- En
- Fr
- عربي
تاريخ عسكري
«افندينا السر عسكر وصحبه»...
الجهاز العسكري العثماني
تمركز الجيش العثماني في قلعة طرابلس الشام التي اتخذ منها مقرًا له، ونظرًا إلى قلة المصادر والمراجع، التي تحدثت عن الجهاز العسكري في مدينة طرابلس الشام، وعلى وجه التحديد، في الفترة بين 1840و1914، اعتبرت سجلات المحكمة الشرعية مصدرًا للمعلومات الممتدة المتعلقة بهذا الموضوع. وتدل وثائق هذه المحكمة على رتب الأركان العسكرية واختصاصاتهم وأنواع الأسلحة المستخدمة في حروبهم. كما ترسم صورة واضحة عن التحركات التي قام بها العسكريون في بلاد الشام، حيث ترأس السر عسكر قيادة الجيش في لواء طرابلس الشام ومثل أمام القاضي الشرعي لتسجيل العقود العقارية.
وقد تمتع السر عسكر بمركز اجتماعي مرموق، وبدا ذلك من خلال عبارات المدح والتفخيم التي أحاطت باسمه: «سعادة أفندينا المعظم السر عسكر»، فهو كان يحقق في الجرائم الجنائية قبل إحالتها على المفتي كما يرد في إحدى الوثائق: «..المعروض على جنابكم الكريم دام لكم التكريم هو انه حسب الأمر الشريف الصادر من سعادة أفندينا المعظم السر عسكر دام ما دام العالم بإحالة دعوى الحاج محمد المغربي بسماعها أمامنا...».
ودلت الوثائق على رتب قادة الفرق في لواء طرابلس وتوابعها، نذكر منهم: «طبجي باشي قلعة طرابلس الشام»، «يوزباشي»، «بيكباشي الارطه المذكورة»، «مير الاي». واستخدمت عبارة «سابق» للدلالة على الجندي الذي أحيل على التقاعد: «يوزباشي سابق»، «آغا مهتار باشى سابقًا دزدار جزيرة ارواد».
وقد عيّن العثمانيون العسكريين المتخصصين بشؤون المدافع في قلعة طرابلس في القرن التاسع عشر، ويوجد في الوثائق، الكثير عن هذه القلعة، التي احتشد فيها العديد من هؤلاء العسكريين، وقد استمرت الدولة العثمانية بتوظيفهم لمدة طويلة، حيث حرر العثمانيون تقريرًا العام 1262هـ، يحتم توظيف 37 عنصرًا مختصًا بشؤون المدفعية في القلعة.
لقد اهتم العثمانيون بقلعة طرابلس اهتمامًا كبيرًا، فأحصوا محتوياتها، بعد انسحاب الجيوش المصرية من طرابلس بأسابيع قليلة، وأوكلوا إلى فريق من الموظفين أمر الكشف عن الذخائر والأسلحة المتبقية فيها، وذلك في «رابع رمضان المبارك سنة ست وخمسين ومايتين والف». وكلّف بهذه المهمة، رئيس المجلس الذي عيّنته الدولة للقيام بها، يرافقه كاتب شرعي وكاتب الخزينة. وقد كشفت لنا احدى الوثائق وجود مخزني أسلحة في القلعة: الأول للجيوش المصرية والثاني للجيوش العثمانية، بالإضافة إلى بعض المعدات الأجنبية، حيث وصل عدد هذه الذخائر، وفق ما ورد في الوثيقة، إلى 696 من بينها: «مدافع، كلل متنوعة كثيرة من غير عدد بعيار المدافع، صناديق خرطوش خوابٍ إفرنجية فارغة لأجل عبوة الزيت.
ومن الواضح أن هذه القلعة كانت مركزًا عسكريًا مهمًا للجيوش الغازية لبلاد الشام، وفق ما بدا لنا جليًا من خلال الوثائق التي اطلعنا عليها.