- En
- Fr
- عربي
تحقيق عسكري
منارة وهدف
فيها يتمرس الضباط والرتباء على مقارعة البحر وأخطاره
في بقعة هادئة على شاطئ مدينة جونيه، تشمخ مدرسة القوات البحرية منارة للعلوم البحرية وهدفاً لمن يرغب في «اجتياح» الأزرق الكبير واكتشاف أسراره، واكتساب سبل التعامل مع أخطاره، ليصبح قادراً على حمايته.
تتأملها من الخارج، فإذ بها تسترخي وسط أجواء من الهدوء والسكينة، يقطعها من حين الى آخر هدير أمواج البحر تتكسر على زوارق السلاح البحري. وما إن تدخلها حتى تتبدل اللوحة كلياً، ففي الداخل خلية نحل وورشة عمل لا تهدأ. فالمدرسة باتت منذ منتصف تشرين الأول تعج بالتلامذة من ضباط ورتباء وأفراد ممن يرغبون بالتخصص في المجال البحري.
قفزة نوعية شهدتها مدرسة القوات البحرية في الآونة الأخيرة، تحدث عنها الى مجلة «الجيش» قائد المدرسة المقدم البحري جوزف واكيم.
حركة تدريب
- تشهد أروقة مدرسة القوات البحرية حركة غير اعتيادية، فما السبب في ذلك؟
- لسنوات خلت اقتصرت مهمة المدرسة على إعداد وتنفيذ مكاتب دراسية نوعية في الاختصاص البحري، وباتت تتطور شيئاً فشيئاً لتشمل اختصاصات جديدة من لغات ودورات غطس ومنقذ بحري وغيرها، الى أن باتت اليوم مسؤولة عن تنشئة تلامذة ضباط وتلامذة رتباء في اختصاص قوى البحر، الأمر الذي يوفّر مبالغ طائلة كانت تدفع سابقاً لإعداد ضباط بحريين في الخارج. وما الحركة التي نراها اليوم إلا شاهد على الدور الذي تلعبه المدرسة حالياً حيث افتتحت فيها مؤخراً ثلاث دورات تدريبية في الوقت نفسه، من ضباط ورتباء وبحريين عاديين.
- هل يمكن إطلاعنا على المزيد عن عملية تنشئة تلامذة الضباط والرتباء في الاختصاص البحري؟
- بدأ مشروع تدريب التلامذة الضباط البحريين في لبنان بدلاً من إرسالهم الى الخارج في العام 2003. وجاء فيه أن التلميذ المتطوّع لصالح البحرية يتابع سنة دراسية في المدرسة الحربية يتعلم خلالها العلوم العسكرية والنظام المرصوص، ثم ينتقل الى مدرسة القوات البحرية لمتابعة التخصص البحري لمدة سنتين، يتم بعدها التخرّج من المدرسة الحربية. وقد تمكنا من تخريج ثلاثة ضباط ملازمين خلال هذا العام، حيث تابعوا دورة تنشئة بحرية كاملة بما فيها الملاحة التطبيقية والإبحار التدريبي على المركب.
أما في ما خص التلامذة الرتباء، فقد وُضع منهاج تخصصهم خلال هذا العام بصيغة مشابهة لعملية إعداد التلامذة الضباط، حيث يتابع التلميذ الرتيب السنة الأولى من تخصصه في مدرسة الرتباء، ثم ينتقل الى مدرسة القوات البحرية لمتابعة سنتين في الاختصاص البحري. وقد باشرنا الدورة الأولى للتلامذة الرتباء في شهر أيلول الماضي، وعندما تظهر نتائجها في نهاية العام الدراسي يتم توزيع الرتباء على ثلاث اختصاصات هي: بحري تقني مناور، وبحري تقني ميكانيكي، وبحري تقني كهربائي.
- هل من شروط معينة ينبغي ان تتوافر في التلميذ الرتيب البحري؟
- يجب على الرتيب البحري أن يلم بمختلف التفاصيل ضمن مركبه من المعدات الخاصة بتسيير المركب الى قطع الغيار وجميع الوسائل التقنية اللازمة لتشغيل المركب بأمان. لذلك نشترط على الذين يتقدمون الى البحرية بصفة تلميذ رتيب أن يكونوا حائزين على شهادة البكالوريا - القسم الثاني وأن يتقنوا اللغات، ذلك أن معظم المراجع العائدة لتقنية المراكب وصيانتها موضوعة بلغات أجنبية.
ملاحة ومناورة ورصد بحري
- ما هي المواد التي تدرّس لكل من تلامذة الضباط والرتباء البحريين؟
- بما أن الضابط البحري مسؤول عن حماية القطاع البحري، فمن الطبيعي أن تكون المواد البحرية من أولى اهتمامات التعليم، ومن ضمنها الملاحة والمناورة والرصد الجوي وعلم البحار والمحيطات والإشارة البحرية والتحسس، إضافة الى تدريب عملي على الإبحار الطويل يقوم خلاله التلامذة برحلة بحرية خارج لبنان لمدة عشرة أيام.
كذلك يتعلم التلامذة البروتوكول المعتمد بحرياً لأن مهامهم تتطلب إلماماً بأصول التعامل مع الداخل والخارج، ونعلمهم أيضاً قوانين البحار المحلية والعالمية مع التدابير الأمنية الواجب اتخاذها في البحر.
إضافة الى ذلك، يتابع التلامذة حصصاً في المواد العلمية من رياضيات ومعلوماتية وميكانيك وكهرباء وتقنية الهندسة وغيرها من العلوم. كما يخضعون لدروس مكثفة في المواد العسكرية والثقافة العامة بمختلف أبوابها.
وبالنسبة الى تلامذة السنة الثالثة، فإنهم يتابعون في نهاية العام الدراسي دورة تمرس على المراكب عبر إبحار بحري يستغرق شهراً كاملاً.
على صعيد التلامذة الرتباء، يتم التشديد في منهاجهم التعليمي على المواد العلمية والتقنية، كما يتابعون العلوم العسكرية وعلم الصحة والقانون الدولي والإنساني إضافة الى دروس في الثقافة العامة واللغتين الإنكليزية والفرنسية.
خبرات المجندين
- من يتولى عملية التدريب والتعليم في المدرسة؟
- في الوقـت الحاضـر، تفـتقر المدرسة الى كادر تعليمي خاص بها، إلا أننا بصدد إعداده بما يتناسب والمهام المطلوبة. حتى ذلك الحين، فإننا نعتمد على الضباط المفصولين من قيادة القـوات البحرية حيث يدرّسون المواد البحرية، وعلى دكاترة من الجامعة اللبنانية تمدّنا بهم المدرسة الحربية، ويتولون تعليم كل ما له علاقة بالثقافة العامة.
ونعتمد بشكل خاص على المـلازمين المجـندين والمعـاونين المجندين من مخـتلف الاختصاصات بما فيـها هندسـة ميكانيك وكهرباء وترجمة ومعلوماتية وغيرها. والواقع ان هؤلاء هم عصب التعليم في المدرسة ويتكفلون بتدريس جميع المواد العلمية. كما نستفيد من خبراتهم في برمجة المواد التعليمية ونقل الكتب الخاصة بتقنية المراكب الى أقراص مدمجة، فنوفّر بذلك كلفة طبعها أو تصويرها وتبقى مرجعاً للتلميذ حتى ما بعد تخرجه.
- هل إن المدرسة مجهزة بالوسائل والمعدات المطلوبة للتعليم؟
- بالرغم من أن المبنى لم يستكمل إنشاؤه بعد، إلا أن غرف التدريس مجهزة بما يلزم من معدات، من بينها وسائل التعليم السمعية - البصرية كالتلفزيون والفيديو والكومبيوتر الشخصي للتلامذة الضباط، إضافة الى مختبر لغات مزوّد بجميع التجهيزات الحديثة.
- أنجزتم الكثير على صعيد تطوير المنهاج والبرامج التعليمية، فهل من مشاريع لاستكمال بناء المدرسة وتحديثها؟
- عندما وضع التنظيم الخاص بالمدرسة في العام 1986، خصص المبنى الحالي لمنامة التلاميذ وللمطاعم والنوادي، على أن يتم إنشاء مبنى آخر للدروس، غير أن الإمكانـات المادية لم تتـوافر لإنجـاز المشـروع وبالـتالي فقـد آلـت الأمور الى ما هي عليه.
حالياً، نسعى الى إعادة إحياء الخرائط القديمة، وقد أعددنا دراسة للمبنى كما قمنا بتحضير نظام داخلي جديد سيرفع الى قيادة الجيش لتتم دراسته وإقراره.
متى ولماذا
تأسست مدرسة القوات البحرية في العام 1927، وكانت مهمتها الأساسية إعداد وتنفيذ المكاتب الدراسية النوعية في الاختصاص البحري. منذ بداية التسعينات، تطوّرت برامج المدرسة وازداد عدد الدورات فيها، وقد نفذت منذ ذلك الحين عشرات الدورات التدريبية في مختلف المجالات من بينها: دورة منقذ بحري، دورة تمرس لتلامذة ضباط بحريين، دورات غطس وشيفرة وسوق، دورة لغات، دورة تمرس على الرادار، اضافة الى المكاتب الدراسية النوعية.
عطاء مشكور
تبرّع المغترب فيصل سركيس بمبلغ 8 ملايين ليرة، ورجل الأعمال انطوان سلامة بمبلغ 5 ملايين ليرة، لدعم عائلات شهداء الجيش.
تصوير:المجند بشير محيي الدين