستية التي تعتبر اساسية خلال المعركة من تموين وامداد وتعهد واخلاء، بحيث لا تترك اثناء التدريب اية ناحية من نواحي العمل العسكري الحقيقي.
ويتم تنفيذ الاعمال الحربية بشكل متسلسل وفقاً لتطورات المعركة، كما في الحرب الحقيقية. وتخضع نتائج الاعمال المنفّذة لقوانين الاحتمالات.
ويمكن لنظام جانوس ان يحلل النتائج الكاملة للمعركة بعد انتهائها عبر اعادة تمثيل مجريات التمرين بكامله او مقاطع محددة منه، وتسجيل تفاصيل ومجريات لعبة الحرب. كذلك يمكن تحليل ودراسة المعطيات العائدة للمعركة في المكان والزمان ومشاهدتها وفق ما يتطلبه الوضع القائم، مع اعطاء النتائج الحسابية النسبية للنجاحات المحققة او الخسائر اللاحقة بالوحدات. ويمكن من خلال هذا النظام حفظ المعطيات الاولية التي تمّ ادخالهاوتحليل المعطيات على اختلافها.
روابط وتعهدات
المقدم الفرنسي ستيفان فوغلسينجر تحدث بدوره عن المشروع وقال انه يهدف الى تقوية الروابط بين الجيشين الفرنسي واللبناني، واوضح انه سوف يتم إيفاد خبراء فرنسيين لتدريب الفريق في لبنان. كما ان فرنسا تتعهد بتقديم نسخ جانوس الجديدة المطبّقة في المراكز الفرنسية، علماً إن البلدين العربيين الوحيدين اللذين حصلا على المشروع قبل لبنان هما تونس والمغرب.
وأوضح المقدم الركن جورج الحايك رئيس الفرع التقني في المشروع ومديره الفني ورئيس فرع التمارين فيه، انه بإدخال المعطيات الاولية قبل بدء اللعبة، ووضع الشارات الاصطلاحية والخرائط وتحديد نوعية الارض التي ستحصل عليها المعركة داخل الشبكة مع ادخال السيناريو (هجوم، دفاع...)، ورسم النسائخ على جهاز الكومبيوتر، والتأكد من المعلومات الموجودة على البطاقات الرقمية، وعند تجهيز كل ذلك يتم اطلاق اللعبة.
واخيراً التقينا الملازم الاول عمر الايوبي (مهندس معلوماتية) المسؤول التقني عن العتاد ومهمته الإشراف على عمل برامج التأليل وتدريب العسكريين الذين يعملون على الشاشة، كما انه مسؤول عن صيانة العتاد التقني وحسن سير عمله.
ان مشروع جانوس هو خطوة عملاقة نحو تدريب كادرات متخصصة في الجيش وهو نقلة نوعية باتجاه جيش متطور.
تصوير: فادي البيطار