- En
- Fr
- عربي
عبارة
يشغل اللواء فؤاد شهاب موقعًا بارزًا في تاريخ وطننا وجيشنا، بل يمكن القول أنه بلغ على الصعيد الوطني، كما على الصعيد العسكري، مكانة قلّما يتوصّل إليها قائد أو رئيس. فهو الأب المؤسس للجيش الذي قُدّر له أن يكون عمودًا فقريًا للوطن وحاميًا لاستقراره وداعمًا لإنمائه وتطوّره. وهو القائد الذي جعل المناقبية والولاء المطلق للوطن في صلب التنشئة العسكرية، محافظًا على وحدة المؤسسة وتاليًا وحدة لبنان في مراحل حرجة مرّت بها البلاد. وكان إلى جانب عدد من رفاقه الضباط، من الموقّعين على الوثيقة التاريخية في تموز من العام 1941، التي تعهدوا فيها بعدم تنفيذ أية أوامر سوى أوامر الحكومة الوطنية اللبنانية، وتلا ذلك الفترة التي شهدت اعتقال رجالات الاستقلال، ثم نيل لبنان استقلاله في العام 1943.
ولدى تسلّمه قيادة الجيش في العام 1945، كان العسكريون يفتقرون إلى التدريب والتجهيز والسلاح، وبكل صبر وأناة، وبموارد وإمكانات محدودة، تمكّن من بناء وحداته، حتى أصبح للبنان جيش متنوع التخصصات والقدرات والأسلحة، من مشاة ومدرعات ومدفعية إلى أسلحة الدعم والبحرية والطيران؛ كذلك أنشأ عدة مراكز للتدريب، وعمل على توفير الخدمات الاجتماعية والصحية للعسكريين في مختلف المناطق اللبنانية.
هذا الجيش الطري العود، الصغير بحجمه والكبير بمعنوياته، هو الذي حقق انتصارًا على العدو الإسرائيلي باحتلاله قرية المالكية في الجليل الفلسطيني، في أول معمودية قتالية وطنية للدولة اللبنانية المستقلة. وكما بنى الجيش على أسس وطنية سليمة، فإنّه شرع ببناء دولة المؤسسات حين تبوّأ رئاسة الجمهورية في العام 1958، وبادر إلى تحديث الإدارة اللبنانية، وأنشأ المصرف المركزي ومجلس الخدمة المدنية وديوان المحاسبة ومجلسي التأديب والتفتيش، وأصدر مجموعة مراسيم تنظّم مؤسسات الدولة وتنسّق عملها وتحدّد بنيتها وصلاحياتها، وترسي الشفافية والرقابة على جميع الإدارات والموظفين.
إذا كانت الأمم تحيا بتكريم رجالها العظام، فإنّ متحف اللواء فؤاد شهاب في جونيه هو تكريم لإرث وطني وعسكري غني ومشرّف، لتظلّ ذكراه حاضرة في نفوس أبناء بلدنا، تحثّهم على استنهاض الهمم وتحدّي الصعوبات، والتمسّك بالوحدة الوطنية وإعلاء مبادئ الصدق والعدالة والمساواة التي تكبر بها الأوطان، ويُصان بها التراث الروحي والخُلُقي جيلًا بعد جيل.