- En
- Fr
- عربي
مكافحة الإرهاب
صحيح أن الإرهاب متنوّع المصادر واسع الانتشار، بحيث اكتسب صفة العالمية، نظرًا إلى أخطاره الشاملة وقدرته على التسلّل إلى أيّ بلدٍ من بلدان العالم، إلاّ أننا لا ندّخر جهدًا في سبيل مواجهته، ونحن بهذه المواجهة، إنّما ندفع به، ليس عن مجتمعنا فحسب، إنّما عن كلّ المجتمعات الإنسانية، بنسبة أو بأخرى، ووفق الإمكانات المتوافرة.
من هنا ومنذ زمن بعيد، ينبّه الجيش إلى هذا الخطر على وحدة الوطن، واستقراره الأمني والاقتصادي والاجتماعي، متصديًا له بكلّ قوةٍ وحزم، وقد كانت له في ذلك معارك كبيرة في محطات متفرّقة، إذ سالت دماء الكثير من العسكريين واستشهد بعضهم في مواجهات بطولية مختلفة، سطّرت مجد الوطن في تاريخه الحديث، وعزّزت الثقة بين المواطنين ومؤسساتهم، وعمّقت ارتباطهم بتراب بلادهم.
إن الإجراءات المكثّفة التي اتخذها الجيش خلال السنوات الأخيرة ولا يزال، في إطار مكافحة الإرهاب، ليست ردّات فعل عابرة، إنها أسلوب عمل واضح وثابت، أسلوب نصّت عليه القوانين، قوانين مؤسسة الشرف والتضحية والوفاء، وإنها كذلك حاجة وطنية استراتيجية، يمليها الإيمان بوحدة الوطن ورسالته كنموذجٍ للعيش المشترك بين مختلف الطوائف والمذاهب، في منطقةٍ تشهد تحوّلات تاريخية، وتعصف بها رياح الأزمات والفوضى غير المسبوقة.
لقد أدّت تلك الإجراءات إلى تراجع الاعتداءات على الوطن والمواطنين، من اغتيالات وتفجيرات، سواء ما كان يتمّ منها بواسطة سيارات الموت المتنقلة من مكان إلى مكان، أو ما كانت الأيدي الآثمة تزرعه هنا وهناك، مجنّبةً البلاد الكثير من المآسي والويلات، ومانعةً استدراج أبنائها إلى الفتنة التي طالما خطّط لها أعداء الوطن.
المراكز العسكرية كانت وما زالت بالمرصاد، عيون ساهرة وإرادات مصرّة على رعاية الأمل في القلوب، وضمان الحياة الآمنة والكريمة. لقد باتت كرامة اللبنانيين مرتبطة بالأمن والاستقرار، والأمن في ارتباطه بالإجراءات العسكرية، لا يمكن له أن يستغني عن المواقف السياسية المسؤولة، سواء لجهة رفع الغطاء عن الخارجين على القانون، أو لجهة الحدّ من التشنّجات الفئوية، حزبيّة أو مذهبية. والقيادة في خضمّ إجراءاتها الجدّية والفعّالة، لا يغيب عن بالها أنها تخوض أعمالاً أمنية داخل البلاد، بين الأحياء والمساكن، وأنها تتعامل في كثير من الحالات مع مواطنين هي مسؤولة عنهم في الأساس. إنّ وجود الغريب، ووجود المواطن المشاغب المرتكب، لا ينسينا المواطن الصالح، من هنا ضرورة الوعي والتبصّر، والانتباه والحذر في أثناء سلوك الطريق بين هؤلاء، تجنبًا لإلحاق الضرر بأبناء الوطن الطيّبين، وغالبًا ما تلحق بالعسكريين أضرار يتلقونها نيابةً عن غيرهم، فالجندي هو مواطن مسؤول قبل كلّ شيء، وبندقيته محكومة بالعقل، وليس بالعاطفة العابرة أو التسرّع والتهوّر وما إليهما.