- En
- Fr
- عربي
مؤتمر
بعد تحديد نهاية أيلول المقبل موعدًا مرتقبًا لبدء أعمال الحفر في البلوك رقم ٩، وفي خضم الأزمات التي ما زالت تلقي بثقلها على كاهل اللبنانيين، كان لا بد من فسحة أمل تُشعر المواطن أنّ الرحلة نحو «الفرج» مستمرة! لا بل كان من الضروري أن يلمس خطوات فاعلة تجعله يصدّق أن هذا الأمر واقع، وأن التحضيرات للمرحلة المقبلة تجري بجدية، لما لذلك من انعكاسات على مستقبله الاقتصادي.
وها هو الجيش اللبناني يبثّ نفحة الأمل هذه من خلال إقامة مؤتمر أمن الحدود والمنشآت الحيوية، الذي نظّمه مركز البحوث والدراسات الاستراتيجية في الجيش برعاية قائد الجيش العماد جوزاف عون وبالتعاون مع شركة «سيغما». عُقد المؤتمر على مدى يومَين في فندق المتروبوليتان – سن الفيل.
شكّل هذا الحدث مناسبة جمعت كل المعنيين، بشكلٍ مباشر أو غير مباشر، في تأمين سلامة منشآت النفط والغاز وأمنها في البحر، من شركات نفطية وخبراء دوليين إلى الجهات اللبنانية المعنية بالتنقيب عن النفط والغاز، وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان «اليونيفيل» وضباط من الوحدة البحرية وشركات أمنية. وكان المؤتمر منصة أوضحت من خلالها الدولة اللبنانية، ممثّلة بالمؤسسة العسكرية، معطياتها وجاهزيتها أمنيًّا أمام هذا الاستحقاق، في ظل محدودية القدرات وسعي الجيش إلى تطوير مهاراته وعتاده ليشكّل عامل دعم لنجاح هذه الرحلة.
الباب إلى البلوكات الأخرى
إن نجاح الخطوة الأولى في عملية التنقيب في المياه اللبنانية (البلوك رقم ٩) سيفتح الباب واسعًا أمام البلوكات الأخرى التي يبلغ عددها ١٠ ممتدة قبالة الساحل اللبناني، وسيكون محفزًا للشركات الدولية لتستثمر في ثرواتنا. من هنا أهمية ضمان أمان هذه العملية والتأكد من الجهوزية التامة لمرافقة مختلف مراحلها، وبالتالي الدور الأساس الذي يتولاه الجيش خلال هذه الرحلة، لما للمجتمع المحلي والدولي من ثقة به.
وأمام دخول لبنان هذا المسار، تحتاج المرحلة المقبلة إلى مجموعة من التشريعات والخطط التنسيقية بين أجهزة الدولة كافة لنجاح عملية التنقيب، مع الإشارة إلى أنّ لبنان كان قد أطلق دورة تراخيص ثانية من أجل استدراج عروض التنقيب عن الغاز والنفط في البلوكات الثمانية المتبقية.
هدف المؤتمر إلى تسليط الضوء على التحديّات المحتملة جوًّا وبرًّا وتحت البحر، والخروج بتوصيات يقدّمها الجيش، تستفيد منها الدول المانحة وتلك التي تنتمي إليها الشركات النفطية، لفهم حاجات الدولة اللبنانية وجيشها. ومن جهة أخرى، شكّل هذا المؤتمر فرصة لتحدّد الشركات توقّعاتها وما تنتظره من الدولة اللبنانية بالتزامن مع عملية التنقيب، إضافة إلى سعيها داخل دولها مع حكوماتها إلى تقديم المساعدة الضرورية للبنان وإرساء العلاقات الجيدة بين الشركات والمؤسسات الأمنية اللبنانية.
الجيش في خدمة إنجاح هذا الاستحقاق
خلال افتتاح المؤتمر، ألقى قائد الجيش العماد عون كلمة أكد فيها أهمية الخطوات المنجزة في ملف الثروة النفطية اللبنانية، مشددًا على أنّ المؤسسة العسكرية تضع كل جهودها وقدراتها وإمكاناتها وجهوزيتها بتصرف هذا القطاع للوصول إلى النتائج المرجوة التي يعوّل عليها جميع اللبنانيين.
وقال:» رغم أنّ هذا المسار قد يستغرق سنوات للوصول إلى النتائج المرجوة، إلّا أنّ الخطوات المنجزة تعتبر مهمة وأساسية، على أن يُصار إلى إدارة هذا الملف واستثماره بالشفافية المطلقة وفق ما يخدم المصلحة الوطنية العامة، لأنّ هذه الثروة ملك لجميع اللبنانيين الذين يتوقون إلى استعادة ثقتهم بدولتهم ووطنهم».
وأضاف: «في ظلّ التحديات الراهنة الناجمة عن التعقيدات السياسية والاجتماعية والمالية، لا بد من مواكبة هذا الاستحقاق وتوفير كل مقومات النجاح له وبخاصة الأمنية منها، خصوصًا وأنّ الجيش هو الجهة الوحيدة والرئيسة المكلّفة مراقبة المياه البحرية اللبنانية وحمايتها».
وأشار العماد عون في كلمته إلى أنّه مع انطلاق الاستعدادات لأعمال الحفر والتنقيب، لا بد من توفير الظروف السياسية والأمنية الملائمة. وكمؤسسة عسكرية، نعد بوضع كل جهودنا وقدراتنا وجهوزيتنا بتصرف هذا القطاع وبالتعاون مع الوزارات المعنية للوصول إلى النتائج المرجوة، على أمل أن تستقيم المؤسسات الرسمية وينتظم الوضع السياسي لإدارة هذا القطاع بحكمة وشفافية. فالأمن عامل أساس في النمو الاقتصادي وهو مهمتنا الرئيسة، بانتظار تولي الجهات المعنية مسؤولياتها أيضًا».
لاحتضان النتائج
مع أهمية المرحلة المقبلة التي ينتظرها لبنان لما لها من انعكاسات على مستقبله الاقتصادي، من الضروري التحضير على مختلف المستويات لاحتضان النتائج التي يأمل اللبنانيون أن تكون إيجابية وذات جدوى اقتصادية. لكلٍّ دوره ومهماته ومسؤولياته لضمان الظروف المؤاتية والجهوزية اللازمة لنجاح هذا الاستحقاق. وإذ يضمّ الجيش جهوده إلى جهود القطاع الخاص والوزارات المعنية، فإنّ الهدف هو تأمين الجهوزية والتنسيق، لمواكبة المرحلة المقبلة وتحقيق أفضل النتائج التي تعود بالفائدة على وطننا واقتصاده ومستقبل أبنائه.